لاعبون بلا عقود يتقاضون رواتب زهيدةكشفت الفوارق الكبيرة التي باتت تسيطر على كرة القدم العالمية الوجه الحقيقي لهذه اللعبة الشعبية، باعتبار البون الشاسع بين اللاعبين في مختلف الدوريات العالمية، سيما على مستوى العقود والرواتب.العرب [نُشر في 2017/04/06، العدد: 10594، ص(22)]النيجيري أوتشيبو يعاني مع نادي بوافيستا كينشاسا - باتت كرة القدم تجسيدا مثاليا للقول إن “ليس كل ما يلمع ذهبا”. ففي مقابل الملاعب البراقة والعائدات الخيالية، يجد لاعبون أنفسهم بلا عقود أو رواتب، أو يتقاضون مبالغ زهيدة، في انعكاس لفارق متسع في اللعبة الشعبية الأولى. فعلى سبيل المقارنة، يتقاضى أفضل لاعب في العالم البرتغالي كريستيانو رونالدو 45 دولارا في الدقيقة يوميا من جراء تعاقده مع نادي ريال مدريد الإسباني. في المقابل فإن “زميله” مبيدي مهاجم نادي “آي سي ريال” في جمهورية الكونغو الديموقراطية يلعب بلا عقد أو راتب. ويقول مبيدي (26 عاما) “أتقاضى 25 دولارا عن كل مباراة نفوز بها (…) إذا تعادلنا أو خسرنا، فلا أتقاضى شيئا”. يتمرن اللاعب مع ناديه مرتين أسبوعيا، وفي كل مرة، يمنح 79 سنتا أميركيا كبدل تنقل لكل حصة تدريبية. ويضيف “في العامين 2008 و2009، كنا أبطال الدوري (المحلي)، ورغم ذلك كنت أتقاضى أيضا 25 دولارا، لا أكثر ولا أقل”. وحسب “فيفبرو”، وهي بمثابة نقابة عالمية للاعبين، تعد حالة مبيدي القاعدة بدلا من أن تكون الاستثناء. وحسب دراسة نشرها في نوفمبر عن 14 ألف لاعب في 54 دولة، لا يتقاضى نحو 41 بالمئة من لاعبي كرة القدم المحترفين رواتب، ويتقاضى 45 بالمئة منهم أقل من ألف دولار شهريا. ويقول المتحدث باسم “فيفبرو” أليكس داف، إن “الرواتب الكبرى تمنح لأقلية في عالم كرة القدم”، مضيفا “الاعتقاد بأن غالبية لاعبي كرة القدم يعيشون حياة من البذخ هو كالقول إن كل الممثلين هم نجوم في هوليوود”. ولا تقتصر المعاناة على أفريقيا بل تطال القارة العجوز أيضا، وتحديدا البرتغال التي أحرزت العام الماضي كأس أوروبا في كرة القدم. ففي نوفمبر الماضي، تصدّر نادي بوافيستا عناوين الصحف بعد تصريح للاعبه الدولي النيجيري مايكل أوشيبو (26 عاما) إنه لم يتقاض راتبه منذ ثمانية أشهر بسبب نزاع مع الإدارة. وقال حينها إن النادي “يعاملني كعبد (…) أنا أموت بصمت من دون أن يساعدني أحد”، ونشر أشرطة حول محاولته تجاوز حراس النادي لدخول قاعته الرياضية، من دون أن ينجح في ذلك.في الأرجنتين، وجه دييغو مارادونا انتقادات لاذعة للسلطات الكروية في بلاده على خلفية أزمة عدم تقاضي اللاعبين لرواتبهم وفي حين لم يعلق نادي بوافيستا على القضية، سبق لرئيسه ألفارو براغا أن اتهم اللاعب بعدم قول الحقيقة ورفض عرضا لانتقاله إلى ناد آخر. ووافق اللاعب النيجيري في يناير على إنهاء عقده مع بوافيستا، من دون أن يتضح ما إذا كان قد نال أي تعويض. في فنزويلا، انعكست الأزمة الاقتصادية بشكل سيىء على دوري كرة القدم المحلي، كغيره من القطاعات في البلاد. وأبلغ لاعبون “فيفبرو” أنهم يتقاضون راتبا يوازي 200 دولار شهريا، إلا أنهم يفضلون الحصول على عقود قصيرة الأمد بسبب نسبة التضخم المتصاعدة التي تقضي سريعا على القيمة الشرائية لمستحقاتهم المالية. ويقول لاعب قدّم نفسه باسم خوسيه “بعد ستة أشهر يصبح راتبك بلا قيمة. من الصعب أن تؤمّن ما تحتاج إليه”. وفي الأرجنتين، وجّه دييغو مارادونا انتقادات لاذعة للسلطات الكروية في بلاده على خلفية أزمة عدم تقاضي اللاعبين رواتبهم لأشهر عدة، ترافقت مع فضائح فساد على مستوى واسع وإضراب للاعبين لأيام. كما دق النجم العاجي الدولي السابق ديدييه دروغبا جرس الإنذار دفاعا عن لاعبين “لم يمنحوا وضعا قانونيا” في بلاده. كما أن الغابون ترد بشكل متواصل على لائحة “فيفبرو” للدول التي تعتبر من الأخطر بالنسبة إلى لاعبي كرة القدم في العالم. ويقول الاتحاد إن لاعبا من أربعة تعرّض للتعنيف الجسدي في الغابون، وأن ثلث اللاعبين على الأقل تلقوا تهديدات من المشجعين. كما يبدي “فيفبرو” قلقه على لاعبين في دول بوسط أوروبا وشرقها، إذ حذر على سبيل المثال في وقت سابق هذه السنة، اللاعبين من التوقيع مع أندية صربية. ويوضح داف إن اللاعبين المحترفين يحظون بشروط مقبولة في دول قليلة في أوروبا وأميركا الشمالية فقط، مشيرا إلى أنه حتى في هذه الدول، يعاني معظم اللاعبين لتأمين كلفة المعيشة وإعالة عائلاتهم. وللتذكير فقد نشرت صحف إسبانية تقريرا عن الرواتب السنوية لأشهر مدربي الأندية في أوروبا والعالم، في قائمة ضمت 9 مدراء فنيين من أصحاب الرواتب العالية خلال الموسم الجاري 2016-2017. ومن اللافت للنظر في القائمة أن مدربي الأقطاب الثلاثة للكرة الإسبانية أندية برشلونة وريال مدريد وأتلتيكو مدريد، قد احتلوا مراكز متأخرة في سلم ترتيب التسعة الأوائل على الصعيد العالمي، رغم أن أنديتهم تهيمن بشكل مطلق على الملاعب الأوروبية في المواسم الأخيرة ومرشحة للاستمرار في هذه السيطرة حتى إشعار آخر من خلال احتكارها للقب دوري أبطال أوروبا منذ عام 2014. وتكشف رواتب مدربي الأندية الثلاثة لبطولة الدوري الإسباني، أنه في الوقت الذي تمنح نجومها رواتب سنوية ضخمة هي الأعلى بين رواتب اللاعبين في العالم، فإن الأمر يختلف مع مدربيها الذين يتقاضون أجورا سنوية زهيدة مقارنة بنظرائهم في بطولة الدوري الإنكليزي.
مشاركة :