تحقيق: مها عادل كان، ولا يزال الاتجاه في اختيار ألوان دهانات الحوائط من الألوان الهادئة الفاتحة، التي تمنح المكان اتساعاً أكبر، وتهدئ الأعصاب، وتبرز ألوان الأثاث التي تكون في أغلب الأحيان مزركشة، أو داكنة اللون، ولكن بعض الاتجاهات الحديثة في كتالوجات ديكور 2017 وصرعاتها في مجال أحدث صيحات الديكور المنزلي، تتمرد بشكل واضح على هذا النمط، وتهتم بشكل أكبر بالألوان الداكنة على الحوائط، لتعطي انطباعاً أقوى وأكثر جرأة، وتبرز التضاد في الألوان، وتسمح بوضع لمسات شخصية مميزة لغرفة محددة، أو لجميع غرف المنزل. اختيار الألوان الداكنة في دهان الجدران ليس اتجاهاً جديداً، إذ استخدمه خبراء الديكور في مواسم عدة، ولكن بشكل جزئي، لإبراز اللون الرئيسي للغرفة، أو القاعة الذي غالباً ما يكون اللون الأفتح، كأن يُدهن حائط بعينه بلون داكن مغاير، أو بعض المساحات السفلى أو العليا، لإحداث تأثير بصري معين، ولكن الاعتماد بشكل كامل على الدرجات اللونية القاتمة لدهان الغرفة، أو القاعة بكاملها، لم يكن اتجاهاً مألوفاً، أو شائعاً حتى وقت قريب، واليوم أصبح هناك أعداد متزايدة من المتخصصين والجمهور تقبل على استخدامها بشكل جريء، للحصول على مظهر غير تقليدي للمساحات الواسعة، أو إبراز قطع معينة من الأثاث، وساعدهم في ذلك أن مصانع الدهانات أدركت حاجة الناس للتغير، فأصبحت أكثر انفتاحاً على تقديم درجات لونية داكنة من جميع الألوان. سميحة غالي، خبيرة تصميم داخلي، تروي خبراتها مع الألوان الجريئة الداكنة، قائلة: «يعتقد الناس أن ألوان الجدران يجب أن تتناغم مع الأثاث، وهذا في حد ذاته أمر صحيح جزئياً فقط، فالمحدد الأهم لاختيار لون الجدران، هو الإضاءة وطبيعتها داخل الغرفة، هل سيتم الاعتماد بشكل أساسي على الإضاءة الطبيعية معظم ساعات النهار، أم ستكون الإضاءة الصناعية هي الأساس، وهل سنعتمد على الإضاءة المباشرة القوية، كما في غرف المكتب، أم على أنماط متعددة من الإضاءة التي تتنوع بين السطوع والخفوت، وما اللون الذي ستعكسه الإضاءة.. هل سيكون الأبيض، أم سيتم تطعيمه بلمسة من البرتقالي، لتحاكي نور الشمس الطبيعي؟».وتضيف: «الإضاءة هي العنصر الأساسي الذي يجب أن يتحكم في لون الجدران، ولذلك فهي العنصر الأهم الذي ينظر إليه خبير الديكور، وهو يحاول اختيار اللون المناسب للجدران، فيبحث عن شكل النوافذ، وهل توفر مساحات كبيرة للإضاءة الطبيعية المباشرة، وما درجة السطوع المتاحة داخل الغرفة أو البيت؟ ومن ثم يصبح استخدام الألوان الداكنة فعالاً وملائماً في الجدران التي تنعكس عليها أشعة الشمس، أو تواجه النوافذ لتقلل من تأثير الإضاءة الطبيعية المباشرة وتتحكم فيها».وتوضح: «ألوان دهانات الجدران، يجب أن تتصف بالمرونة الكافية لتتعامل مع المعطيات المختلفة التي نراها على أرض الواقع، فلا يكفي اختيار الألوان على أوراق الرسم الهندسي فقط، وإنما الاهتمام بالمعاينة ورصد الإضاءة الطبيعية وحجمها، ومدى سطوعها قبل إعطاء النصيحة النهائية للعميل، في ما يخص ألوان الجدران». ويقول المهندس أحمد خيري، مدير إحدى شركات المقاولات المتخصصة في التشطيبات والديكور الداخلي: «تنقسم المجموعات اللونية التي يختارها العميل عادة إلى 3 أقسام، فهناك ألوان قوية تمنح الثقة، وأخرى بسيطة وغير متكلفة، وثالثة مريحة للعين يسهل تنسيقها مع الألوان الأخرى». ويضيف: «عادة يختار العميل الألوان التي يراها مناسبة أكثر لشخصيته، أو نوعية الأثاث الذي ينوي وضعه وتوزيعه في المكان، وفي كتالوجات 2017 هناك العديد من الألوان المريحة، التي خصصت من أجل الباحثين عن الراحة والاسترخاء، وقد صنعت من أجل الأشخاص الذين يستلهمون طاقاتهم الإيجابية من النظر إلى ألوان الباستيل الهادئة، وتضم اللون الوردي والأخضر والليموني الهادئ، وغيرها».ويتابع: «معظم الألوان يوجد لها نظيرها القاتم، ليمنح الأشخاص الأكثر جرأة حلولاً وتوظيفاً أكثر اتساعاً لألوان الجدران، فعلى سبيل المثال: عندما تكون هناك قاعة استقبال واسعة مستطيلة الشكل يمكن استخدام اللون الهادئ ونظيره الداكن في تقسيم القاعة إلى مربعين غير متساويي المساحة، فيكون الجزء الأكبر باللون الهادئ، والأصغر بالداكن، ومع توزيع الأثاث وقطع الديكور يمكن أن يكون الناتج النهائي مذهلاً، حيث يمنح ذلك المكان اتساعاً غير متوقع، ويجعل القاعة تتحول إلى مساحتين للاستقبال منفصلتين، بقدر ما هما متصلتان، وهذا النوع من التأثيرات البصرية والنفسية للديكور يجعل المصمم المحترف أكثر حرية، وهو يتعامل مع المساحات الواسعة ويختار ألوان جدرانها، إذا ما وافق العميل على ذلك».تتحدث حصة عبدالله، ربة بيت بالشارقة، عن تجربتها مع اختيار الألوان الداكنة بمنزلها، قائلة: «قررت تجديد ألوان الدهانات بمنزلي في العام الماضي، وفاجأت زوجي باختيار اللون الأخضر الداكن لأحد جدران غرفة الاستقبال لإضفاء جو من الحيوية والنضارة على جو المنزل، وتماشياً مع الاتجاهات الجديدة في موضة ألوان الدهانات وبعد تنفيذه، وعلى الرغم من اعتراض زوجي في البداية على اللون الداكن والغريب على أعيننا، فإنه غيّر شكل المنزل تماماً، وأعطى حيوية وروحاً مختلفة للمكان، وأبرز بقية ألوان الجدران الأخرى، بشكل أكثر أناقة ورقياً، خصوصاً أنني حرصت على تماشي ألوان الجدران مع الأثاث والمفروشات، فأصبح هذا الركن مميزاً ويتمتع بشخصية وأضفى تجديداً حقيقياً للغرفة».وتعرب نورين السالمي، موظفة بدبي، عن سعادتها بتلك الأفكار الجديدة والتحديثات التي طرأت على مجال ألوان الدهانات وتنوع درجات الألوان وازدياد الخيارات الممكنة، إذ لم تعد الخيارات محصورة في الألوان التقليدية، مثل الأبيض والبيج والرمادي الفاتح فقط، بل أصبح هناك مساحة أكثر للإبداع والتلاعب بالألوان والتناقضات بينها.تقول: «أصبح يمكننا الاختيار بين اللون البرتقالي الداكن، أو الأزرق، أو الأحمر والأخضر، وبالطبع هذا تنوع يضيف للمكان حداثة وتجدداً ويرضي كل الأذواق، ولهذا اختار أطفالي الذكور اللون البرتقالي لدهان غرفتهم، واختارت ابنتي الأحمر، وزينت الغرفة بلوحات وأثاث ومفروشات تتماشى مع هذه الألوان وتبرزها».
مشاركة :