السيسي يكسب رهان استمرار المساعدات العسكرية الأميركيةأمّنت زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة الأميركية تواصل المساعدات العسكرية الأميركية للقاهرة في أول اختبار للتحالف الاستراتيجي بين البلدين والذي من المنتظر أن يتعزز لمجابهة ظاهرة التطرف بالمنطقة.العرب سعيد قدري [نُشر في 2017/04/07، العدد: 10595، ص(2)]تنحية الخلافات القديمة جانبا القاهرة - أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أنه تلقى وعدا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستمرار المساعدات العسكرية لمصر والتي تقدر بنحو 1.33 مليار دولار سنويا. وتتلقى مصر ثاني أكبر مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية بعد إسرائيل، إذ تبلغ قيمة هذه المساعدات 1.3 مليار دولار إضافة إلى مساعدات أخرى بقيمة 150 مليون دولار دعما للاقتصاد. وقال علاء يوسف، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن اللقاءات التي عقدها السيسي في وزارة الدفاع الأميركية الأربعاء كانت مهمّة جدا، ولفت إلى أن التعاون العسكري يعد من أهم ركائز العلاقات بين الدولتين حاليا. وأكد أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس سيزور القاهرة خلال الشهر الجاري لبحث مواصلة دعم هذا التعاون المشترك في المجالات الأمنية والعسكرية. وأوضح أن الجانبين أكدا تطلعهما لتعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين لا سيما وأن هذا التعاون ساهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط. واختتم السيسي الخميس زيارة إلى واشنطن استمرت 5 أيام، وأوحت عدة تصريحات من الجانبين بأن واشنطن تعول على القاهرة كثيرا مستقبلا للمساعدة في حل بعض القضايا العالقة بالمنطقة. وكان التفاهم في ملف مكافحة الإرهاب ظاهرا في لقاءات الرئيس المصري مع المسؤولين الأميركيين، لكن لم يتم الكشف عن خطوات محددة تعكس عمق هذا التفاهم على الأرض. وتخوض مصر حربا ضد عناصر إرهابية في سيناء منذ ثلاث سنوات، حققت فيها تقدما كبيرا على جماعات متشددة دون أن تحسمها بصورة نهائية. وتعتمد القاهرة على الولايات المتحدة في تقديم المزيد من المساعدات العسكرية بما يعينها في حربها ضد الإرهاب في سيناء، وتنتظر منها مدّها بأسلحة ومعدات ذات تقنية عالية لتضييق الخناق تماما على الشبكات المتطرفة. وضاعفت الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة، كما ضاعفت من طلعاتها الجوية بطائرات من دون طيار وزادت من عمليات استهداف العناصر الإرهابية في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال. وفي مستهل زيارة السيسي لواشنطن عمدت بعض وسائل الإعلام المصرية إلى الترّويج لتفاهمات عسكرية بين واشنطن والقاهرة، لكنها لم تكشف عن فحواها ومكوناتها، ثم تراجع الحديث عن هذه المسألة، الأمر الذي أعطى انطباعات بأن التعاون والتنسيق العسكريين بين البلدين لا يزالا يحتاجان لتحركات أخرى تضعهما على الطريق الصحيح. وقال نصر سالم الخبير العسكري لـ“العرب”، إن المساعدات الأميركية لمصر ستكون غير مسبوقة في ظل الإدارات السابقة، وأن هناك انسجاما في الرؤية بين السيسي وترامب بشأن التعامل مع التهديدات الإرهابية في كل من ليبيا وسوريا والعراق.ضغوط مصرية في اتجاه زيادة قيمة المساعدات والاستفادة من فارق ارتفاع أسعار المعدات العسكرية في السوق العالمية وتوقع أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية أن تكون هناك سياسة مشتركة بين القاهرة وواشنطن في ليبيا، ملمّحا إلى عدم استبعاد رفع الحظر المفروض على توريد السلاح رسميا إلى ليبيا. وأكد السيسى خلال مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأميركية عدم تردد مصر في “مساعدة الدولة الليبية لإنقاذها من أتون الحرب ضد التنظيمات المتطرفة”، مبديا رغبته في تحرك إيجابي فيما يتعلق بليبيا، محذرا من فراغ استراتيجي آخر قد يضرّ المنطقة. وأكد سالم أن اقتناع ترامب باستمرار المساعدات الأميركية لمصر وربما زيادتها يعزز الكلام حول تطور العلاقات مع الولايات المتحدة، وأن واشنطن أصبحت أقرب إلى رؤية القاهرة في دعم الجيوش النظامية ومكافحة الإرهاب في المنطقة بصورة شاملة والتخلي عن النظرة الانتقائية السابقة. ويذكر أن الرئيس المصري كرّر في أكثر من مرة ضرورة دعم الجيوش النظامية في باعتبارها تعد ضمانة مهمّة لمنع الانفلات والفوضى في المنطقة. وأشار الخبير المصري إلى أن إدارة ترامب تميل إلى تفعيل صيغة قديمة في ملف المساعدات الأميركية، كان الرئيس السابق باراك أوباما قد ألغاها تقوم على زيادة المعونة لمصر عندما تحتاج ذلك ثم خصم قيمتها من حصة القاهرة في سنوات قادمة. وتضغط القاهرة في اتجاه زيادة قيمة المساعدات التي تم إقرارها منذ توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979، والاستفادة من فارق ارتفاع أسعار المعدات العسكرية في السوق العالمية، والتي جعلت قيمة 1.3 مليار دولار التي تمنحها واشنطن للقاهرة لا تفي بالغرض المطلوب منها. وشكك مهدي عفيفي، عضو الحزب الديمقراطي الأميركي سابقا، في قدرة ترامب على زيادة المساعدات الأميركية لمصر، لأن اتجاه الكونغرس نحو خفض ميزانية البرامج الأميركية الخارجية (ماعدا إسرائيل) سوف يظل سيفا على رقبة ترامب، ملمّحا إلى أن بقاء المساعدات العسكرية كما هي سيكون “إنجازا مهمّا للرئيس السيسي”. وقال عفيفي لـ“العرب” إن نتائج زيارة الرئيس السيسي لواشنطن أفرزت مؤشرات إيجابية، ومنحت انطباعا جيدا بشأن تطوير التعاون المصري الأميركي في الفترة القادمة. وأضاف أن القرار الأميركي ليس في يد الرئيس ترامب وحده، وهناك مؤسسات ربما تعمل إدارة ترامب على إقناعها لتغيير نظرتها بشأن المساعدات الأميركية لمصر، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة. ونصح عفيفي القيادة المصرية بالعمل على إقناع المؤسسات المتعددة والمركبة لصناعة القرار في أميركا بأنها جديرة بالحفاظ على المساعدات وزيادتها، مقارنا بين قدرة إسرائيل على اختراق الكثير من المؤسسات وغيرها من الدول.
مشاركة :