خلال بضعة أيام، كانت صورة الأطفال الذين قتلوا في هجوم كيميائي في سوريا كفيلة بنسف مبدأ دونالد ترامب، عدم التدخل عسكريا ضد النظام السوري. ويبدو أن الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين يقرر استنادا إلى حدسه. بدا المرشح ترامب في صورة البراغماتي وصرح في سبتمبر/ أيلول 2016، «لا أحب الرئيس السوري بشار الأسد.. لكنه يقتل تنظيم داعش». والأربعاء، غداة القصف بالغازات السامة الذي تعرضت له بلدة خان شيخون ونسب إلى الطيران السوري، بدا الرئيس الأمريكي متأثرا. وقال في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، «أعتقد أنني شخص مرن جدا» في مقاربة المشاكل. وأضاف، «أنا فخور بهذه المرونة. صدقوني، إن هجوم الأمس على أطفال أثر علي في شكل كبير، كان له تأثير كبير. كان فظيعا، فظيعا». وتابع، «من الممكن جدا أيضا أن أكون قد بدأت أغير موقفي حيال سوريا والأسد». وصعد خطابه الخميس بقوله، «حتى أطفال جميلون قتلوا في شكل وحشي في هذا الهجوم الهمجي للغاية. يجب ألا يعاني أي من أطفال الرب مثل هذا الرعب أبدا. الليلة أمرت بتنفيذ ضربة عسكرية محددة الهدف في سوريا على المطار الذي شن منه الهجوم الكيميائي». قرار يشكل قطيعة مع الاستراتيجية الأمريكية التي اعتمدت أخيرا لأنها المرة الأولى تهاجم واشنطن نظام الرئيس السوري.«أنا غالبا على حق» .. طوال أشهر، وصف رجل الأعمال منافسته في المعركة الانتخابية هيلاري كلينتون، بأنها تريد الحرب مهما كان الثمن، مصرا على شعاره «أمريكا أولا». في رأيه أن العدو يبقى تنظيم «داعش»، وما دام الأسد يقاتل الإرهابيين فهذا لا يتعارض والمصالح الأمريكية. وصرح قبل عام لصحيفة «نيويورك تايمز»، أنه ليس من واجب الولايات المتحدة في عهده أن تدافع عن حقوق الإنسان في شكل منهجي، مضيفا، «هذا يتوقف على البلد». وهكذا، يعلق ترامب منذ وقت طويل أهمية كبرى على الحدس. وكان يعتبر أن كلينتون «حدسها سيء» في كل الأمور. تباهى على الدوام بأنه يتمتع بحدس استثنائي. وخلال حملته، أكد أنه يعرف تنظيم «داعش»، أكثر من الجنرالات الأمريكيين. وقال لمجلة «تايم» قبل بضعة أسابيع، «أنا شخص يعتمد كثيرا على الحدس، وهو غالبا على صواب. الجميع قالوا إنني سأخسر الانتخابات لكنني كنت أقول أنني سأربح. أنا غالبا على حق». ويبدو أن عاملا آخر ساهم في تسريع قرار توجيه الضربة، الرغبة في إثبات قوته بعدما أخذ على سلفه باراك أوباما، إحدى أكبر السيئات في نظره، الضعف. حين تراجع أوباما عن ضرب سوريا العام 2013، بعد هجوم كيميائي خلف 1400 قتيل، أسف ترامب لتداعيات تردد الرئيس الديمقراطي على الصدقية الأمريكية، معتبرا أن «الصين وروسيا وإيران تسخر منا». لكنه أمل في المقابل في «ألا يقوم الرئيس أوباما بشيء غير عقلاني أو خطير لحفظ ماء الوجه». وبعدما أثبت اليوم أنه يستطيع التحرك سريعا، تطرح تساؤلات بالجملة عن المبادىء السياسية وتجانس الاستراتيجية الأمريكية ليس فقط في سوريا بل أيضا في مواجهة التحديات الأخرى للسياسة الخارجية كما في إيران وكوريا الشمالية. فهل تتدخل الولايات المتحدة عسكريا حتى لو كانت لا تتعرض لتهديد مباشر؟ هل لا يزال التقارب مع روسيا واردا؟ وهل على الكونجرس الذي يمنحه الدستور سلطة «إعلان الحرب»، أن يصوت على إذن باستخدام القوة؟. في الماضي، طالب ترامب بأن تكون للكونجرس كلمته في العراق أو سوريا، لكن قادة الجيوش يرفضون عموما تقييد سلطاتهم العسكرية. وقال لاري ساباتو المحلل السياسي في جامعة فرجينيا لوكالة «فرانس برس»، «يجب ألا يفاجأ المرء بكون ترامب غير رأيه، لقد بدل موقفه حيال كل القضايا». وعلى الساحة السياسية الداخلية، لن يكون الوضع أقل التباسا. لقد رفض الرئيس الأمريكي دائما أن يكشف أوراقه على الصعيد السياسي والجيوسياسي. وصحيح أن النواب الأمريكيين لا يعترضون على ذلك، لكنهم يطالبونه بإلحاح بتوضيح مبادئه الاستراتيجية.أخبار ذات صلةرئيس وزراء كندا تحدث إلى ترامب بشأن الضربة السوريةترامب يشيد «بتقدم هائل» في المحادثات مع الرئيس الصينيأردوغان: الضربة الأمريكية في سوريا «إيجابية» لكن ليست كافيةشارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :