اعتبر مراقبون أن زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي العاصمة الأميركية التي استمرت أسبوعاً، التقى خلالها في البيت الأبيض للمرة الأولى الرئيس دونالد ترامب فضلاً عن لقاء أركان الإدارة الجديدة المدنيين والعسكريين وقيادات الكونغرس ورجال المال والأعمال، «فاتحة لمرحلة جديدة» في العلاقات بين البلدين. وتوترت العلاقات المصرية- الأميركية علناً بعد تعليق واشنطن جزءاً من المساعدات العسكرية المقدمة للقاهرة، التي تقدر بـ1.3 بليون دولار، في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2013، رداً على عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وانتهى التعليق تدريجياً حتى في وجود إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لكنه لم يُظهر دعماً واضحاً لمصر. توتر العلاقات بين البلدين لم تكن بداياته عزل مرسي ولا حتى مطالبة أوباما لمبارك إبان تظاهرات ميدان التحرير في كانون الثاني (يناير) من العام 2011، بأن «يرحل فوراً»، لكن هذا التوتر ظهر مع تصدر قضايا «حقوق الإنسان» ملف العلاقات الثنائية إبان إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن، وهو ملف ظل مثاراً لشد وجذب على مدى 15 عاماً، حتى توارى إلى حد كبير خلال محادثات السيسي الأخيرة في واشنطن، التي تصدرها وفق بيانات رئاسة الجمهورية ملفات مكافحة الإرهاب والقضايا الإقليمية والدولية. وخلال وجود الرئيس المصري في واشنطن تردد على نطاق واسع الحديث عن «مرحلة جديدة» في العلاقات بين البلدين، على لسان مسؤولين في البلدين. وقال المتحدث باسم الرئاسة السفير علاء يوسف، إن لقاء السيسي وترامب «دشن مرحلة جديدة» من العلاقات، لافتاً إلى أن الجانب المصري لمس خلال لقاءات الرئيس مع مسؤولي الإدارة الجديدة اهتماماً كبيراً بتعزيز العلاقات وفتح صفحة جديدة فيها. وأشار يوسف خصوصاً إلى اللقاءات التي عقدها الرئيس السيسي في وزارة الدفاع الأميركية كون «التعاون العسكري من أهم ركائز العلاقات الثنائية»، فضلاً عن الرغبة المشتركة في التعاون في مكافحة الإرهاب. وسيزور وزير الدفاع الأميركي مصر الشهر الجاري لمواصلة البحث في دعم التعاون المشترك في المجالات الأمنية والعسكرية. وقال الملحق الصحافي في السفارة الأميركية في القاهرة براين شوت في لقاء مع صحافيين مصريين أول من أمس، إن الزيارة كانت فرصة لتوطيد العلاقات والشراكة بين البلدين، موضحاً أن «هزيمة داعش» من الأولويات الرئيسية للإدارة بالنسبة لسياساتها في المنطقة، ومصر شريك أساسي في تلك السياسة. وأوضح أن «التعاون الأمني بين مصر والولايات المتحدة مهم، وهو حجر أساس للعلاقات الثنائية». وقال السفير المصري السابق في واشنطن عبدالرؤوف الريدي، إن النتائج التي ستترتب على هذه الزيارة لا يمكن فصلها عن الأجواء التي رافقت لقاءات الرئيس السيسي في أميركا، وهي أجواء كانت موجودة خلال بدايات حكم مبارك وزياراته الأولى لأميركا، لكنها توارت بعد ذلك لعقود. وأضاف الريدي أن «الزيارة بلقاءاتها وما رافقها من أجواء تشير بالفعل إلى مرحلة جديدة في العلاقات. قضايا المنطقة كلها مشتعلة، ويبدو أن قضية الإرهاب هي القضية المحورية والأساسية في العلاقات، فضلاً عن قضية فلسطين وأيضاً العلاقات الثنائية». وأوضح أن «الرئيس الأميركي الجديد تتشكل قناعاته ومفاهيمه وتصوراته حول المنطقة ومهم جداً في هذه المرحلة أن يحضر الرأي المصري». ولفت إلى أن «الأجواء والوقائع مهمة جداً في استشراف نتائج الزيارة. الرئيس يزور البيت الأبيض ويعقد لقاءات مع أركان الإدارة ويتم استقباله في شكل جيد جداً في البنتاغون، ويذهب إلى الكونغرس ويجتمع مع قياداته. تلك الأجواء كانت موجودة في بدايات فترة مبارك وبدأت تتوارى مع قدوم بيل كلينتون. أجواء الزيارة في حد ذاتها مهمة جداً لكن الأمر يتطلب متابعة لتعزيز تلك النتائج». وأشار إلى أن «فترة أوباما للأسف كانت سلبية جداً مع مصر. أوباما أصبح نهجاً وعزز التيارات المتشددة التي ظهرت في المنطقة مع الغزو الأميركي للعراق. هذا الغزو كان بداية الكارثة، ولما كُشف زيف ادعاء امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، بدأ الحديث عن حجة الديموقراطية، لتتوتر العلاقات مع مصر في شكل تدريجي». وأوضح أن زيارة السيسي دشنت لمرحلة جديدة «لأن المرحلة السابقة كانت سلبية جداً ومرحلة دمار لهذه المنطقة، لأن تلك المرحلة تبدأ من منحى سيء جداً وسلبي». وتوقع الريدي استئناف المناورات العسكرية بين مصر وأميركا. وقال: «من الممكن جداً استئناف تلك المناورات واعتقد أن هذا سيحدث قريباً. زيارة الرئيس للبنتاغون والأجواء التي رافقتها يمكن من خلالها توقع النتائج، هذا الاستقبال عكس قوة العلاقات العسكرية بين البلدين. دائماً العسكرية الأميركية تُقدر العسكرية المصرية، وحتى في أسوأ الظروف وتراجع العلاقات السياسية كان المسؤولون العسكريون دائماً يأتون إلى مصر». وقال الملحق الصحافي في السفارة الأميركية في القاهرة براين شوت عن إمكان استئناف مناورات «النجم الساطع»، إن «التدريبات العسكرية المشتركة تمثل جزءاً من التعاون العسكري، وهناك احتمالات للحديث حول هذا الأمر».
مشاركة :