تضارب القرارات بين «الزراعة» و«الرى».. و«الثروة السمكية»: وقف الصيد فى البحار والبحيرات سبب ارتفاع الأسعار
أثارت أزمة الأسماك الأخيرة الكثير من الجدل بين الجهات الحكومية وبين الصيادين، بسبب تضارب القرارات بين وزارتى الرى والزراعة، إضافة إلى عدم تفعيل القوانين التى تجرم صيد الزريعة.
فى البداية يؤكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الدكتور عبدالمنعم البنا، أن الدولة تسعى حاليا لزيادة الإنتاج المحلى من الأسماك، وذلك من خلال تطوير البحيرات الشمالية، وتطهيرها من مصادر التلوث والتعديات، مشيرا إلى أنه يتم حاليا الاتفاق مع عدة دول لزيادة التعاون فى مجال الثروة السمكية والاستزراع السمكى، مما يساهم فى زيادة الإنتاج، فضلا عن تبادل الخبرات والتدريب المستمر.
وقال البنا، إن الوزارة ممثلة فى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، قامت بإجراءات لتنمية وتطوير بحيرة البرلس، حيث تم توفير جميع المعدات البحرية اللازمة لذلك، ومنها: ١٠ حفارات برمائية، و٤ صنادل لحمل المخلفات، وكراكة «ووتر ماستر»، وكراكتان قاطعتان ماصتان.
ولفت الوزير، إلى أنه تم توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة التموين والتجارة الداخلية، لطرح كميات من الأسماك بأسعار مخفضة لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، مشيرا إلى أن ذلك البروتوكول يهدف فى الأساس إلى الحد من سلسلة الوسطاء، وخفض أسعار الأسماك، لتخفيف العبء عن كاهل المستهلك، وهو ما يأتى ضمن توجهات الحكومة والقيادة السياسية فى مصر، بالتيسير على المواطنين، وتوفير السلع الغذائية والمنتجات بأسعار مناسبة.
وأوضح البنا، أن الوزارة تلتزم بموجب هذا التعاون بتسليم وزارة التموين ممثلة فى الشركة المصرية لتسويق الأسماك، جميع إنتاج المزارع السمكية الخاصة بها، من أسماك البلطى والبورى والمبروك بجميع درجاتها، على أن تقوم الشركة بطرحها للبيع للمواطنين من خلال منافذها الثابتة والمتحركة والمجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة.
من جانبه، أكد شيخ الصيادين بالسويس بكرى أبو الحسن أنه أبلغ هيئة الثروة السمكية بوزارة الزراعة بثلاثة موانئ يتم تصدير الأسماك منها، وهى نويبع وسفاجا وبدر، مشيرا إلى أن صيد الزريعة المخالفة يمثل سبب الأزمة الحالية، حيث إن هناك ٣٠ فرقة لصيد الزريعة منها ١٧ مجموعة مخالفة، مما يؤثر على الإنتاج السمكى، كما أن الاستخدام الجائر بمعرفة بعض الشركات والقرى السياحية وصرف النفايات على البحر يؤثر على إنتاج الأسماك البحرية، وأيضا حوادث السفن والتى تلقى حمولتها البترولية فى عرض البحر مما يؤدى إلى قتل الأسماك.
وقال أبو الحسن إن المصدرين يقومون بجمع الأسماك بمختلف أحجامها مما يقضى على المعروض فى السوق حيث إن سحب المصدرين للأسماك يسبب نقصها، مشيرا إلى أن حملات المقاطعة فى المحافظات ليست فى صالح الإنتاج السمكى حيث إن المصدرين سيقومون بالاستحواذ على كامل الإنتاج السمكى للتصدير وبالأسعار التى يريدونها، مطالبا بتسهيل عملية الاستيراد وعمل إعفاء جمركى لمدة عام لإغراق البلاد بالأسماك والقضاء على ارتفاع الأسعار خلال الفترة الحالية.
وطالب أبو الحسن بإصدار قرار سيادى بإيقاف إجراءات التصدير، وأن يكون للدولة دورها، عن طريق تشديد الرقابة البيئية على المسطحات المائية لمنع التلوث، مشيرا إلى أن هيئة الثروة السمكية هى المسئولة عن صيد الزريعة من البحر الأحمر لالتزامها بمد المزارع السمكية بها، والتى تتم بطرق مخالفة.
وأضاف أبو الحسن أن إنتاج البحر الأحمر والمتوسط من الأسماك والبحيرات يمثل ٢٥٪ من الإنتاج، والباقى من المزارع السمكية والذى يبلغ مليونا و٢٠٠ ألف طن، بينما من البحار والبحيرات والنيل ٤٠٠ ألف طن فقط، مشيرا إلى أن حرفة الصيد تتركز فى المحافظات الساحلية دون الوجه القبلى، وذلك لحرفيتهم فى عمليات الصيد.
من ناحية أخرى، قال أمين عام الثروة السمكية باتحاد الفلاحين فاروق معاذ إن مصر لا بد أن يكون لديها فائض فى إنتاج الأسماك نتيجة المساحة الشاسعة من البحار والبحيرات.
وأشار معاذ إلى أن المشكلة حاليا تتمثل فى الاستزراع السمكى والقوانين الحالية الخاصة بالثروة السمكية وتصدير الأسماك، حيث إن القوانين الحالية وعلى رأسها القانون ١٢٤ لسنة ١٩٨٣ يحظر الاستزراع السمكى فى المياه العذبة، وأنه لا يجوز الاستزراع السمكى إلا فى مياه الصرف ولم يحدد ما إذا كان مياه الصرف الزراعى أم الصناعى أم الصحى، وطالب معاذ ببروتوكول بين مصر والدول الأوروبية، حيث إن هذه الدول ترفض زراعة الأسماك فى المياه غير العذبة، بينما قوانين مصر تسمح بذلك، ولذلك فإن هذه الدول ترفض الاستيراد من مصر، مشيرا إلى أنه لا بد من التصدير حيث إن مصر تستورد طن العلف للأسماك بسعر ٧ آلاف جنيه، ويجب أن تصدر الأسماك لتعويض عملية الاستيراد للحفاظ على الاقتصاد القومى، لافتا إلى أنه من المفروض أن تكون الثروة السمكية فى مصر أفضل ثروة سمكية على مستوى العالم.
وأشار معاذ إلى أن تكلفة كيلو السمك البلطى ١٤ جنيها كعلف فقط دون عمالة وتكاليف إنتاج أخرى حيث إن الاستزراع السمكى أصبحت أسعاره مرتفعة، مؤكدا أن الجهات المسئولة عن الاستزراع السمكى فى وزارة الزراعة لا تساعد على إنتاج الأسماك، حيث إن الحكومة تحارب المنتجين بالقوانين.
وأكد رئيس شعبة الأسماك بالغرفة التجارية أحمد جعفر أن رئاسة الجمهورية والرقابة الإدارية طلبت من شعبة الأسماك بالغرفة التجارية ملف الإنتاج للنهوض بهذا القطاع، موضحا أن وزير التموين اهتم مؤخرا بالملف بقراره الأخير، مشيرا إلى أن تجار الجملة ليسوا سببا فى الأزمة بل هم من ينظمون حركة البيع والشراء فى مصر، مشيرا إلى أن البلدان العربية ليس لديها اكتفاء ذاتى فهم يستوردون الأسماك الفاخرة من مصر الكيلو بـ ٣٠٠ جنيه مثل الدنيس والقاروس والوقار.
وطالب جعفر بتحقيق الاكتفاء الذاتى من المزارع السمكية وعودة الإنتاج إلى ما كان عليه قبل ١٠ سنوات، مؤكدا أهمية وجود جهة فاعلة مسئولة عن ملف الأسماك فى مصر ولا بد من تطهير البحار والبحيرات من خلال هيئة الثروة السمكية، وحجب الصرف الصحى عن هذه البحار والبحيرات. ومن جانبه قال رئيس هيئة تنمية الثروة السمكية الدكتور خالد الحسنى، إن التصدير وقلة الإنتاج وعدم استيراد الأسماك المجمدة سبب أزمة ارتفاع الأسعار، كما أن الفصل بين العروتين فى الاستزراع السمكى قلل الإنتاج وأيضا وقف الصيد فى بحيرة البردويل وبحيرة ناصر والبحر الأحمر وخليج السويس والعقبة.
وأكد الحسنى أنه سيتم ضخ كميات من إنتاج وزارة الزراعة فى منافذ وزارة التموين لسد العجز، ويتم حاليا تطوير إنتاج البحيرات والبحار وتطوير التكنولوجيا الخاصة بالمزارع السمكية واستغلال أحواض المفرخات السمكية فى إنتاج أسماك المائدة من البلطى والبورى.
وقال المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى الدكتور حامد عبدالدايم إنه تم توجيه إنتاج وزارة الزراعة كاملا لوزارة التموين خاصة الشركة القابضة لتوزيع الأسماك حيث تم منحها أسماك البلطى بسعر ١٦ جنيها للكيلو كسعر بيع للمستهلكين.
وأوضح عبدالدايم أنه سيتم تشديد الإجراءات على سرقة الزريعة وتجريمها، وتطبيق القوانين على الصيادين غير الملتزمين كما أنه سيتم اتخاذ إجراءات لتحجيم التصدير والحد من التعديات على البحيرات والبحار والحد من التلوث، مشيرا إلى أن زيادة الإنتاج تحتاج إلى أساطيل صيد ضخمة مثل الدول الأخرى.
من جانبه قال رئيس هيئة تنمية الثروة السمكية الأسبق الدكتور محمد فتحى عثمان، إنه يوجد حاليا توجيهات من الرئاسة للاهتمام بالبحيرات الشمالية وأهمها بحيرة ناصر، لزيادة إنتاجنا السمكى خلال الفترة المقبلة.
وأضاف عثمان أن من أهم أسباب تراجع الإنتاج السمكى حاليا هو سد البواغيز بالبحيرات نتيجة عدم تطويرها، مما يمنع اتصال البحيرات بالبحار وعدم تبادل المياه بينهما، مطالبا وزارات الرى والتنمية المحلية والزراعة بالتعامل فورا مع تلك البواغيز وتطهيرها.
وأشار رئيس هيئة الثروة السمكية الأسبق، إلى أنه بالنسبة للترع الموجودة على مستوى الجمهورية، فإن وزارة الإسكان لها دور رئيسى حيث يتوجب عليها عمل معاينة دورية سنوية أو نصف سنوية لعدم إلقاء أى مخلفات من الصرف الصحى فيها.
واتهم نقيب الصيادين أحمد نصار، وزير النقل بالعمل على انهيار الثروة السمكية المصرية، حيث قرر الوزير عدم السماح بالصيد بعد ٣ أميال فقط من الشواطئ، وعدم تخطى تلك المسافة، واصفا القرار بـ «الكارثى» على الثروة السمكية فى مصر لأن هذه المسافة تحتوى على الأسماك الصغيرة والزريعة والتى إذا تم صيدها لن نجد بعدها ثروة سمكية فى المياه.
كما اتهم نقيب الصيادين، شركات استيراد الأسماك المجمدة بافتعال أزمة ارتفاع الأسعار مؤخرا، ليقوموا ببيع الأسماك فى الأسواق المصرية بأعلى الأسعار لتحقيق مكاسب ضخمة، حيث وصل سعر كيلو السمك البلطى إلى ٤٠ جنيها لأول مرة فى مصر، مشيرا إلى غرق ١٨ صيادا فى بوغاز رشيد خلال عام ٢٠١٦، بسبب سوء حالته وعدم تطهيره من قبل وزارة الرى، مشيرا إلى أنه خاطب وزير الرى الدكتور محمد عبدالعاطى لتطهير البوغاز، الا أن الوزير طلب خطابا رسميا من وزارة الزراعة للقيام بذلك، نظرا لاشتباك الاختصاصات بين هيئة الثروة السمكية ووزارة الرى.
وأشار نصار، إلى أنه بعد موافقة وزارة الزراعة وتوجيه خطاب رسمى إلى وزارة الرى، لم تقم الأخيرة حتى الآن بأى إجراءات لتطهير البوغاز، مما يهدد حياة الصيادين للخطر، وإحجامهم عن الصيد بالبوغاز، مما يؤدى إلى نقص الكميات المعروضة فى الأسواق وارتفاع أسعارها.
وأكد نصار، أن وزارتى الزراعة والرى تتبادلان إطلاق الاتهامات على بعضهما البعض، دون أى مبادرة من أى منهما لحل أزمة ٥.٥ مليون صياد على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى أن نقص المعروض فى الأسواق يهدد برفع أسعار الأسماك مرة أخرى.
مشاركة :