أغلب الناس في العالم العربي يتزوجون دون حب، زواج كلاسيكي يبني مؤسسة الأسرة، في الغرب يتباين المفهوم، فأغلب الناس يتزوجون من يحبونهم لبناء أسرة.رغم ذلك فإن الأسر في العالم العربي أكثر تماسكا وصمودا أمام مصاعب الحياة. الزواج رابطة اجتماعية قائمة على اتفاق مصالح الزوجين لبناء مؤسسة الأسرة، وجزء من هذه المؤسسة هو الأطفال، فاذا أنتج الزواج أطفالا نجحت مؤسسة الأسرة، وإذا لم يثمر الزواج، غاب عن المشروع أحد أهم عناصره. وفق هذا المعيار أين نضع علاقة الحب بين الزوج والزوجة، وهل هي من مقومات الزواج الأساسية، أم يمكن أن ينمو الحب بعد الزواج؟ بحث أجراه موقع "ماتش. كوم" ونشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية وشمل خمسة آلاف متطوع، كشف أنَ 31 بالمائة من الرجال موضع البحث اعتبروا أنهم مستعدون للزواج من إمرأة "فيها كل المواصفات المطلوبة، رغم عدم وجود علاقة حب بين الجانبين". وهكذا فإنّ ثلث الرجال الغربيين في هذه الدراسة لا يشترطون الحب في علاقة الزواج، ويرون أنّ التراحم والمودة بين الزوجين يمكن أن تحل محله. تجري في بعض الاحيان حفلات زفازف جماعية في زيجات تتبناها مؤسسات دولية، ، اي دور يلعب الحب هنا. (الصورة من الأرشيف لزواج جماعي في العراق) وهناك مجموعة من الأسباب قد تؤدي إلى فشل الزيجات التي قامت على الحب، توضحها الأخصائية في علم النفس العلاجي، سوزان بيز غادو في موقع "سايكولوجي تودي"، ومنها أن: الحب عاطفة متغيرة وليست ثابتة. وأن الحب لا يؤسس قاعدة صلبة لإقامة مؤسسة. إضافة إلى أن الحب هو أبعد ما يكون عما يوصف عاطفيا على لسان الشعراء والمغنين" هو كل ما نحتاجه". وفي بحث نشره البروفسور آرون بن زائيف في موقع "سايكولوجي تودي" أيضا، فإن الزواج القائم على الهيام والغرام والمشاعر الملتهبة يتجاهل في الغالب عناصر الشراكة المهمة بين الزوجين من قبيل التقارب الفكري والذكاء المطلوب والتقارب الإجتماعي، وهو في النهاية اختيار رومانسي قد يزول بزوال أسبابه. الهيام والإفتتان يمكن أن يزول بمجرد ولادة طفل يجعل الحياة غير ملوّنة وغير رومانسية بين الاثنين، فالأب لا يستطيع النوم بسبب صراخ الطفل، والأم لا تستطيع العناية ببشرتها وشعرها وأظافرها الملونة الطويلة، ولا تستطيع التعطر واستخدام المكياج حرصا على سلامة الرضيع، كما انّ الولادة تؤدي غالبا الى نمو بطنها بشكل لا يناسب مقاييس الرشاقة الرومانسية. وفي كتابه "تطور بنى الأسرة العربية و الجذور التاريخية و الإجتماعية لقضاياها المعاصرة "، كشف زهير حطب من معهد الإنماء العربي أنّ كثيراً من الزيجات العربية تستمر غالبا على حساب سعادة المرأة والرجل، فهما يفضلان أن تستمر مؤسسة الأسرة لتربية أبنائهما حتى إذا دبّ الخلاف بينهما ووصل الى مستوى القطيعة. كما أنّ مجتمعات عربية كثيرة ترى في الطلاق وصمة عار تلحق بالمرأة، وتجعل منها مخلوقا من الدرجة الثانية بين أقرانها. وانطلاقا مما سبق يمكن القول أنّ الود قد يبني أسرة، أما الحب الغرامي بين المرأة والرجل فيمكن أن يبني علاقة عاطفية قد تستمر ما عاش العاشقان، ولكنّه ليس شرطا في بناء الأسرة والحفاظ عليها. ملهم الملائكة / DW
مشاركة :