في مقابلة للمندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة السيدة نيكي هاليعن السياسة الأمريكية لإدارة الرئيس دونالد ترامب بعد ضربة فجر الجمعة الماضية على مطار الشعيرات ،وعما إذا كانت تتجه إلى تغيير النظام في سوريا ،تقول : «إن لدى بلادها العديد من الأولويات، إن رحيل الأسد ليس الأولوية الوحيدة وإنما هناك سعي لهزيمة داعش وكسر النفوذ الإيراني في سوريا وإن الحل السياسي في سوريا غير ممكن بوجود الأسد».هذا الوضوح في سياسة الإدارة الأمريكية لم يكن بهذه الصورة قبل جريمة نظام بشار وحلفائه الإيرانيين وحزب الله وبمعرفة روسيا ودعمها في قصف خان شيخون بالكيماوي، بل إن إشارات فُهمتْ خطأ من عديد الدوائر السياسية العالمية ومن المحللين المتابعين كنتيجة لتصريح وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون من أن إزاحة الأسد ليست أولوية لأمريكا ،دفعت هؤلاء إلى الشك في دخول الولايات المتحدة الأمريكية بقوة في المسألة السورية وترك الأمر كما أرادت إدارة الرئيس الأمريكي السابقباراك أوباما في يد الروس.لكننا وفي هذا المكان وفيأكثر من مقال كنَّا قد أشرنا إلى تغيُّر كبير وجوهري في السياسة الأمريكية في عهد ترامب وعودتها إلى تقليديتها في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ،والعودة إلى نفوذ قوي ووجود مؤثر ،وعدم ترك الأمر لروسيا تملأه كيفما تريد ،ولا القبول بنفوذ إيراني متعاظم كما هو الواقع الحالي. وأن من أهم تلك المؤشرات في التغير لقاءات الرئيس دونالد ترامب بالزعماء العرب من الدول العربية الكُبرى وتأكيده دعم إدارته لدولهم وشعوبهم ضد النفوذ الإيراني ليس في سوريا وحسب بل وفي المنطقة، كما أن رفع وتيرة العمليات العسكرية الأمريكية في شرق سوريا وفي اليمن كان أحد أهم تلك المؤشرات ،ثم أخيراً ضربة فجر الجمعة الصاروخية على مطار الشعيرات والتي أخذت العالم بمفاجأة من عيار ثقيل جداً ،فاختلَّ توازن روسيا - سوريا - إيران ،ورحَّبت الدول الغربية الكبرى، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، والعالم العربي بها بل وجدت ترحيباً شعبياً كبيراً في الفضاء العربي كما في العالم لبشاعة الجريمة التي ارتكبها النظام في خان شيخون ولحمام الدم الذي يُصرُّ على ارتكابه بمعاونة إيران وحزب الله ودعم روسيا.منآثار الرجَّة التي أصابت محور روسيا - إيران - سوريا مطالبة الرئيس الإيراني حسن روحاني الأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق محايدة للتحقق من وجود سلاح كيماوي في قصف خان شيخون ،وهو وملاليه لم يكونوا في السابق يعترفون بهكذا لجان أو مطالبات للتحقق من جرائمهم وجرائم النظام السوري. كما أن المتابعة الإخبارية لقناة RT الروسية الرسمية وهي تعبر عن رأي الكرملين ووزارة الخارجية الروسية تنفي كلية وجود مواد كيماوية في خان شيخون ناهيك عن نفيها قيام نظام بشار بذلك ،وتُشبِّه الأخبار التي تبثُّها وسائل الإعلام الأمريكية تحديداً بما كان يقال عن وجود أسلحة كيماوية لدى نظام صدام حسين وقصة (علبة البودرة) التي رفعها وزير الخارجية الأمريكي في حينها كولن باول.تصريح المندوبة الأمريكية يعيدمرة أخرى الضوء إلى دور أمريكي فاعل سيعيد ليس فقط توازن القوى في المنطقة بل وسيقلبها لصالح المعارضة السورية ،وينتهي بالقضاء على نظام بشار ،كما سيؤدي إلى تقليص وتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا والعراق والخليج العربي واليمن وإعادته إلى جحوره في قم وطهران لا غير، هذا إن لم يُغيِّره .
مشاركة :