يلاحظ المتتبع لموضوع قيادة المرأة السعودية للسيارة، علاقة «غريبة» بينه وبين نيسان (أبريل). فهذا الشهر الذي ينطلق كل عام بكذبة، يتجدد فيه الجدل والإشاعات المتعلقة بهذا الموضوع فتصدر الجهات المعنية بيانات نفي وتكذيب. وآخر هذه البيانات صدر قبل ساعات عن الإدارة العامة للمرور أكدت فيه عدم صدور أي تصريح بشأن السماح للمرأة بالقيادة. ونفى الناطق باسمها العقيد طارق الربيعان في تغريدة على حساب «المرور» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ما تردد عن «تحديد شهر شعبان المقبل موعداً للسماح بقيادة المرأة السعودية للسيارة»، مؤكداً أن «مدير الإدارة العامة للمرور لم يصدر أي تصريح في هذا الشأن». يأتي ذلك في الوقت الذي تداول فيه مغردون أمس (الأحد) صوراً قيل إنها لحادث بين سيارتين كانت تقود إحداهما مواطنة توفيت وأصيبت مرافقتها، وكذلك سائق السيارة الثانية، في محافظة الغزالة جنوب حائل. ويعد «المرور» الجهة الحكومية الثانية التي تصدر نفياً خلال أقل من أسبوعين، بعدما انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية بالحديث عن قرب صدور قرار حكومي في شهر نيسان (أبريل) الجاري السماح للمرأة بالقيادة، عززها تصريح لرئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية رئيس الشبكة العربية للمنظمات الأهلية الأمير طلال بن عبد العزيز حدد فيه نيسان موعداً للسماح للسعوديات بالقيادة. وقبل يومين قال عضو في مجلس الشورى الدكتور سامي زيدان لـ«الحياة» إن قرار قيادة المرأة السيارة «سيادي ولا داعي لمناقشته في المجلس»، فيما كان المجلس نفى مطلع الشهر في تغريدة على حسابه في «تويتر» إقرار نظام يسمح للمرأة بقيادة السيارة، مؤكداً عدم إدلاء رئيس المجلس الشيخ عبد الله آل الشيخ بأي تصريحات صحافية لأية وسيلة إعلامية عن إقرار الموافقة على قيادة المرأة للسيارة. وفي نيسان العام الماضي دوّى تصريح للمفتي العام للسعودية رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وصف فيه قيادة المرأة بأنها «أمر خطير سيفتح عليها أبواب شر»، مشدداً على عدم إقراره. وتجددت المطالبة في الشهر نفسه بعدما تداول مغردون أنباء عن موافقة مجلس الشورى على قيادة المرأة، إثر طرحه من بعض أعضائه لمواجهة مشكلة شح السائقين، دشن معها مغردون وسماً للمطالبة بالسماح للمرأة بالقيادة، إلا أن مجلس الشورى نفى رسمياً الأمر آنذاك. وطرحت القضية مرة أخرى في نيسان من العام 2014، لكن في تصريح منسوب إلى أمير منطقة جازان محمد بن ناصر قال فيه: «لا يوجد نظام يمنع أو يسمح بقيادة المرأة للسيارة»، موضحاً أن هناك قوانين من الصعوبة تغييرها أو شموليتها على المرأة من دون الرجل، ولافتاً إلى أن القضية لا تزال تناقش مجتمعياً. ودعا إلى الحفاظ على المرأة للقيام بمهامها «بدلاً من أن يأتي رجل أجنبي غير محرم ليقوم بأعمال الأم أو البنت أو الأخت أو الزوجة». وطرحت القضية على لسان وزير العدل السابق أحمد العيسى، في حوار تلفزيوني له في أيضاً في نيسان 2013، نفى معها وجود نص دستوري أو تنظيمي يمنع المرأة من قيادة السيارة، مرجعاً الأمر إلى «إرادة المجتمع السعودي ورغبته وثقافته». وفي الشهر نفسه، أدلت هيئة كبار العلماء برأيها في القضية من خلال عضوها الشيخ عبد الله المنيع الذي قال في تصريح إلى «الحياة» إن منع المرأة من قيادة سيارتها في السعودية هو «تكريم لها وحفاظاً على عفتها وأنوثتها»، مشيراً إلى وجود دراسات وإحصاءات أشارت إلى ارتفاع معدل الحوادث المرورية في الدول التي تقود فيها المرأة السيارة «وأنهن أكثر تجاوزاً وارتكاباً للمخالفات المرورية«. ولفت المنيع آنذاك إلى «هناك فتيات يتعرضن إلى معاكسات الشباب عند الأسواق، على رغم أنهن برفقة ذويهن»، متسائلاً: «فماذا سيكون الحال في حال قيادتها السيارة»، محذراً من أن قيادة المرأة ستزيد من مشكلة الكثافة المرورية في السعودية. وطالب الأمير الوليد بن طلال آنذاك في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع «تويتر» بالسماح بقيادة المراة سيارتها أكد معها أن «القرار سيؤدي إلى الاستغناء عن 500 ألف سائق على الأقل». قيادة المرأة في حديث رؤية المملكة 2030 كانت قضية قيادة المرأة حاضرة أثناء طرح رؤية المملكة 2030، في نيسان من العام 2016، إذ أكد ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في حوار له آنذاك أن «قيادة المرأة ليست قيادة دينية بقدر ما هي قيادة لها علاقة بالمجتمع نفسه يقبلها أو لا يقبلها»، لافتاً إلى أن «المجتمع لا يزال غير مقتنع بقيادة المرأة، ويعتقد أن لها تبعات سلبية جداً إذا سمح بها»، مضيفاً: «لا نستطيع أن نفرض على المجتمع السعودي شيئاً لا يريده، لكن المستقبل تحدث فيه متغيرات ونتمنى أن تكون متغيرات إيجابية».
مشاركة :