استقرار معدل البطالة فوق 12%، كما صرحت به مصلحة الإحصاءات العامة مؤخراً، يجب أن يقلقنا، لأننا إزاء أكثر من 400 ألف باحث عن العمل، ومثل هذه الأعداد المتنامية يقلق لأننا في إطار ظروف مختلفة عما عهدناه سابقا شهدت ارتفاع البطالة، فقد ساعد إنفاق الحكومة الكبير على البنية الأساسية على استيعاب البطالة، وهو الذي أدى إلى تضخم القطاع العام! أيضا لم نشعر بالخوف من البطالة لأن تطلعات الناس، وبالذات الشباب، كانت محدودة وظروف الحياة تتسم بالبساطة والبعد عن التعقيد والاستهلاك بالذات للأبناء لم يكن كما هو الآن، ففي السابق كان الأبناء قوة مالية للأسرة، بينما هم الآن عبء اقتصادي. هذا الرقم الجديد للبطالة، يدعم الافكار التي كانت ترى ضرورة ان يكون اقتصادنا قادرًا على توليد الوظائف بصورة مبتكرة بدل برامج السعودة التقليدية التي ثبت أنها لن تعالج الخلل الهيكلي في سوق العمل، فالتجربة تقدم حلولا جزئية وقتية نفرح ونتسلى بها لبعض الوقت.. ثم نرجع لنكتشف الحقيقة المرة! وزارة الداخلية نجحت في مشروع (شركة العلم)، وهذا النجاح نتمنى تكراره في شركات مساهمة للأمن والسلامة والدفاع المدني. الآن هذا القطاع يتوسع والحاجة له كبيرة، والوظيفة الأمنية تتعقد وتحتاج الموارد البشرية المؤهلة في مجال تقنيات الأمن والسلامة، والشركات القائمة الآن لن تستطيع أن تطور منتجاتها أو تطور مهارات مواردها البشرية. أيضا في سياق توليد الوظائف، ثمة ضرورة لإنشاء شركات لتسويق الطاقة عبر (محطات الوقود) تحت مظلة أرامكو. قيام شركات في هذا المجال سوف يولد أكثر من 50 ألف وظيفة في السنوات القادمة، ومثل هذه الشركات لها أيضا منافع تتعدى توليد الوظائف، فسوف تعالج محاذير السلامة التي نراها الآن في المحطات القائمة، بالإضافة إلى الحد من الأضرار البيئية، والحد من التشوه والتلوث البصري الذي نراه في شوارعنا. إنشاء شركات لإدارة الخدمات في المدن تحت وزارة البلديات، مثل إدارة المواقف، إدارة المرافق العامة، وشركات للتراخيص، وأيضا إنشاء شركات للتشييد والبناء تحت مظلة الشؤون الهندسية أو سلاح المهندسين في وزارة الدفاع هي الأخرى مجال خصب للوظائف المنتجة في الاقتصاد والتي تخدم أهدافا وطنية متعددة. يضاف إلى إنشاء هذه الشركات، ضرورة تسهيل إجراءات دخول الشباب إلى تجارة التجزئة وتسهيل قيام المنشآت الصغيرة والمتوسطة. هذه (الآليات المبتكرة) لمواجهة الخلل في سوق العمل على المدى البعيد تحقق ثلاثة أهداف رئيسية. أولا، سوف تفتح فرص عمل جديدة بدخل عالٍ للشباب في مجالات لم تكن مهيأة بالفرص الملائمة مثل ظروف بيئة العمل، الدخل المجزي، وسهولة الوصول للوظيفة في المدن الكبرى، مع تحقق (البعد المعنوي) للوظيفة العامة، فهذه الشركات تعمل تحت مظلة وزارات لها صورة ذهنية إيجابية في المجتمع. ثانيا، هذه المجالات هي مجال استخدام العمالة الكثيف، لذا تطويرها وإدخال التكنولوجيا فيها يؤدي لخفض العمالة الأجنبية غير المنتجة في الاقتصاد، وتواجدها يشكل عبئا على الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة والنقل. ثالثا، هذه الشركات الكبرى سوف تساهم في إعادة بناء روح الإنتاجية العالية التي فقدها جيل ما بعد الطفرة. هذه الشركات نتمنى أن تكون ضمن اهتمامات مجلسي السياسة والأمن وشؤون التنمية والاقتصاد، إنها (قضية سيادية)، والبطالة قضية خطيرة نخشى أن تؤثر على المكتسبات الوطنية التي حققناها.
مشاركة :