خطوات التطوير الكبرى التي يشهدها قطاع القضاء في السنوات الماضية، منذ إطلاق مشروع الملك عبدالله، تستحق التقدير والثناء؛ فقد رفع هذا التطوير المستمر للخدمات العدلية عن الناس الكثير من الأعباء والمشاق، والأهم هو: تعزيز مكانة القضاء واحترامه لدى الناس، وهذا من ضرورات تكريس الوحدة الوطنية. إطلاق وزارة العدل المبادرات الأخيرة ضمن برنامج التحول الوطني يعزز المنجزات السابقة، بل يأخذ القضاء إلى حقبة جديدة، أي المبادرة إلى الناس في مواقعهم لخدمتهم، مثل خدمات كتابات العدل المتنقلة، وإشراك القطاع الخاص لتقديم الخدمات في المساء وفي العطل الرسمية والإجازات الأسبوعية. وهذا المسار سوف يفتح الكثير من الوظائف لخريجي وخريجات كليات وأقسام القانون. الآن وزارة العدل تلحق وزارة الداخلية في توسيع وتعميق الخدمات للناس؛ فالنقلة الكبيرة لخدمات وزارة الداخلية سهَّلت للناس أمور حياتهم، والأهم أنها ساهمت في ارتفاع مستوى الرضا الوطني عن الحكومة، وعمَّقت الإحساس بالمواطنة، ووسعت قاعدة التفاعل بين الناس ووزارة الداخلية. فالأمير نايف - يرحمه الله - الذي جعل (المواطن رجل الأمن الأول) هو الذي ساعد الوزارة على تحقيق الإنجاز الكبير في حربها على الإرهاب الذي يقدم النموذج الأمثل في بناء الأمن عبر الحكمة والرحمة والصبر، وعدم إرباك حياة الناس. ورحم الله الأمير نايف الذي سوف نظل نتذكر منجزاته لبلادنا كلما شهدنا خطوة إيجابية نحو المستقبل. تكريس العدل بعد تكريس الأمن هو مشروع الدولة العاقلة التي تنظر للمستقبل لتحوِّل الأحلام إلى مشاريع تنفع الناس، وليس (التفتيش في الدفاتر) بحثًا عن الماضي. وما كنا نراه حلمًا في خدمات وزارة العدل هو الآن واقع نلمسه ونعيشه. الذي نرجوه هو نجاح وزارة العدل في جبهة الموارد البشرية، أي الاستمرار في رفع مستوى الاحتراف والمهنية في تقديم الخدمة حتى نعظم المكاسب من مشاريع التحول الرقمية وما تيسره من خدمات حكومية. نجاح المنصات الرقمية يعتمد على مقدرة النظم المالية والإدارية والبشرية على الاستجابة لمتطلبات الخدمات الرقمية. أجزم أن المسؤولين بالوزارة مدركون لأهمية بناء الموارد البشرية، ولن تنفعهم المواعظ والنصائح.. ما يحتاجون إليه هو دعمهم لإطلاق مشروع جديد لبناء (بيئة عمل إيجابية) للعاملين، يحول الموارد البشرية إلى طاقة للإنتاج والإبداع، عبر التأهيل والتدريب وتقديم الحوافز الإنتاجية المادية والمعنوية. كما أن أصحاب الفضيلة من القضاة وكتّاب العدل يحتاجون إلى الخدمات الإدارية المساندة في أعمال السكرتارية والتوثيق، وفي هذه نقص واضح. *** لماذا عبدالله القويز؟.. ** على مدى ثلاثة أيام كان الحضور كثيفًا ولافتًا لتعزية الدكتور عبدالله القويز في رحيل زوجته ورفيقة دربه، أو كما يسميها (عمدتنا ورأس مالنا) - يرحمها الله -. من يعرف الدكتور عبدالله لا يستغرب هذا الحضور الواسع للوقوف إلى جنبه ومع أبنائه؛ فـ (أبو طه) له حضوره بين الناس، لا يرد دعوة أو يتأخر عن واجب، في الأفراح أو الأتراح.. وهنا الناس تقف معه، وتلتف حوله، لا ترتجيه أو تخافه؛ فهو الإنسان المتقاعد؛ فلا خيل يهديه ولا مال! ليس لديه إلا تقديره وحبه للناس، وقد ربحت تجارته؛ فالناس تبادله الوفاء بالوفاء.
مشاركة :