توحيد جهود مكافحة الإرهاب: الهدف مشترك والمصالح تختلف بقلم: أحمد جمال

  • 4/12/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

التعامل مع الإرهاب ينبغي أن يكون وفق خطط تقوم بالأساس على وجود أدوات حوارية لمخاطبة الفكر المتطرف من قبل أصحاب نفس المنهج الذي تتبعه تلك التنظيمات.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/04/12، العدد: 10600، ص(7)]الإرهاب يطال العمق الأوروبي القاهرة - دفع التنامي الكبير في ارتفاع معدلات العمليات الإرهابية واتساع رقعتها على مستوى العالم في استخدام مصطلحات دبلوماسية تتعلق بتوحيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ومعاقبة البلدان الداعمة له، لكن كثرة ترديد هذه المصطلحات لم يصاحبها على الجانب الآخر تحركات دبلوماسية دولية لوضع استراتيجية شاملة وموحدة للتعامل مع الظاهرة الأكثر خطورة في العالم. وبحسب مراقبين فإن هناك عاملين متناقضين في مسألة ضرورة توحيد الجهود الدولية، الأول يرتبط بوصول الإرهاب إلى غالبية العواصم الأوروبية وأضحى يمثل تهديدا مباشرا لها، وبالتالي فإن هذا الأمر يزيد من فرص حدوث التوافق الدولي لمواجهته، أما العامل الآخر فيتمثل في اختلاف الرؤى حول ماهية التنظيمات الإرهابية التي يجب أن يشملها التعاون الدولي، واستخدام بعضها لتحقيق مصالح بعض الدول. الواضح أن هناك انتقائية من قبل البعض في التعامل مع تلك الجماعات، لأسباب مجتمعية وسياسية، في ما تتشكل غالبية الدول التي تبحث عن حلول جذرية للتعامل مع الإرهاب من قبل البلدان العربية والتي تبحث عن إيجاد صياغة أو رغبة دولية صادقة لمواجهته. ويراهن كثيرون على خطورة الأرقام والإحصاءات التي توضح خارطة انتشار الإرهاب، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لتحديث الجهود الماضية للتعامل مع الإرهاب في شكله الجديد، بعد أن أضحت الفردية هي السمة السائدة في تنفيذ العمليات الإرهابية تحديدا ما يتعلق بالعمليات داخل أوروبا، كما أن التعامل الإلكتروني مع الإرهاب أصبح ملحا في الوقت الحالي، وهو ما لم تذهب إليه الهيئات أو المواثيق الدولية حتى الآن. وبحسب شركة “إيه أو إن” العالمية للتأمين وإدارة المخاطر، فإن عدد الهجمات الإرهابية في العالم ازداد بنسبة 14 بالمئة في عام 2016، مقارنة بعام 2015، وبلغت هذه الزيادة 175 بالمئة بالنسبة إلى البلدان الغربية، وسجل العام الماضي 4151 عملا إرهابيا في العالم، مقابل 3633 عام 2015. وأضافت القرير الصادر مطلع هذا العام أنه بالرغم من الزيادة الكبيرة في عدد الأعمال الإرهابية في الدول الغربية إلا أنها لا تمثل سوى 3 بالمئة من العنف المنتشر في العالم. وتوقعت أن تزيد هذه النسبة خلال العام الجاري، مع تصنيفها لـ17 دولة على مستوى العالم ضمن البلدان المعرضة لخطورة كبيرة جراء الإرهاب. وأكد محمد سلمان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، لـ”العرب”، أن الرغبة الدولية في مواجهة الإرهاب بشكل جذري لم تتحقق، كما أن محاولات مواجهته ارتبطت بانتشار الإرهاب في أقاليم نفوذ القوى الدولية من عدمه، واقتصرت على إزاحة الإرهاب بعيدا عن تلك المناطق دون أن تكون هناك أدوات سليمة للتعامل معه.أولى خطوات التحرك ضد الإرهاب ينبغي أن تكون من خلال إدخال العديد من التعديلات على مواثيق بعض الهيئات الدولية بصورة تسمح بالتحرك الدولي الجماعي لمواجهة مصادر تمويله وأضاف أن أوروبا استشعرت خطر الإرهاب في ثمانينات القرن الماضي وبالتالي فإنها عملت بالتعاون مع القوى المركزية الكبرى على نقل ساحة الإرهاب المتمركز داخلها منذ السبعينات من القرن الماضي إلى أميركا اللاتينية وآسيا، وبدءا من التسعينات أضحى الإرهاب متمركزا في آسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية. وتابع سلمان أنه في العقد الأول من الألفية الأولى أصبح المسرح الرئيسي للإرهاب من خلال آسيا والشرق الأوسط، بعد أن شملتهما 80 بالمئة من تلك العمليات، وشهدت باقي بلدان العالم 20 بالمئة، مشددا على أن خطورة ما يجرى في الوقت الحالي هو انتشار رقعة العمليات الإرهابية والتي طالت 93 دولة في عام 2014 وخلفت وراءها أكثر من 30 ألف قتيل. وقال عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، لـ”العرب”، إن البحث عن التوافق الدولي ينبغي أن يبدأ من خلال الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب تتم الدعوة إليه من أحدى الدول التي تعاني الإرهاب وتتمتع بعلاقات قوية مع جميع الأطراف الدولية. وأوضح أن التعرف على منابع الإرهاب وداعميه لا يعد أمرا صعبا بالأساس، إذ أن مواقف الدول خلال ذلك المؤتمر ستكشف بشكل كبير عمّا يبدو غموضا أمام البعض، إذ أنه سيكون من المطلوب رسم استراتيجية مشتركة تتضمن تسليح وتدريب وتمويل العمليات العسكرية ضد الإرهابيين، بالإضافة إلى تحديد باقي محاور المواجهة. ويؤكد مراقبون أن أولى خطوات التحرك ضد مواجهة الإرهاب ينبغي أن تكون من خلال إدخال العديد من التعديلات على مواثيق بعض الهيئات الدولية بصورة تسمح بالتحرك الدولي الجماعي لمواجهة مصادر تمويله، وهو ما يفتح الباب أمام تعديل مضمون الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ويطالب البعض بتعديل مواد ذلك الفصل الذي يسمح باستخدام القوى العسكرية والحظر الاقتصادي ضد الدول المعتدية، بحيث ينص على استخدام القوة العسكرية ضد مصادر الإرهاب، من خلال تحالفات دولية كبيرة للتعامل بشكل أشمل وأوسع مع التنظيمات الإرهابية المنتشرة في العالم. في المقابل فإن العديد من المتابعين، ومنهم المشاط، يرون أن مسألة توحيد الجهود بالرغم من الحاجة الملحة إليها، لكن تواجهها تعقيدات سياسية وعسكرية عديدة، تحديدا في ما يتعلق بتجفيف منابع الإرهاب والذي تشارك فيه العديد من الدول والمنظمات التي تتداخل مصالحها مع مصالح الدول الكبرى، وبالتالي فإن التعامل معها يبدو صعبا. ومن أبرز ما يقف عائقا أمام هذا التعاون هو اتخاذ العديد من القوى الإقليمية لمعايير مزدوجة بشأن مواجهة الإرهاب، ما حول مكافحة الإرهاب إلى لعبة بين شرائح عديدة، بالإضافة إلى التعاون المفقود حتى داخل التحالفات الدولية التي تم الإعلان عنها لمواجهة الإرهاب، ويعد فشل تلك التحالفات في سوريا والعراق أكبر دليل على ذلك. ويشير خبراء في شؤون الجماعات الإسلامية إلى أن التعامل مع الإرهاب ينبغي أن يكون وفق خطط تقوم بالأساس على أن الجدليات تسبق الآليات بمعنى أن تكون هناك أدوات حوارية لمخاطبة الفكر المتطرف من قبل أصحاب نفس المنهج الذي تتبعه تلك التنظيمات، وتبدأ المواجهة من الفكرة بالأساس، كما أن الجوانب العسكرية تصب في صالح الجيوش العربية التي تمتلك خبرات ومعلومات أكبر عن طبيعة التضاريس التي تنتشر فيها المجموعات المسلحة. وما يعزز تلك الفرضية أن كثافة الضربات الموجهة إلى التنظيمات المسلحة لم تقض عليها، كما أن الخطط المعلنة من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمواجهة التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق على المدى القصير ستتمثل في زيادة عدد الجنود الأميركيين هناك، وبالرغم من أن هذا قد يسرِّع من وتيرة هزيمة التنظيم في البلدين، لكنه لن يمنع الهجمات في مناطق أخرى. ويبقى الهدف الأول من أي جهود عالمية لمكافحة الإرهاب أن يركز على عدم تمكين تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية من شن هجمات منظمة يشترك فيها التنظيم الأساسي مع الجماعات التابعة له، وهو ما يبرز الحاجة إلى وجود خطط عابرة للحدود لتقليص التهديدات التي تشكلها الجماعات المسلحة.

مشاركة :