الرئيس اللبناني يعلّق عمل البرلمان شهراً لعرقلة تمديد ولايته

  • 4/13/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

وصل الاحتقان في لبنان إلى مستويات غير مسبوقة عشية الجلسة النيابية التي كانت مقررة اليوم الخميس لتمديد ولاية مجلس النواب للمرة الثالثة على التوالي، وانقسام الفرقاء ما بين أكثرية من المسلمين تؤيد التمديد تفاديا للفراغ النيابي وأكثرية مسيحية تعارضه تماما وتربطه بالاتفاق المسبق على قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات. وتوسّع الخلاف ليطال «ميثاقية» الجلسة النيابية المزمع عقدها في ظل قرار الأحزاب المسيحية الرئيسية مقاطعتها واقتصار الحضور المسيحي على عدد من النواب المستقلين وكتلة النائب سليمان فرنجية التي لا تضم إلا 3 نواب. وتعتبر القوى المسيحية الرئيسية أن «سير رئيس المجلس النيابي نبيه بري بجلسة مماثلة من شأنه أن يضرب مبدأ الشراكة المسيحية - الإسلامية التي يقوم عليها لبنان». وقرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مساء أمس، استخدام إحدى الصلاحيات التي يتيحها له الدستور، وتحديدا المادة 59 منه معلّقا عمل مجلس النواب للتصدي لعملية التمديد، وهي صلاحية لم يلجأ إليها أي رئيس للجمهورية، منذ توقيع اتفاق الطائف في عام 1989 على الأقل. وقال عون في كلمة وجهها للبنانيين: «تعهدت في خطاب القسم بتصحيح التمثيل على أسس الميثاقية، وتعهدت الحكومة في البيان الوزاري بإقرار قانون انتخاب يراعي صحة التمثيل، وسبق أن حذرت من تداعيات التمديد، وحتما لن يكون له سبيل في عهد إنهاض الدولة». وأضاف: «إفساحا للمجال بين جميع الأفرقاء ومنعا لاستباحة حق اللبنانيين، قررت تأجيل تأجيل انعقاد جلسة مجلس النواب لمدة شهر واحد استنادا إلى نص المادة 59 من الدستور». ووفق أستاذ القانون الدولي أنطوان صفير فإن أمام الرئيس عون سلسلة خيارات دستورية يمكنه اللجوء إليها للتعامل مع الأزمة، إلا أن مجمل هذه الخيارات لا تأتي بالحل إنما تؤجله، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اللجوء إلى المادة 59 من الدستور يتيح له تعليق عمل مجلس النواب، وبالتحديد منعه من الانعقاد لمدة شهر كامل، إلا أنه بعد انقضاء هذه المهلة سيتمكن المجلس من إقرار قانون التمديد. وأوضح صفير أن هناك مخارج دستورية أخرى كرد القانون للمجلس بعد إقراره أو الطعن به أمام المجلس الدستوري. وشهد أمس الأربعاء استنفارا سياسيا وأمنيا لمواكبة المستجدات، خاصة بعد دعوة الأحزاب المسيحية وعلى رأسها «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» للإضراب العام والتظاهر لمنع إقرار التمديد، على أن ينضم مناصروهم بذلك إلى مجموعات الحراك المدني التي ستوجد في شوارع وسط بيروت المؤدية إلى مبنى البرلمان في محاولة للحؤول دون وصول النواب المؤيدين مشروع تأجيل الانتخابات لعام كامل. واعتبر التيار أن «إقرار قانون انتخابات جديد يؤمن المناصفة والشراكة ويحترم الميثاق، هو الممر الإلزامي لتصحيح تكوين السلطة، على أسس سليمة، انطلاقا من المجلس النيابي، المؤسسة الدستورية الأم»، فيما شدّد «القوات» على أن «الحل الفعلي للأزمة الحالية يكون من خلال إقرار قانون انتخاب جديد يؤمن أكبر قدر ممكن من المناصفة الفعلية، ولا يكون بتمديد ثالث للمجلس النيابي». وتحدثت مصادر في التيار الوطني الحر المؤيد لعون لـ«الشرق الأوسط» عن «فشل كل الاجتماعات التي تمت بين وفود من (حزب الله) في التوصل إلى أي اتفاق وآخرها الذي تم عقده مساء أمس»، لافتة إلى أنّه «بمقابل تمسك الحزب بالنسبية الكاملة نظاما انتخابيا، يشدد التيار على وجوب تضمين القانون مرحلة من التأهيل الطائفي لضمان وصول النواب المسيحيين بأصوات الناخبين المسيحيين أنفسهم». وأضافت المصادر: «ما آلت إليه الأمور بين التيار والحزب سيؤثر ولا شك على تحالف الطرفين اللذين على ما يبدو فقدا الثقة ببعضهما». وانكبت القوى السياسية طوال ساعات أمس على محاولات لاستيعاب التطورات الأخيرة والحؤول دون «صدام طائفي» يبدأ بالسياسة وقد يتخذ أبعادا أخرى غير محسوبة لكونه يتزامن مع تحركات كبيرة في الشارع. وتابع الرئيس عون، وفق الوكالة الوطنية للإعلام، الاتصالات السياسية الجارية على مختلف المستويات والمتعلقة بالدعوة التي وجهت إلى مجلس النواب للانعقاد، وعلى جدول أعماله اقتراح قانون للتمديد للمجلس سنة إضافية. وتركزت الاتصالات على سبل معالجة هذه المسألة بعد ردود الفعل السياسية والشعبية الرافضة للتمديد، وحذر عون من «الأبعاد السلبية لمثل هذه الخطوة». كذلك نشطت الحركة في السرايا الحكومية، حيث ألغى رئيس الحكومة سعد الحريري مواعيده وتفرغ لإجراء اتصالات متلاحقة مع الرئيسين، عون وبري، ومختلف القوى السياسية، لإيجاد مخرج لمسألة الاتفاق على مشروع قانون الانتخاب وتفادي أي تداعيات سلبية، وحاول الحريري بث نوع من الطمأنينة في نفوس سائليه، قائلا: «سنصل إلى حل قبل الغد إن شاء الله». ونقل عدد من النواب عن الرئيس بري بعد «لقاء الأربعاء النيابي» قوله: «إننا مضطرون في غياب التوصل إلى اتفاق على القانون إلى تجرع سم التمديد لتلافي الفراغ القاتل والمدمر للبلاد»، لافتا إلى أنّهم في حركة «أمل» كانوا دائما «منفتحين في النقاش حول قانون الانتخاب لإنتاج قانون جديد وإجراء الانتخابات على أساسه». وأضاف بري: «عندما نتفق على قانون الانتخاب ونقره فإنه في مقدورنا تعديل مدة التمديد ومفاعيلها آخذين في الاعتبار هذا القانون الجديد لإجراء الانتخابات على أساسه». كنا نقل النواب أيضا تأكيد الرئيس بري «حرصه على العهد والمؤسسات الدستورية»، مشيرا إلى أن «هذا الحرص يقتضي منا جميعا عدم الذهاب إلى الفراغ في المجلس النيابي في كل الأحوال». من جهته، لفت النائب علي فياض إلى أن «حزب الله» سيحضر الجلسة النيابية الخميس، وقال: «انتظروا ساعات الليل المتأخرة فيما يخص التمديد»، معتبرا «الفراغ أسوأ السيناريوهات على الإطلاق». وكانت قد تكثفت أمس الاجتماعات واللقاءات السياسية في محاولة لاجتراح الحلول، وقال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان بعد لقائه ووفد من التكتل البطريرك المروني بشارة الراعي، إن «الظرف الحالي استثنائي مصيري وكياني»، وتساءل: «لماذا يجوز التصويب على قانون تمديد يعتبر عارا علينا ويخالف الدستور علنا والنظام الديمقراطي البرلماني ولا يجوز التصويت على قانون انتخاب؟» وتابع: «ممنوع التصويت على قانون انتخاب، لا في الحكومة ولا في مجلس النواب، هذا الكلام قيل ونحن سنصوت على التمديد من دونكم. أهكذا يبنى لبنان والدولة؟». من جهته، أكّد الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري ألا مشكلة لدى تياره «مع كل مشروعات القوانين المطروحة»، لافتا إلى أن رئيس الحكومة «يقوم بواجبه في البحث عن مخارج، ويحاول تدوير الزوايا، كي لا نقع في أزمة جديدة، أو في تعطيل جديد، كي لا تذهب كل المبادرات في الأشهر الماضية هباء منثورا». أما النائب عن حزب «الكتائب اللبنانية» إيلي ماروني، فأكّد أن مناصري الحزب «سينزلون إلى الشارع غدا تزامنا مع الجلسة التشريعية للمطالبة بضرورة إقرار قانون يؤمن صحة التمثيل للبنانيين والمسيحيين، ولرفض التمديد إذا ما كان مقرونا بقانون انتخابي يحدد التأجيل التقني بضعة أشهر ريثما تتمكن السلطات من إجراء التحضيرات اللازمة». وأكد أن «المظاهرات ستكون سلمية ولن يتم منع النواب من الوصول إلى البرلمان لأن في ذلك عودة إلى فترة الحرب الأليمة، خصوصا أن الجلسة متزامنة مع ذكرى 13 نيسان»، داعيا لـ«التنبه إلى أن الأزمة اليوم ليست مسيحية - إسلامية، إنما لها وجوه كثيرة؛ فهناك المسؤول عن عرقلة إقرار قانون حتى اللحظة، وهناك من يفصّل القوانين الانتخابية على قياسه».

مشاركة :