كتبت في الأسبوع الماضي عن أهمية خصخصة القطاع الصحي الحكومي.. وسأتناول اليوم كيف يمكنني ذلك.. لا شك أن حكومة المملكة العربية السعودية أنفقت الغالي والنفيس لتحقيق الاحتياجات الصحية لمواطنيها وبجودة عالية وكفاءة ومظهر يتناسب وحاجة المواطن.. إلا أنه وللأسف أن النظام الحالي أثبت وعلى مدار السنين عدم قدرته على تحقيق هذا الهدف السامي بدليل أن الانتقاد لا زال قائما ومتكررا لنتائج مخرجات هذا النظام، الأمر الذي يؤكد على أهمية وضرورة أن نعدل ونشكل في هذا النظام ليتوافق والاحتياجات والرغبات والتطلعات.. بمعنى أنه إذا كان النظام الكلاسيكي الحالي الباهظ التكاليف لرعاية وصيانة صحة المواطن لا يحقق المراد منه فإنه من البديهي تحديث هذا النظام أو استبداله بنظام كفؤ فعال.. إن الحاجة إلى أساليب جديدة للتفكير من إشباع الاحتياجات الصحية تنبع من اهتمام راعي هذا الكيان في توفير الصحة للجميع وبمستوى راق.. لقد أُثبت علميا أن الأزمات في الخدمة الصحية في العالم ناجمة في أغلب الحالات عن تغير الاحتياجات الصحية مما يستتبع تغير الوسائل المقبولة لمعالجتها وفقا لما يُروى بشأن فائدتها وإمكانية تطبيقها ومدى قبولها.. هناك اتفاق عالمي على أن السرير هو مركز التكلفة الرئيسي بالمستشفى والذي يبنى عليه مصروفات ميزانية الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم إلا أن كيفية استخدام هذا السرير الاستخدام الأمثل عند تحليل كفاءة التشغيل اجتهدت الأساليب والوسائل والنظريات في طريقة تحقيقها، وأصبحت هذه التكلفة الهدف والمحور، والفقد والتبرير وسوء استخدام هذا السرير هو في الواقع إهدار غير مباشر للثروة الوطنية وتشتيت للجهود والإنفاق السخي من حكومة تبذل الغالي والنفيس لتحقيق الأمن الصحي، ولا شك أن أي مراجعة شاملة لنظام الخدمات الصحية والبيئة الإدارية للخدمات الصحية بالمملكة العربية السعودية يجب أن يركز على المفهوم الحديث والدور الجديد الفعال لوزارة الصحة كمفهوم.. لقد أثبت مفهوم توازن الحاجات والموارد واستعمال الخدمات على أنه لا توجد طرق مثالية مطلقة لتقديم الرعاية الصحية وبدلا من ذلك يوجد اختيارات يجب أن يقوم بها المخطط عند تخصيص الموارد لمواجهة الحاجات وإذا ظهر أنه استخدم شكلا أو مستوى أو نوعا من الرعاية كان مسرفا بالنسبة للفوائد أو تكاليفه أو القوى العاملة المتاحة له فيجب البحث عن شكل آخر واختياره لحساب فوائده وتكاليفه وإذا وجدت حاجات غير مستجابة مما لا تشجعها الموارد المتاحة إلى حد ما فإنه يمكن تجربة توليفات أخرى مختلفة من القوى العاملة والخدمات وحاجات السكان الملموسة والتي تتغير مع الوقت وفقاً لما يحدث من التغيرات الاجتماعية تماماً كما تتغير المقدرة العلمية والتكنولوجيا للطب على التدخل الفعال، ويجب إيجاد توازن بين الحاجات والموارد واستكمال الخدمات في فترات منتظمة. ومن هنا برزت الحاجة إلى تغير مفهوم ودور وزارة الصحة بما يتناسب والمتطلبات والحاجات والتطلعات الحالية وفلسفة التخصيص وذلك بأن يصبح هذا الدور وفق الاقتراحات التي سأطرحها في مقالي القادم.
مشاركة :