بعد أقل من 3 أشهر قضاها الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض تبدلت مواقفه فجأة في مجموعة من قضايا السياسة الخارجية من العلاقات مع روسيا والصين إلى ما يمثّله حلف شمال الأطلسي من قيمة.فقد أدار ترامب حملته الانتخابية على أساس وعد بتغيير الوضع القائم في واشنطن تماماً، وهاجم الصين مراراً خلال الحملة واتهم بكين بأنها «المناصر الكبير» للتلاعب بالعملة.كما استخف بحلف شمال الأطلسي ووصفه بأنه عتيق، وقال إنه يرجو أن يقيم علاقات أفضل مع روسيا، غير أن الرئيس الأمريكي أبدى في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض وفي مقابلة صحفية أول أمس الأربعاء آراء مختلفة في هذه القضايا، وقال إن علاقته بموسكو تتدهور في الوقت الذي تتحسن فيه العلاقات مع بكين. كما أهال الثناء على حلف شمال الأطلسي، وقال إن الحلف يتكيف مع التهديدات العالمية المتغيرة.وقال ترامب في مؤتمر صحفي مع ينس ستولتنبرج الأمين العام للحلف في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض أمس «قلت إنه عتيق. لم يعد عتيقاً».ومن شأن هذه التحولات في موقف ترامب تجاه روسيا وحلف الأطلسي أن تطمئن حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا الذين هزهم ما أبداه ترامب من ميل لموسكو خلال الحملة الانتخابية، غير أن حديث الرئيس عن «أواصر صلة بدأت تتوطد» مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قد يكون سبباً للحيرة في آسيا، حيث يخشى حلفاء الولايات المتحدة تعاظم الدور الصيني.وجاء التحول البادي في موقف ترامب صوب سياسة خارجية أقرب للسياسة التقليدية وسط خلافات في أروقة إدارته، أدت إلى تراجع نفوذ شخصيات سياسية مؤثرة نال أبرزها من كبير المخططين الاستراتيجيين ستيف بانون.وقبل ستة أشهر فحسب، أشار ترامب وهو ما زال مرشحاً للرئاسة إلى حرصه على إقامة علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورغم كل ذلك قال ترامب الأربعاء إنه يشعر بقلق متزايد من تأييد روسيا للرئيس السوري بشار الأسد.وقال ترامب الذي أمر بإطلاق صواريخ كروز الأمريكية على مطار عسكري سوري الأسبوع الماضي عقاباً للأسد على ما يشتبه أنه استخدام أسلحة كيماوية في الحرب الأهلية السورية، «ربما نكون قد وصلنا إلى أدنى مستوى من حيث العلاقات مع روسيا».وفي الوقت الذي انتقد فيه ترامب روسيا الأربعاء، قال إن علاقة بدأت تتوطد بينه وبين الرئيس الصيني خلال زيارة شي لمنتجع مار الاجو في فلوريدا، حيث تناول الاثنان طعام العشاء مع زوجتيهما وأجريا محادثات، وقبل تلك الزيارة كان ترامب قد تنبأ بمباحثات «صعبة» بشأن التجارة.وتأكد تحسن العلاقات مع بكين عندما قال ترامب لصحيفة وول ستريت جورنال في مقابلة الأربعاء، إنه لن يعلن أن الصين دولة تتلاعب بالعملة بعد أن سبق ووعد بأن يفعل ذلك في أول أيامه في البيت الأبيض.وكان ترامب قطب صناعة العقارات السابق قد تولى منصبه في يناير/ كانون الثاني دون أي خبرة في الحكم، وكان شعاره فيما يخص السياسة الخارجية خلال الحملة هو تأمين سلامة أمريكا وتدعيم القوات المسلحة.قالت كريستين ويرموث وكيلة وزارة الدفاع السابقة في إدارة أوباما إن ترامب مر «بمنحنى تعلم شديد الحدة» فيما يتعلق بالسياسة الخارجية عندما تولى منصبه لكن هذا المنحنى بدأ يستوي.ويبدو أن سياسة ترامب الخارجية بتحولاتها تعكس تراجع نفوذ فريق حملته الانتخابية وتزايد نفوذ وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي اتش.آر مكماستر، وثلاثتهم ممن لديهم شكوك عميقة في روسيا.وتأتي النبرة الجديدة في السياسة الخارجية في وقت يحاول فيه ترامب إنهاء ما يحاك من دسائس داخل جدران البيت الأبيض، حيث كان بانون الرئيس السابق لمؤسسة برايتبارت نيوز المحافظة على خلاف مع جاريد كوشنر المستشار البارز في البيت الأبيض وصهر ترامب.وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك بوست الثلاثاء لم يبد ترامب سوى دعم فاتر لبانون، إذ قال «أنا معجب بستيف لكن عليكم أن تتذكروا أنه لم يشارك في حملتي إلا متأخرا جدا».وأعلن أنه سيكون «أمراً رائعاً» اذا تمكنت الولايات المتحدة والحلف الأطلسي من «التفاهم» مع روسيا، مقرّاً بأنّ العلاقات بين واشنطن وموسكو متدهورة. وقال «سيكون رائعا إذا استطاع حلف شمال الأطلسي وبلادنا من التفاهم مع روسيا. حالياً، لسنا متفاهمين مع روسيا أبدا. وبالنسبة إلى علاقتنا بروسيا يُمكن أن نكون قد (تراجعنا) إلى أدنى (مستوى) في التاريخ». وأكد انه أحسّ بوجود «كيمياء جيدة جدا» بينه وبين نظيره الصيني شي جين بينغ خلال القمة التي جمعتهما الأسبوع الماضي في فلوريدا، معرباً عن اعتقاده في أنّ بكين ستساعد واشنطن لحل مشكلة كوريا الشمالية.وقال انه خلال القمة الأولى بينه وبين نظيره الصيني «بنينا علاقات جيدة. اعتقد انه كانت بيننا كيمياء جيدة جدا. اعتقد انه (شي) يريد أن يساعدنا بشأن كوريا الشمالية».وأضاف «لقد تأثرت كثيرا بالرئيس شي واعتقد أنّ نواياه حسنة واعتقد انه يريد مساعدتنا. سنرى ما اذا كان سيفعل ام لا»، مشيراً بالخصوص إلى رفض بكين استيراد الفحم الحجري الكوري الشمالي في إطار ضغوطها الاقتصادية على بيونغ يانغ.وتابع الرئيس الأمريكي «اعتقد أنّ الصين ستحاول فعلا بذل جهود شاقة وقد بدأت ذلك بالفعل. لقد رُفض عدد كبير من السفن المحمّلة بالفحم الحجري، لقد رأيتم هذا الأمر امس واليوم. كميات الفحم الحجري الضخمة التي تغادر كوريا الشمالية إلى الصين رُفضت. قد يكون هذا الأمر فعّالاً وقد لا يكون كذلك، اذا لم يكن فعّالاً عندها سنكون نحن فعّالين، أعدكم بذلك». (وكالات)
مشاركة :