التيار الحر والقوات اللبنانية يتدرجان نحو بناء تحالف صلبنجحت الثنائية المسيحية الممثلة في حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في الحيلولة دون تمديد جديد لعمل المجلس النيابي الحالي، وذلك بفضل تكتلهما، ولئن بدا ذلك إيجابيا إلا أنه يخفي بين طياته جملة من السلبيات لجهة أن منطق التكتل الطائفي لن يزيد الواقع اللبناني إلا تكريسا للطائفة على حساب لبنان.العرب [نُشر في 2017/04/14، العدد: 10602، ص(2)]جولة جديدة لصالحهما في معركة القانون الانتخابي بيروت - نسفت التطورات السياسية الأخيرة في لبنان التصورات القائلة إن التوافق الحاصل بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية هش وغير قابل للصمود. وكان البعض ومن بينهم حزب الله توقع قرب انهيار اتفاق معراب الذي حصل بين القوات والحر في يناير 2016، بعد قطيعة دامت لسنوات، خاصة بعد بروز خلافات بينهما في الفترة الماضية حول ملف الكهرباء وانتخابات نقابة المهندسين التي اتهم فيها التيار القوات بخيانته حينما دعمت أحد المستقلين على حساب مرشحه. وعلى خلاف تلك التوقعات أثبتت الأيام الأخيرة أن هذا التوافق يتدرج شيئا فشيئا باتجاه بناء تحالف صلب بين الطرفين، سيكون على حساب علاقة التيار الحر وحزب الله اللبناني الآخذة في التراجع. وشكل كل من التيار الوطني الحر والقوات، مؤخرا صدا منيعا حال دون تمديد جديد لعمل مجلس النواب الحالي، مسنودين في ذلك للمرة الأولى بحزب الكتائب اللبنانية وبمباركة الكنيسة المارونية. وذهب الثنائي المسيحي حدا بعيدا في ذلك بإعلان التعبئة للخروج في مسيرات احتجاجية ضد هذا التمديد، إلا أنهما تراجعا في الساعات الأخيرة بعد قرار للرئيس ميشال عون حصل باتفاق مع باقي القوى السياسية يقضي بتأجيل جلسة الخميس النيابية، والتي كان سيصار فيها إلى التمديد لعمل المجلس بعد فشل التوصل إلى قانون جديد للانتخابات. وكان حزب الله وتيار المستقبل وحركة أمل قد تبنوا خيار التمديد، خاصة وأنه لا أفق قريبا لحل أزمة القانون الجديد، في ظل تشبث كل طرف بموقفه. وتقول مصادر سياسية لبنانية إن المنازلة الأخيرة بين الثنائية المسيحية والشق المؤيد للتمديد، والتي انتهت لصالح الأولى، أعطت دفعة جديدة للعلاقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، حيث أظهرت أن بتحالفهما يمكنهما تسجيل نقاط كثيرة في سياق الصراع على الحصص الطائفية داخل النظام اللبناني. ويبدو أن نتيجة هذا النزال أثرت على موقف الثنائية الشيعية الممثلة في حزب الله وحركة أمل لجهة عدم التمسك بالنسبية الكاملة التي لطالما سعيا إلى فرضها. وتقول أوساط سياسية إن الثنائية الشيعية أبلغت التيار الوطني الحر بأنهما منفتحان على باقي الصيغ الأخرى للقانون الانتخابي، ومنها الصيغة التي طرحها رئيس التيار البرتقالي جبران باسيل. وكان باسيل قد تقدم بصيغة تقوم على إجراء الانتخابات على مرحلتين؛ الأولى يحصل فيها التأهيل وفق الاقتراح الأرثوذكسي الأكثري وعلى مستوى القضاء، والثانية، يجري فيها الانتخاب على أساس النسبية الكاملة، وعلى مستوى عشر دوائر. ويرى مراقبون أن تكتل الثنائية المسيحية لفرض إقرار قانون انتخابي جديد، بالتأكيد سيدق ناقوس الخطر لدى القوى السياسية الكبرى وبخاصة حزب الله، الذي يعتبر نفسه الوصي على لبنان وبالتأكيد مثل هذا التحالف المسيحي غير مرغوب فيه بالمرة من وجهة نظره لأنه سيعرقل أجندته للسيطرة الكلية على هذا البلد. من جهة أخرى هناك مخاوف من أن يطلق هذا التكتل السياسي المسيحي الذي يرجح أن يلتحق به حزب الكتائب اللبنانية مسارا جديدا يقوم على بناء تحالفات ذات خلفيات طائفية، وهذا بالتأكيد سينعكس سلبا على الوضع الداخلي اللبناني على المدى البعيد. ويحذر البعض من أن الثنائية المسيحية تسوق لخطاب خطير من حيث المضمون مفاده أن الوجود المسيحي مهدد في لبنان، وأن هناك ضرورة ملحة لتكتل القوى المسيحية لفرض حقوق الطائفة، خاصة وأن المتغيرات الدولية حاليا لا تصب في صالح الأقليات الدينية في الوطن العربي. ويعتبر هؤلاء أن الدفع بمثل هذا الخطاب لا يساعد في بناء حياة ديمقراطية سليمة في لبنان، وأنه لا بد من مراجعة هذا المسار، ونبذ منطق الانغلاق الطائفي لأنه لا يخدم أحدا في هذا البلد، وهذا ينطبق بالتأكيد على الثنائية الشيعية وبخاصة حزب الله الذي يعلي مصلحة داعمته إيران ثم الطائفة و”بعدهما الطوفان”.
مشاركة :