وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟!

  • 4/14/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

د. أحمد فؤاد باشا * لما كان الإنسان كثير النسيان، فقد أمده الله سبحانه وتعالى بالعديد من الآيات البينات التي تذكره بما يحتوي عليه الكون من العجائب والمعجزات، وتنير له طريق الهداية والصواب؛ ذلك أن الحياة من حوله عالم متكامل من المخلوقات يصلح بعضه البعض في سبيل الحياة والبقاء، منها ما ينفع أو يضر، ومنها ما لا ينفع ولا يضر، والإنسان على رأس هذا العالم سيد المخلوقات جميعاً، أعزه الله سبحانه وتعالى بالعقل والحكمة، وخصه بحسن المظهر وجمال التكوين؛ حيث يقول في كتابه الكريم: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم».ولا تقتصر معجزات الخلق الإلهي على نوع أو آخر من المخلوقات التي نراها كل يوم حولنا، بل تمتد إلى الإنسان نفسه، ليكون الدليل قائماً بيننا وواضحاً تحت أبصارنا في كل حين. فجسم الإنسان الذي نراه كل يوم في أنفسنا أو في من هم حولنا من البشر هو بناء عجيب على أكبر جانب من الدقة، وحسن المظهر، وجمال التنسيق. وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يلفت أنظارنا إلى هذا البناء الدقيق لنقف على حقيقة واضحة تدلنا على عظمة الخالق، وجمال الخلق.وبعد مشوار طويل من البحث العلمي الشاق أصبحنا نعرف أن جسم الإنسان يتركب من وحدات أساسية دقيقة للغاية يطلق على كل منها اسم الخلية (Cell)، ويحتوي جسم الإنسان على ما يقرب من 350 مليون خلية متناهية في الصغر لا يمكن رؤيتها إلا بمساعدة مجهر (ميكروسكوب) قوي. والواقع أن خلايا الجسم ليست كلها على نمط واحد من حيث الشكل أو الحجم أو الوظيفة، فهي تختلف فيما بينها اختلافات واضحة، كما أنها تتنوع بشكل يثير الدهشة والإعجاب فهناك على سبيل المثال كرات الدم الحمراء ذات الشكل المستدير ويبلغ قطر الواحدة منها 8 ميكرونات (الميكرون جزء من مليون من المتر) وهناك خلايا الكبد ذات الشكل المكعب تقريباً، ويبلغ قطر الواحدة منها 25 ميكروناً، والخلايا العضلية ذات الشكل المغزلي أو الأسطواني ويصل طول الواحدة إلى 300 ميكرون (3 ملليمترات) والخلايا العصبية التي تمتد عبر الجسم على هيئة ألياف يصل طولها إلى مليون ميكرون (أي متر) أو أكثر.وهذه الخلايا التي يتركب منها جسم الإنسان لا تبقى منفصلة بعضها عن بعض، بل تعيش في تنظيمات متجانسة، ويقوم كل تنظيم بأداء عمل خاص من الأعمال العديدة التي تتطلبها حياة الإنسان. ويطلق علماء الأحياء على هذا التنظيم المتجانس اسم «النسيج» (Tissue)، ومن أمثلة هذه الأنسجة، النسيج العضلي الذي تتركب منه عضلات الجسم على اختلاف مواقعها وأنواعها، والنسيج الإفرازي الذي يدخل في تكوين الجسم، والذي يقوم بإمداد الجسم بجميع احتياجاته من الأنزيمات أو الهرمونات أو المواد الكيميائية الأخرى، والنسيج الطلائي الذي يغلف الجسم من الخارج أو يبطنه من الداخل وهكذا. والأنسجة بدورها تندمج في تنظيمات أكبر يطلق عليها اسم «الأعضاء» Organs، فالمعدة مثلاً عضو مهم يتركب من عدة أنسجة منها النسيج الإفرازي الذي تتدفق منه العصارات الهضمية، ومنها النسيج العضلي الذي تؤدي تحركاته المنتظمة المتتالية إلى خلط الطعام مع العصارات ودفع الطعام المهضوم جزئياً إلى الأمعاء، وهناك أيضاً النسيج الدموي الذي يحمل إلى خلايا المعدة احتياجاتها، وكذلك يوجد النسيج الضام الذي يربط الأنسجة السابقة بعضها مع بعض برباط محكم لتتكون منها وحدة متماسكة وقادرة على أداء وظيفتها كأحسن ما يكون الأداء. *النائب السابق لرئيس جامعة القاهرةafhasha@gmail.com

مشاركة :