« المنتثر ».. غابات الماضي تشرق على الحاضر والمستقبل

  • 4/12/2017
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: «الخليج» أخذت محمية حزام غابات المنتثر في منطقة البطائح بالشارقة إعلان تأسيسها الرسمي في العام 2007، لتكون إضافةً حقيقية لبقية المحميات الطبيعية في إمارة الشارقة، وذلك مساهمةً في دعم حملات الاهتمام بالحياة البرية والفطرية التي تنتظم الإمارة كواحدة من أهم المناطق التي تعمل على المحافظة على البيئة. تتخذ محمية المنتثر موقعاً وسطاً بين طريقي الشارقة مليحة، والشارقة الذيد إلى اليمين عند الجسر العاشر، وسط منطقة طبيعية جميلة، تكثر بها المزارع والأشجار على جانبي الطريق المؤدي إلى المحمية.وتمتاز المحمية بطبيعتها الصحراوية من رمال وأشجار ومراعٍ طبيعية، تكوّن بيئة متكاملة تتوفر بها جميع مميزات المحميات الطبيعية التي يجب أن تشكّل وحدة بيئية تختلف صفاتها الجغرافية والبيئية عن المناطق حولها. وبمناطقها المتنوعة، تشكل محمية المنتثر مرتعاً خصباً وطبيعياً للحيوانات مثل الجمال والمواشي، إلى جانب الطيور بمختلف أنواعها مثل الحمام والمها والصفارد وغيرها من مختلف أنواع الطيور التي وجدت ضالتها في المحمية، وتعمل على إعادة الحياة الفطرية والبرية، بوجودها وتكاثرها.وتبلغ مساحة المحمية كاملة نحو 11 كيلومتراً مربعاً، زرع أكثر من 7 كيلومترات منها، وتجري تكملة بقية المساحة بحسب خطة تعمل عليها إدارة المحمية بالتعاون مع بلدية البطائح، وفق تقرير للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة.تضم المحمية أعداداً كبيرة من الأشجار مثل أشجار الغاف التاريخية التي عاصرت حياة الناس قديماً وتمتلك منها الدولة أعداداً كبيرة جداً في جميع إماراتها.وتجسيداً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ،عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بشأن الحفاظ على بيئات المناطق البرية وصون تنوعها الحيوي، تحرص هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة على تنظيم حملات تشجير منتظمة في محمية المنتثر بمنطقة البطائح. واستشعاراً للمسؤولية المجتمعية تجاه البيئة الطبيعية، تتعاون هيئة البيئة والمحميات الطبيعية وتشترك مع العديد من الجهات في حملة التشجير وذلك زيادةً في الوعي بأهمية المحافظة على البيئة البرية. ومن الجهات التي تحرص على التعاون مع الهيئة وزارة التربية والتعليم والقيادة العامة لشرطة الشارقة والمجالس البلدية وبلدية البطائح ومؤسسة الشارقة للإعلام ومفوضية كشافة الشارقة ومفوضية مرشدات الشارقة وعدد من المجموعات التطوعية.يحيط بالمحمية سياج معدني يحيط بالمحمية بكاملها من الخارج يمثل حدوداً للمحمية ويفصلها عن بقية الأماكن. ومع وجود السور المعدني، يحيط بالسور شجر الأراك المعروف في السنة النبوية الشريفة والمنطقة ليكوّن سوراً جميلاً يحمي المحمية، إلى جانب السياج المعدني. والأراك يتخذ أهميته من الأحاديث الدينية من السنة النبوية الشريفة، إلى جانب ارتباطه التاريخي والتراثي والمعنوي مع سكان المنطقة لفوائده العديدة الطبية وغيرها. وتوجد بالمحمية أشجار السدر البلدي المحلي، والمرخ والأشقر، والعديد من النباتات البرية التي تعيش في أماكنها الطبيعية، حيث تجدها في كل مكان في المحمية، جنباً إلى جنب مع الكثبان الرملية. تتميز محمية المنتثر بأهمية بيئية كبيرة، تبدأ من مساحتها الكبيرة نسبياً، التي تمثل مكاناً طبيعياً للعيش للكائنات البرية، حيث وصل عدد الأشجار الموجودة، بما أُضيف لها عبر حملات التشجير، إلى أكثر من مليون ونصف المليون من أشجار الغاف والسدر، لتكون المحمية في حالة تكاثر مستمر وتنامٍ للأشجار التي لها فوائد عظيمة على البيئة في التربة والهواء وغيرها. الزائر للمحمية يشاهد المناظر الطبيعية الجميلة من الكثبان الرملية المتنوعة التي تشكل لوحاتٍ تشكيلية، تشترك في اللونين الأخضر من الأشجار والأصفر الذهبي للرمال، ولكنها تختلف في تدرجاتها الجميلة والمتموجة، لتعطي الفرصة للزائر لملاحظة الكثير من اللوحات التي أبدعتها الطبيعة بجمالٍ متناهٍ. وتعمل الأشجار في تثبيت التربة، وعدم انجرافها، لتتحول إلى مسكن لهذه الرمال والتلال الصغيرة، وليس العكس. فمع كل تلة صغيرة من الرمال نجد مجموعة من الأشجار المختلفة والمتنوعة في الأنواع والأطوال تلتف حولها، وتشكل لوحةً للتعاون الطبيعي الفطري الآن، بعيداًعن تدخل أيدي البشر. تتمتع المحمية، ولمزيد من دواعي الاهتمام بالمحافظة على الحياة الطبيعية والفطرية بشبكة متكاملة من الغطاسات لري الأشجار والتي تحمل المياه النظيفة للأشجار والطيور التي تعيش أنواع كثيرة منها في المحمية، سواء مقيمة أو مهاجرة تتردد من حين إلى آخر بحسب الموسم. ويمنع في المحمية اتخاذ الخزانات لتجميع المياه للري، وذلك لعدم التغول بأي شكل من الأشكال على المحمية وطبيعتها، ولذا فخطوط الري داخل المحمية من الغطاسات تأتي مباشرة من الخطوط الرئيسية مباشرة لتتوزع في أشكال محددة تضمن وصول الماء إلى جميع أشجار المحمية. تمنع قوانين المحمية استخدام أية مبيدات للرش من أي نوعٍ كان، أو أي مواد أخرى تشكل خطراً على الكائنات في المحمية وذلك حتى لا تعمل على قتل الحشرات بأنواعها، أو النباتات أو الطيور أو غيرها من الكائنات، مما يعطي المكان حيوية عالية، وبيئة فطريةً بالكامل، تساهم في المحافظة على البيئة على طبيعتها البرية. وبالمثل في بقية عدد من المحميات في تلك المناطق، تمنع إدارة المحمية دخول أية سيارات عدا المصرح لها من مركبات العاملين في المحمية أو بلدية البطائح، والتي حددت لها مسارات معينة لا تعوق الحركة الطبيعية في المحمية لجميع الكائنات، خصوصاً الأشجار باختلاف أنواعها. كما يعمل المهندسون والمشرفون في المحمية على الاهتمام بتنقل الأشخاص بمعيتهم، حيث يعرفون المحمية وما تحتويه، وطريقة العمل فيها، والاهتمام بها. المسارات نفسها تتخذ شكلاً حلزونياً دائرياً يلتف حول المحمية بكاملها من الداخل، ويتيح الفرصة للزائر للتجول في كامل المحمية وسط الكثبان الرملية، وهي مسارات تمثل المجريات الطبيعية داخل المحمية تبعاً لطرق المياه، ونوع التربة، وتكون هي الطرق الآمنة الأكثر داخل المحمية. حلقة وصل تقف محمية المنتثر كحلقة وصل بين الماضي والحاضر، حيث كانت نقطة التقاء القوافل المقبلة من جميع الاتجاهات التي كانت تتخذ من منطقة المحمية مكاناً وموعداً دائماً للقاء، والتجارة وتبادل الأخبار عن المناطق والأحوال، كونها تحتضن مجموعة الأشجار المتميزة والتي تشكل غابةً ظليلة في وسط طريق القوافل في الصحراء. هذه الأهمية التاريخية والتي أصبحت تراثية حاضراً، أعطت لمنطقة المنتثر أهميةً بالغة، كونها تتمتع بجذورٍ ضاربة في القدم، ومتصلة اتصالاً مباشراً بسكن وحل وترحال الناس، الذين لا يزالون يعيشون بيننا إلى اليوم، ليتم تحويل المنطقة إلى محمية طبيعية، تحفظ فيها حياتها البرية التي خُلقت بها، لتكون جسراً يربط بين الماضي والحاضر الذي نتنفسه هواءً نقياً، ونحتفظ به لأجيال المستقبل تلبية لنداءات استدامة الحياة النظيفة والطبيعية.

مشاركة :