كلف قرار الزعيم المخضرم للقوميين الأتراك بدعم الاستفتاء على تعزيز سلطات الرئاسة حزبه المعارض كثيراً من الدعم بما قد يمنعه من دخول البرلمان فيما يقدم للرئيس طيب أردوغان نصراً محتملاً آخر. وحزب «الحركة القومية» الذي يقوده دولت بهجلي هو أصغر جماعات المعارضة الثلاث في البرلمان والوحيد بينها الذي قرر دعم التصويت بنعم في الاستفتاء المقرر الأحد المقبل. وأحدث موقفه، الذي تبناه العام الماضي في تحول مفاجئ، انقساماً شديداً لدرجة أنه يتجه في ما يبدو إلى الإخفاق في تجاوز عتبة العشرة في المئة من الأصوات اللازمة للفوز بمقاعد في البرلمان بعدما حصد 11.9 في المئة من الأصوات في الانتخابات الماضية في العام 2015. وسيجد أردوغان حافزاً للدعوة إلى انتخابات مبكرة إذا ربح الاستفتاء نظراً لأن السلطات الجديدة التي طالما سعى إليها لن تطبق إلا بعد إجراء انتخابات جديدة للرئاسة والبرلمان. وإذا خرج حزب «الحركة القومية» من البرلمان فسوف يكون أردوغان في وضع أقوى حيث من المرجح أن يحقق حزب «العدالة والتنمية» الحاكم الذي يدعمه غالبية أكبر. وقال سنان أوجان العضو البارز في جناح داخل حزب «الحركة القومية» يرغب في الإطاحة ببهجلي إن «أنصار الحزب يشعرون بالخداع... يشعرون بأنهم قد تم التغرير بهم». وأضاف «في ظل قيادة بهجلي سيواجه الحزب على الأرجح تحدياً قوياً لتجاوز عتبة (العشرة في المئة) في الانتخابات». وكان بهجلي أحد أبرز المعارضين للتحول المقترح إلى نظام الرئاسة التنفيذية إلى أن أعلن فجأة العام الماضي أنه يؤيد التصويت «بنعم». ويقول إنه بات يعتقد أن النظام الرئاسي القوي ضروري لحماية الدولة. وقال في خطاب له في الآونة الأخيرة «نقول نعم من أجل إنقاذ النظام... وليس لشخص. نقول نعم لاستمرار الجمهورية التركية». ويقول معارضوه داخل الحزب إنه بدل مواقفه في شأن الاستفتاء لضمان دعم الحكومة في التصدي لتحد كان يواجهه على زعامة الحزب. وينفي بهجلي الاتهام. وبعد قليل من تأييد بهجلي للتصويت بنعم قضت محكمة وهيئة انتخابية لصالحه برفض محاولة لعزله من زعامة الحزب. وتشير استطلاعات للرأي إلى أن الحزب سيحقق أداء أفضل في ظل زعيم آخر لكن قواعد حزب «الحركة القومية» لا تسمح بعقد اجتماع للحزب لاختيار زعيم قبل آذار (مارس) المقبل. وكانت وزيرة الداخلية السابقة ميرال أكشنر، التي تمرست في العمل السياسي على مدى عقدين من الزمن، تعد أبرز تحد لبهجلي قبل طردها من الحزب العام الماضي. ومنذ ذلك الحين أصبحت أحد أبرز الأصوات اليمينية في الحملة الرافضة للتعديلات الدستورية. وقالت أمام حشد في أنقرة في مطلع الأسبوع «سنقرر في (16 نيسان) إن كنا سنحافظ على قيم الجمهورية أم سنسلم مستقبل البلاد لشخص واحد». إلى ذلك، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو اليوم، إن تركيا قد تعيد النظر أو تعلق جميع الاتفاقات المرتبطة باتفاق الهجرة مع الاتحاد الأوروبي، إذا لم يقدم الاتحاد رداً إيجابياً في مسألة رفع التأشيرة عن الأتراك المسافرين إلى دوله. ووافقت الحكومة التركية في أوائل 2016 على المساعدة في كبح تدفق اللاجئين إلى أوروبا عبر أراضيها، في مقابل إعفاء مواطنيها من تأشيرة الدخول إلى الدول الأعضاء. لكن الاتحاد يريد أن تعدّل أنقرة أولاً قوانين مكافحة الإرهاب التي يقول إنّها فضفاضة. وقال تشاووش أوغلو في مقابلة تلفزيونية إن الاتفاق في شأن المهاجرين وإلغاء التأشيرات حزمة متكاملة. وأضاف قائلاً «إذا تلقينا رداً سلبياً من الاتحاد الأوروبي لدينا الحق في إعادة تقييم أو تعليق هذه الاتفاقات. يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى منح الإعفاء من التأشيرة الذي يستحقه شعبنا». وتراجعت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشدة في الفترة السابقة على الاستفتاء على منح صلاحيات تنفيذية واسعة للرئيس التركي. وسبق أن حذرت تركيا من أن اتفاق الهجرة معرض للخطر. وقال أردوغان الشهر الماضي إنه قد يدعو إلى استفتاء حول الاستمرار في محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. واتهم أردوغان مراراً الحكومتين الألمانية والهولندية بالتصرف مثل النازيين بعد أن حظرتا، لأسباب أمنية، لقاءات عامة كان سيحضرها مسؤولون أتراك لحشد الدعم للاستفتاء. وقال نائب وزير الخارجية الألماني مايكل روث في مقابلة مع صحيفة «فيلت أم سونتاغ» تنشر الأحد إن «الإهانات التي تشير إلى النازيين غير محتملة». وقال تشاووش أوغلو إن أأردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفقا أثناء اتصال هاتفي أمس على تحسين العلاقات المتوترة من جراء التباين في سياساتهما في شأن سورية. وأضاف قائلاً «سنعزز علاقاتنا مع روسيا في ما يتعلق بالحفاظ على وقف إطلاق النار في سورية و(إيجاد) حل سياسي والمساعدات الإنسانية. سنجعل علاقاتنا بروسيا أكثر قوة». ومضى يقول «على رغم أنه توجد انتهاكات (لاتفاق وقف إطلاق النار في سورية) لكننا نرى أن القتال توقف إلى حد كبير. نريد أن يستمر التعاون مع روسيا». وقال تشاووش أوغلو إن نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد سيزوران روسيا الأسبوع المقبل لبحث «رفع القيود الحالية على التجارة» التي كانت تضررت من جراء الصدع السياسي بين البلدين. وفي شأن آخر، قالت وكالة «الأناضول» للأنباء اليوم، إن شرطة إسطنبول احتجزت خمسة عناصر تشتبه في انتمائها لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) وفي أن بضعهم كان يخطط لهجوم في تركيا قبل الاستفتاء المقرر الأحد المقبل. وقالت الوكالة إن الشرطة تشتبه في أن ثلاثة من المحتجزين كانوا يخططون لشن هجوم باسم التنظيم. والاثنان الآخران، وأحدهما من أصل طاجيكي، سافرا إلى «مناطق صراع» ونفذا عمليات لحساب التنظيم. وتشير أصابع الاتهام إلى «داعش» في ست هجمات على الأقل على أهداف مدنية في تركيا خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك هجوم في ليلة رأس السنة على ملهى ليلي في إسطنبول أسفر عن مقتل 39 شخصاً. وتشارك تركيا العضو في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) في تحالف تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم «الدولة الإسلامية» ونفذت توغلاً في سورية في آب (أغسطس) لطرد التنظيم المتشدد والمقاتلين الأكراد من على حدودها. ويدلي الأتراك بأصواتهم الأحد في استفتاء على تغيير النظام السياسي ومنح رئيس البلاد سلطات جديدة واسعة.
مشاركة :