يجري اليوم في تركيا استفتاء على التعديلات الدستورية، التي تهدف لتحويل البلاد إلى جمهورية رئاسية، حيث رئيس الدولة يعين الوزراء وجزء من القضاة ويكون بيده حق المصادقة على الميزانية. وفي الوقت الذي يتهم معارضي التعديل إصلاحات الرئيس رجب طيب أردوغان هذه، ويعتبرونها محاولة منه لإقامة ما يشبه نظام الحكم الملكي المطلق، يشدد أنصاره على أن زعيم قوي في البلاد، هو المخرج الوحيد للنهوض الاقتصادي وتدعيم ركائزه، وكذلك الأسلوب الوحيد للتعامل مع مخاطر الإرهاب. أوروبا ستتابع مجريات الاستفتاء عن كثب، دون أن تخفي موقفها السلبي من محاولة الزعيم التركي توطيد السلطة بيده منفردا. أما روسيا فلقد حافظت على موقف غامض تجاه أفكار أردوغان الإصلاحية. ووفقا لمصدر من الدوائر الدبلوماسية فإن التصويت على هذه الإصلاحات الدستورية يمكن أن يؤدي إلى تركيز السلطات في يد "رجل لا يمكن تماما التنبؤ بسلوكه". ومن الجدير بالذكر أن البرلمان التركي وافق على حزمة تتكون من 18 تعديل على الدستور في شهر يناير-كانون ثاني الماضي، إلا أنه حصل على دعم الأغلبية البسيطة بدلا من أغلبية الثلثين، لهذا السبب أضطر إلى تقديم التغييرات المقترحة في النظام الدستوري الى الاستفتاء الشعبي. النظام الجديد الذي يقف وراءه حزب العدالة والتنمية الحاكم وجزء من اليمين المتطرف في حزب الحركة القومية يهدف إلى نقل البلاد من الشكل البرلماني إلى الرئاسي في الحكم والذي بموجبه يتم إلغاء مقعد رئيس الوزراء، ويحق لرئيس الدولة تقديم ميزانية الدولة وتعيين وإقالة الوزراء، وكذلك جزء من قضاة المحكمة العليا التي أيضا يجب اصلاحها حتى ذلك الحين. ومن الجدير بالملاحظة في مضامين التغيير، أن الأشخاص العاملين في القوات المسلحة (الجيش في تركيا منذ عهد كمال أتاتورك، لعب دائما الدور الضامن لطبيعة نظام الدولة العلماني) سوف يحرمون من حق الترشح، وأن المحاكم العسكرية سيتم تصفيتها. وأخيرا في ظل النظام الجديد سوف يحصل رجب طيب أردوغان الذي يحكم البلاد منذ عام 2003، على الحق ليعاد انتخابه مرتين. من ناحية أخرى، يخيم التوتر وفقدان الثقة بغطائه على استفتاء الأحد، وتشير الاستطلاعات إلى نتائج متساوية تقريبا بين المؤيدين والمعارضين للتعديلات الدستورية، مشيرة إلى أن النتيجة تعتمد على مزاج مجموعة الـ%10 من المصوتين المترددين والتي سيكون بيدها قرار الحسم النهائي. ناصر قويدر
مشاركة :