انتخابات الأسد: اقتراع على صوت «البراميل المتفجرة» والجلوس فوق «جثث السوريين»

  • 5/8/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت المحكمة الدستورية العليا في سوريا الأحد الماضي قبول 3 طلبات ترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من يونيو، تبين منها أن الرئيس السوري بشار الأسد سيخوض الانتخابات في مواجهة مرشحين اثنين آخرين، وقد شملت الأسماء كل من (ماهر عبدالحفيظ حجار، حسان عبدالله النوري، بشار حافظ الأسد)، فيما رفضت المحكمة باقي طلبات الترشح المقدمة، والبالغ عددها 21 طلبًا، «بالنظر إلى عدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية»!!. بينما تظل روسيا الدولة الوحيدة التي تدعو السوريين (وأين هم) إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية واختيار الأسد، مع أنها في موقف مشابه في أوكرانيا ترفض إجراء الانتخابات الرئاسية باعتبار أنها تفتيت للدولة، فهل تلك ازدواجية أم الحفاظ على المصالح؟ وقد أعلن النظام في نهاية أبريل الماضي (ممثلا في رئيس مجلس برلمانه محمد جهاد اللحام الاثنين 28 أبريل) أن رئيسه الحالي الأسد تقدم بطلب للترشح للانتخابات الرئاسية، والتي يحاول النظام تصويرها كـ»انتخابات رئاسية تعددية» في سوريا، بعد إقرار برلمانه لقانون الانتخابات الرئاسية في 14 مارس، والذي يغلق الباب عمليًا على احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج. قصف في مناطق متفرقة بسوريا، قتلى أكلت جثثهم الكلاب وجرحى لم يستطيعوا الحصول على الإسعافات فماتوا ببرود.. أسر شتت شملهم، فمنهم من أصبح لاجئًا على الحدود التركية، وآخر من كان حظه أفضل فلحق بالزعتري، أما من كان حظه عاثرًا فتسول في أي من بلدان الجوار تأمينًا لمبيت أو لقمة تسد جوعه.. شعب يودع آخر.. وشباب شاب قبل أوانه.. وأطفال نسوا معنى الطفولة.. وانتخابات مزعومة.. ارتفاع لوتيرة القصف بـ»البراميل المتفجرة»، وعد تنازلي لإجراء انتخابات أصبحت «نكتة»، يصر النظام على أنها «مضحكة» لكنها في الواقع مبكية.. عالم أصم.. فقط يشاهد ويندد.. مشهد سوري صوره البعض بأن صناديق الانتخاب غابت وحضرت صناديق الموتى و»براميل الكلور» الخانق أو قبله أنابيب السارين المميت.. ودعاية المرشحين ستلصق على طائرات القصف لأن الحرب لم تترك جدارًا ولا منزلًا تعلق عليه اللافتات والملصقات. انتخابات رئاسية بلون الدماء، افترستها شهوة الأسد للبقاء والجثوم على صدر شعب غدت مأساته المأساة الأكبر في التاريخ المعاصر، مسرحية هزلية معهودة من حاكم لا يرى غير بقائه قانونًا أبديًا سرمديًا، يكشف حقيقة وعمق التصدع والانهيار القائم خلف هذا الديكور الديمقراطي الدامي في لعبته وبعض حلفائه ومؤيديه الذين يتدربون معه على السياسة في سباق الترشح القائم! بينما يتوقع المسؤولون الأمميون أن يصل عدد اللاجئين 6 مليون شخص هذا العام، تم حرمانهم من حقهم في التصويت حيث أعلن مسؤول سوري أن من غادر البلاد «بطريقة غير شرعية» لن يحق له الاقتراع في الخارج، يا لها من ديمقراطية أسدية مبهرة!!. تقدم بشار الأسد بأوراق ترشحه ممهورة بدماء أكثر من 200,000 سوري وسورية، ومرفقة بسجل حافل بالجرائم يتصدرها تشريد وتهجير أكثر من 9 ملايين داخل سوريا وخارجها، وتدمير هائل للبنية التحتية ولاقتصاد البلاد على مدار السنوات الثلاثة الماضية، كما ارتكب الأسد جريمة القرن باستخدامه الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين من الرجال والنساء والأطفال، بالإضافة إلى خرق السيادة الوطنية السورية بإدخال عصابات طائفية أجنبية إلى البلاد لمساعدته على سفك دماء المدنيين العزل، إنه انتخاب بلون الدم ورائحة الكيماوي! وطعم البراميل الحارقة التي راح ضحيتها قرابة الألف مواطن سوري هم ضحايا للقصف العشوائي بسلاح القنابل البرميلية، قرابة الـ97% منهم مدنيون، منهم 252 طفلًا و137 سيدة أي أن نسبة الأطفال والنساء بلغت 42% من مجموع الضحايا المدنيين وهي نسبة مرتفعة جدًا، وتكاد بلاده تخلو من أي كوادر طبية لعلاج ضحاياه وضحايا فشله في إدارة السياسة مع شعبه وثورته، ووأد كل إمكانات الحل السلمي والسياسي التي طرحت منذ الشهور الأولى للولادة البريئة لثورة أطفال درعا في 15 مارس سنة 2011 التي عسكرها عنفه واستدعى بميليشياته الطائفية ميليشيات إرهابية مضادة لها، حولت السياسة على الطرفين لإرهاب طائفي وديني وبراميل حارقة وأسلحة محظورة، وبات الوطن أشتاتًا لا تسيطر الإدارة الفاشلة للأسد وحلفاءها على أكثر من ثلث سوريا!! فأي شرعية بقيت له حتى يرشح نفسه لولاية جديدة؟! بعد أن صور وحلفاؤه ما تم من تقدم في منطقة القلمون ويبرود انتصارًا، وهي التي عادت الاشتباكات قائمة فيها، وتم قصف مطارها من قبل المعارضة وقوات الثورة آواخر أبريل الماضي، كما لا زال تقدم المعارضة في عدد من المناطق الأخرى. الأسد وشرعية الكيماوي هل هي شرعية القمع والقتل والغاب التي تستخدم وحشية الأسلحة المحظورة في الغابات ضد المدنيين، التي تكررت العديد من المرات كما رصدتها تقارير سابقة لكل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، حينما أعلنوا جميعًا أن لديهم دلائل على استخدام الأسد للكيماوي، وعلى الرغم من صدر قرار مجلس الأمن 2139 والذي تم تبنيه بالإجماع بتاريخ 22 فبراير وفيه نص واضح «بالتوقف الفوري عن كافة الهجمات على المدنيين ووضع حد للاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، مثل استخدام القنابل البرميلية». أم أنها شرعية الحل السياسي الذي وأده في جنيف 1 وجنيف 2 بمراوغاته المستمرة وعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه في الأولى، من شرط تأسيس حكم انتقالي كامل الصلاحيات وتشتيت الفكرة عبر فزاعة الإرهاب التي بدأها واستثمر فيها -حينًا- وعبر اتهامات أخرى -حينًا- آخر.. تزامن ترشح الأسد الذي لا يقبل فكرة الرحيل مع أنباء تزايدت عن استقالة الأخضر الإبراهيمي من مهمته كوسيط دولي في الأزمة السورية! ما يعني اليأس من السياسة مع الأسد، وأنه لا سبيل إلا المزيد والمزيد من دعم المعارضة حتى رحيله!. حتى أن الإبراهيمي نفسه قال في تصريحات إعلامية: «إن ترشيح الأسد لانتخابات الرئاسة انهيار للحل السياسي السلمي»، بينما تنشغل روسيا في أوكرانيا وتزداد شقة الخلاف بينها وبين الغرب، وقد حدث عدد من التغيرات والتحولات في الموقف من الأزمة والثورة السورية، يبدو أنها انتهت كما انتهى السوريون إلى اليأس من السياسة مع الأسد، الذي صارت تشم من بقائه رائحة وضرورة الرحيل بأي شكل داخلي أو خارجي. المعارضة.. والدعم الدولي حاول المجتمع الدولى والإقليمي تقديم العديد من الجهود لوضع حد لمأساة الشعب السوري الأكبر ربما في تاريخ العصر الحديث، بشهادة المنظمات الدولية والعالمية، منذ أكثر من 4 أعوام منذ تفجرت شرارات الثورة الأولى ضد الأسد لإيجاد سبيل للحل السياسي أفشلته دائما مراوغة الأسد وتعنته، وليس آخرها ما كان في جنيف الأولى والثانية، ويبدو أنه لا يزال البعض فيه يحاول فقد طرح البرلمان الأوروبي في أبريل الماضي احتمالية الذهاب لجنيف 3 بعد فشل جولتتيها السابقتين، وهو ما أرجعه لمراوغة الأسد وعدم التزام وفده بمرجعية جنيف 1 كما كان متفقًا عليه. وهو ما يفتح المجال للبحث والتحليل في أسباب استمرار تعلق وتعثر الثورة السورية والأزمة السورية بعموم، والتي يأتي في مقدمتها الإمكانيات المتاحة للمعارضة السورية سواء بالتمويل أو التدريب، فضلًا عن استحالة الحسم مع عدم قدرة أي طرف في الأزمة -المعارضة والنظام- على حسم المعارك لصالحه على الأرض، حيث أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جينيفر بساكي الثلاثاء 15 أبريل، أنها لا توافق على ما قاله بشار الأسد بأن مجريات الحرب تميل لصالح نظامه، حيث وصفت المتحدثة بأن ما يحدث أصبح شبيهًا بحرب الاستنزاف لا يحرز فيها أي طرف مكاسب تحسب على الأرض، وهو ما أعاد فتح المجال للحديث عن الفرص المتاحة لتسليح المعارضة السورية خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. يذكر أنه قد سبق وأن أقر الكونجرس الأمريكي في مطلع عام 2014 إرسال أسلحة خفيفة ومتوسطة إلى الجيش الحر، علاوة على إرسال المساعدات غير القتالية إليه كأجهزة اتصالات ومعدات نقل، بعد أن كان تم تعليقها في ديسمبر 2013 إثر استيلاء جبهة النصرة على مخازن أسلحة الجيش الحر، وهو الأمر الذي عاد الحديث حوله خلال الأيام القليلة الماضية، عندما تم الإعلان عن وجود خطة أمريكية لدعم مقاتلي المعارضة السورية ذات التوجهات المعتدلة. إمكانيات المعارضة المتاحة على الرغم من أن خسارة المعارضة السورية ليبرود يعد خسارة إستراتيجية ومعنوية لهم، إلا أنها ومن ناحية أخرى، كانت دافعًا قويًا من أجل تحقيق المزيد من التقدم على الأرض واستعادة المناطق التي سبق وأن سيطر عليها النظام السوري، والسعى إلى التصعيد الميداني في ظل تعثر جهود التسوية السياسية بعد فشل جينيف2، كان ذلك بهدف الضغط على القوى الدولية خاصة الولايات المتحدة لتوسيع دائرة تسليح المعارضة كالجيش السورى الحر وغيره من الجماعات المعتدلة المقاتلة بصواريخ مضادة للطائرات ومدرعات بالأساس، سواء تلك الموجودة في الأردن على الحدود الجنوبية السورية، وكذلك حث الدول الأوروبية خاصة ألمانيا على إعادة النظر في موقفهم من مسألة الدعم العسكرى للمعارضة على مراحل يتبعها تقييم تدريجي لنوعية الأسلحة، ومدى كفاءة استخدامها من قبل المقاتلين، وقد تمتد المرحلة الأولى من صفقة التسليح طوال العام الحالي بناءً على تصريحات عدد من القيادات في الائتلاف الوطني السوري في مطلع شهر إبريل الجارى بأن الخطة يمكن أن ترى النور بعد اتفاق مع قوى داعمة أخرى على بداية تنفيذها، علاوة على أن تضمن الخطة لمسألة تدريب فصائل من الجيش السوري الحر على استعمال هذه الأسلحة المتطورة تمهيدًا لتسليمها جزءًا منها، علاوة على فصائل لا تنضوي تحت راية الجيش الحر سيتم الاعتماد عليها كذلك، وهي الفصائل الغير إسلامية في إيديولوجيتها، حتى تتمكن المعارضة من تحقيق إنجاز وتقدم ميداني ملحوظ، أو على أقل تقدير تحقيق توازن في القوى العسكرية بين النظام والمعارضة بصورة يمكن أن تدفع أو تجبر النظام على تقديم تنازلات محدودة، تساهم في حلحلة الملف في المرحلة المقبلة. وربما يتمثل هدف الدعم العسكري الجديد للثوار بتمكينهم من استعادة السيطرة على الضواحي والمناطق التي خرجت عن سيطرتهم لصالح النظام، على أمل إرغام الأخير على قبول حل سياسي لإنهاء الصراع من خلال الموافقة على حكومة انتقالية، من دون الرئيس بشّار الأسد، وتؤكّد فصائل المعارضة على أن توفير الكميات اللازمة من الصواريخ الفردية المضادة للطائرات سيرجّح كفّة المعارضة، ومن شأن الصواريخ المضادة للطّائرات وصواريخ كونكورس المضادة للدبابات أن تساعد المعارضة في حرمان النظام من الأفضليتيْن الرئيستيْن في ساحة المعركة المتمثلتين في سلاح الجوّ وسلاح المدرعات الثقيلة. تطورات ميدانية في منتصف شهر أبريل الماضي، بدأ ظهور العديد من اللقطات ومقاطع الفيديو التي تم تداولها عبر شبكات الإنترنت وهي تظهر بعض فصائل المعارضة السورية تحمل بعض الأسلحة التي جاءت إليها في إطار صفقة التسليح الأمريكي الأخيرة، وقد أُعلن تأسيس حركة حزم في 26 يناير 2013، وذلك من خلال عملية دمج حدثت لأكثر من 22 حركة معارضة سورية، أغلبها ينتمي للاتجاهات المعتدلة، وأصبح الهدف الرئيس للحركة مثلها مثل باقي الفصائل المقاتلة «إسقاط نظام بشار الأسد»، وتميزت الحركة بأن قيادتها تتشكل من مزيج ما بين العسكريين والمدنيين، ويتولى عبدالله عودة 28 عامًا قيادتها العسكرية ويعد عودة من بين أوائل الضباط الذين انشقوا عن الجيش النظامي عام 2011، ومنذ انشقاقه شارك في الكثير من المعارك، كان معظمها تحت راية «كتيبة الفاروق»، التي كان ينتمي إليها قبل تشكيل حركة حزم. بينما يتولى قيادة مكتبها السياسي حمزة الشمالي، كما تقع قاعدة الحركة في منطقة صخرية غير مأهولة تغطيها الأشجار الكثيفة في محافظة إدلب، وحرص أعضاء الحركة علي ارتداء الزي العسكري ويخضعون لاختبارات طبية وينامون في أسرة من طابقين ويتدثرون بأغطية متطابقة، كما هو الحال في الجيوش النظامية، ولذلك كان لها طابعها العسكري المميز، حيث يتولى القطاع الشمالي بزعامة مرشد الخالد تغطية كل من إدلب، ومحافظة حماة، وحلب، أما القطاع الجنوبي بزعامة محمد الدهيك أو المعروف باسم أبو حاتم، فيتولى كل من ريف دمشق وحمص ومدينه دمشق، ومحافظة درعا. ومن غير المعروف حتى الآن الأعداد الحقيقة المشاركة في حركة حزم، فيما تقول عدد من التقديرات إنها تضم حوالى 5.000 مقاتل، ولهذا تعتبر من أقل جماعات المعارضة عددًا، لكن أشار عودة زعيم الحركة بأن الهدف الأساس للحركة هو التركيز على بناء قوة عسكرية تتمتع بتدريب عالٍ، مؤكدًا على تجنيد الأفراد السابقين في الجيش، الذين يتمتعون بخبرة عسكرية، ويتلقى أفراد حركة حزم رواتب شهرية تصل إلى 100 دولار لكل مقاتل، توفرها الجهات الحليفة للمقاتلين، أما فيما يتعلق بتسليح الحركة، فتشير بعض التقارير والتي كان من بينها تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في 28 أبريل 2014 أنها تتسلح بأسلحة ثقيلة ومنها: ** عربات القتال المدرعة: وتشمل T-72، T-62، T-55 والدبابات وBMP-1 وعربات القتال للمشاة، وتستخدم في المقام الأول في دور دعم المشاة وقطع المدفعية. ** المدفعية وقذائف الهاون: وتشمل 122 مم D-30 مدافع الهاوتزر 130 مم M-46 مدفع ميدان و 82 ملم و 120 ملم قذائف هاون، وصواريخ غراد 122 ملم. ** أسلحة مضادة للطائرات: الرشاشات الثقيلةZPU-2، ZU-23 و S-60 المدافع المضادة للطائرات، ZSU-23/4 المدافع المضادة للطائرات ذاتية الدفع، وربما SA-16 وهي منظومات الدفاع الجوي المحمولة، والعديد من المدافع المضادة للطائرات الهيدروليكية، وأحيانًا تستخدم في تكوين البطارية التي تعزز من فرص إصابة الهدف. ولذلك فيمكن القول: إن الإدارة الأمريكية بدأت بشكل تدريجي وحذر إرسال بعض الأسلحة إلى حركة حزم وهو ما أكدته صحيفة واشنطن بوست الأميركية التي صدرت بتاريخ 27 إبريل، وذلك من خلال نشر معلومات تؤكد حصول مقاتلي المعارضة على صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات، بعد تقديمهم ضمانات بإعادة الفوارغ لضمان عدم إعادة بيعها أو سرقتها أو وصولها إلى أيدي متشددين، وهي المعلومات التي تم نشرها نقلاًَ عن الحركة وعن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، وعلى ما يبدو فإن الخطوة الأميركية تأتي في إطار دعم تشكيلات نظامية بعيدة عن الفوضى العارمة التي تعيشها فصائل المعارضة المسلحة. الكلور.. يغير الحسابات تكشف هجمات غاز الكلور في سوريا أواخر الشهر الماضي -إن ثبت حدوثها رغم تأكيدات لبريطانيا وأمريكا وفرنسا- عن ثغرة كبيرة في الاتفاق الدولي على إزالة الأسلحة الكيماوية من سوريا، وتوحي بأن الحرب الكيماوية يمكن أن تظل شبحًا قائمًا حتى بعد الانتهاء من عملية الإزالة، وكان الرئيس الأسد اتفق مع الولايات المتحدة، وروسيا على التخلص من ترسانة أسلحته الكيماوية التي لم يسبق وأن اعترفت بها دمشق رسميًا من قبل، وذلك بعد أن لقي مئات حتفهم في هجوم بغاز السارين في ريف دمشق في أغسطس الماضي. وقالت واشنطن وحلفاؤها الغربيون وقتها: «إن قوات الأسد هي التي استخدمت غاز الأعصاب في أسوأ هجوم كيماوي بالعالم منذ ربع قرن»، لكن الحكومة اتهمت مقاتلي المعارضة بارتكابه، فيما تعهدت سوريا بتسليم كل ترسانتها من الأسلحة الكيماوية أو تدميرها قبل نهاية هذا الأسبوع، إلا أنه لا يزال بحوزتها نحو 14 في المئة من المواد الكيماوية التي أعلنت عنها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وبالإضافة إلى ذلك يقال إن غاز الكلور -الذي لم يرد ذكره في القائمة المقدمة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية- يستخدم حاليًا على أرض المعركة مما دفع بعض الدول للتفكير في تقديم طلب بالتحقيق ربما من خلال الأمم المتحدة، وحملت هجمات شهدتها عدة مناطق سورية هذا الشهر بصمات مشتركة جعلت بعض المحللين يعتقدون أن هناك حملة منسقة بغاز الكلور، مع تزايد الدلائل على أن الحكومة هي الجانب الذي يسقط القنابل. علب الموت وفي قرية كفر زيتا الواقعة بوسط محافظة حماة على بعد 200 كيلومتر شرقي دمشق، نشر نشطاء من المعارضة تسجيلًا مصورًا لأناس مختنقين ويجري تزويدهم بالأكسجين بعد سقوط قنابل من طائرات هليكوبتر يومي 11 و12 أبريل على حد قولهم، لكن حتى الآن لم يتسن التحقق من مصداقية التسجيلات، وكثيرًا ما يلقي النشطاء باتهامات مشابهة لكن ما ظهر بهذه التسجيلات من عبوات صفراء ربما يعطي دلالة على ما حدث. إحدى العبوات انفجرت جزئيًا وكان مكتوبًا على جانبها (سي.إل2) الرمز الكيميائي لغاز الكلور، وشوهدت أيضًا كلمة (نورينكو) وهي أكبر شركة سلاح صينية، صورت العبوات في ثلاث مناطق منفصلة، وكانت جميعها مطلية باللون الأصفر، وهو ما يشير إلى غاز الكلور وفقًا للمعايير الدولية في استخدام شفرات اللون بالنسبة للغازات المستخدمة في أغراض صناعية. وتقع منذ 11 أبريل هجمات متكررة علزيارة الجربا.. والدفعة الأمريكية يزور الجربا الولايات المتحدة مطلع الأسبوع المقبل، وفيما يبدو فإن الزيارة المرتقبة سوف تحمل في مكنونها الكثير والكثير، وقبل أن تتم الزيارة فإن تقارير إعلامية أشارت إلى ان «واشنطن قررت منح صفة البعثة الدبلوماسية لجماعات المعارضة السورية الموجودة لديها في محاولة للتصدي لقيام نظام الرئيس السوري بشار الأسد بتشديد قبضته مؤخرًا على عدد من المناطق داخل سوريا». ولفتت تلك التقارير إلى أن «وزارة الخارجية الأميركية قالت إنها تعتبر مكاتب الائتلاف الوطني السوري المعارض في كل من واشنطن ونيويورك مكاتب بعثات خارجية رسمية لتعزيز شرعية المعارضة السورية، وفي موضوع بعنوان «الولايات المتحدة تمنح تحالف المعارضة السورية صفة البعثة الأجنبية»، نشرت صحيفة «الجارديان البريطانية» أن «واشنطن أرادت بذلك دعم قوة الائتلاف السياسية لأنه الفصيل السوري المعارض الذي تعتبره الإدارة الاميركية معتدلا، وتستعد لدعمه بمبلغ 27 مليون دولار في صورة معدات حربية غير مميتة وهي المساعدات التي يناقشها الكونغرس حاليًا، لافتةً إلى أنه «في حال إقرار هذه المساعدات فإن الدعم الاميركي للمعارضة السورية سيصل إلى 278 مليون دولار»، كما أشارت الصحيفة إلى أن «الوضع في سوريا أصبح مقلقًا مع استمرار الحرب الأهلية منذ 3 سنوات، ما تسبب في مقتل ما يزيد على 150 ألف شخص بالتزامن مع فشل مفاوضات جنيف في التوصل إلى صيغة سياسية لحل الأزمة»، لافتةً إلى ان «وفدًا من ممثلي المعارضة السورية قد وصل إلى واشنطن نهاية الأسبوع الماضي لعقد عدة لقاءات مع ممثلي الحكومة في محاولة لإقناع الإدارة الأميركية بأهمية زيادة الدعم لهم لإزاحة نظام الأسد»، وأضافت الصحيفة البريطانية: «إن رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا قد أعلن مرارًا قبل ذلك أنه يسعى لإقناع واشنطن بدعم الجيش السوري الحر بأسلحة متطورة لتغيير موقفه المتدهور على الارض»، لافتةً إلى أن «تقارير مختلفة غير مؤكدة أفادت بأن الاستخبارات الاميركية «السي أي إيه» تقوم بإمداد جهات معينة في المعارضة السورية بأسلحة مختلفة»، موضحةً أن «هذا الوضع الجديد الذي منحته للائتلاف الوطني السوري سيسمح لهم باستخدام حسابات بنكية والتعامل مع شركات أمنية مختلفة»، ناقلةً عن نائب المتحدث باسم الخارجية الاميركية ماري هارف، قولها: «أظن أن ذلك يوضح الى أي درجة نلتزم بتعهداتنا بدعم المعارضة السورية وأننا نعتبرهم الجهة الشرعية الممثلة للشعب السوري». تغيير وجهات النظر الغربية إدراك الولايات المتحدة الأمريكية المتأخر أن التدخل العسكرى المباشر لأي من القوى الدولية يمكن أن يعزز من فكرة «أقلمة» الصراع في سوريا، وهو ما سيؤدي إلى الإضرار بأمن إسرائيل، وكذلك سيلقى تداعياته السلبية على كل من لبنان والعراق والأردن وتركيا، وهو ما دفع الولايات المتحدة للتفكير في إجراء تغيير تكتيكي في مجريات الأحداث في سوريا، حيث نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمنيين أمريكيين في مطلع أبريل، أن هناك خطة لزيادة تدريب مقاتلي المعارضة السورية وإرسال مزيد من الأسلحة إليها في مواجهة نظام الأسد، مع عدم شمول هذه الخطة على صواريخ مضادة للطائرات، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى لنظيره الروسي سيرغى لافروف في أواخر شهر مارس الماضى، وما أكد عليه كذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وتستهدف الولايات المتحدة من خلال تلك الخطة إضعاف جماعات الإرهاب كداعش وجبهة النصرة، الأكثر تشددًا عبر تقليص الأمدادات العسكرية لها مقابل استمرار الدعم لغيرها من الجماعات والقوى المسلحة المعتدلة، علاوة على رؤية الولايات المتحدة الأستراتيجية لمجريات الأحداث في سوريا في مرحلة ما بعد سقوط بشار الأسد وضرورة أن يكون لها ارتباط قوي ببعض قوى المعارضة السورية، أي أنها تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع فصائل المعارضة المعتدلة منها لتمكنها من التعامل بشكل أكثر حرية في المستقبل، خاصة وأن مطلب الدعم العسكري أحد المطالب الرئيسية للائتلاف الوطني السوري، وهو ما سوف يتناوله الجربا خلال زيارته المرتقبة قريبًا إلى أمريكا، وهو ما تعول عليه المعارضة كثيرًا في دعم «سخي» لمقاتليها تحقيقًا لتقدم ميداني على الأقل. ويبدو أن إدراك الولايات المتحدة أنه بعد فشل جينيف 2، وتعثر آفاق الحل السياسي أو الأنتقال السياسي في سوريا وفق مرجعية جنيف 1، من الضرورة بمكان حسم هذا الصراع الذي تتجاوز مخاطره الداخل وحدوده للخارج عمومًا، ولكن وفق شروط وضوابط، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا من خلال تسليح المعارضة من أجل الوصول إلى مواءمات سياسية تحسن من شروط التسوية المستقبلية، بما يخدم المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها. بينما يظل التعثر الغربي هو سيد الموقف حتى هذه اللحظة في الاتفاق حول إمكانية انعقاد جنيف 3 في ظل إعلان الرئيس السوري الأسد أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في شهر يونيو القادم، وأقر مجلس الشعب السوري مؤخرًا البنود المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو والواردة ضمن مشروع قانون للانتخابات العامة. وعلي الرغم من أن هذه البنود تتيح نظريًا، وللمرة الأولى منذ عقود، إجراء انتخابات تعددية، إلا أنها تغلق الباب عمليًا على ترشح معارضين مقيمين في الخارج، إذ تشترط أن يكون المرشح قد أقام في سوريا لمدة متواصلة خلال الأعوام العشرة الماضية، وهو ما يعني استمرار النظام السوري برفض فكرة انتقال السلطة وهو ما يفند أي جهود دولية أو إقليمية تتجه لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى الاتفاق من أجل وضع محاور التسوية السياسية للازمة، ويصبح مشهد السعي لعقد مؤتمر سلام دولي لحلحة الملف تكرار لمشهد جينيف 2 حيث ذهب الطرفان -النظام والمعارضة- كل منهما بأجندة مختلفة وتمسكا بها مما أفضى في النهاية لفشل المؤتمر، وأن إعلان بشار الأسد عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة يفشل أي جهود للتسوية السياسية قبل أن تبدأ من الأساس. كما معرفة الولايات المتحدة المتأخرة بأن سوريا في ظل قمعية الأسد وفشله تحولت إلى ملاذ أمن لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية وهو ما يمثل تهديدًا للأمن الأمريكي ومصالحها في المنطقة، ولذلك كان الاتجاه نحو تسليح المعارضة المعتدلة، وكذلك بهدف عدم سقوط مؤسسات الدولة السورية خاصة الجيش والأجهزة الأمنية في المرحلة ما بعد بشار الأسد، لضمان قدرة هذه المؤسسات على القضاء على التنظيمات الجهادية المتطرفة والمسلحة المنتشرة في سوريا، وجاء الموقف أو الاتجاه الأمريكي الأخير، بعد أن تأكدت الدول الداعمة -خاصة بعد فشل جنيف 2- ستسعى إلى تزويد المعارضة السورية بأنظمة تسليحية متطورة ومنها صواريخ محمولة مضادة للطائرات وأنظمة مضادة للدبابات (وهو ما رأيناه مؤخرًا في صواريخ تاو الأمريكية)، وهو ما يثير قلق عدد من القوى الدولية وعلى رأسها روسيا وايران (لكن جاءت الخطوة الأخيرة بأن روسيا تجهز لتسليم النظام الأسدي أول دفعة من طائرات ياك المقاتلة يعد خطوة غير محسوبة من نظام بوتين)، ما فرض على الولايات المتحدة التدخل وبفتح المجال أمام تسليح المعارضة وفي نفس الوقت طمأنه الجانب الروسي -عدم شمول الخطة على صواريخ مضادة للطائرات- وكذلك طمأنه بعض دول الجوار بأن هناك مواقف دولية تسعى للحسم بعيدًا عن التدخل العسكري واتخاذ خطوات جادة في هذا الاتجاه تؤسس لمرحلة جديدة في إدارة الأزمة السورية، من خلال تقدم المعارضة في المدى المنظور، وهو ما تم الاتفاق عليه من خلال لقاءات جمعت بين قادة من المعارضة السورية مع ممثلي بعض أجهزة الأستخبارات الأمريكية في الأردن عقب انتهاء وإعلان فشل جينيف 2 وهو ما يعد، من جانب أخر، حظوة لتهدئة الأجواء المتوترة بين الولايات المتحدة والسعودية على وجه الخصوص خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية. وتصر المعارضة السورية على تقديم ضربات موجعة للنظام لتعويض خسارتهم في يبرود، وذلك من خلال تحقيق تقدم ملموس نحو الساحل في معركة أطلق عليها (الأنفال) بسيطرتهم على «المرصد 45» الذى يعد منطقة إستراتيجية في ريف اللاذقية شمال غرب سوريا، حيث تهدف المعارضة السيطرة على الواجهة البحرية بطول 10 كم تمتد من الحدود التركية إلى رأس البسيط، ما يعرقل تقدم قوات النظام، وهو ما أدى إلى سيطرة المعارضة على كل من كسب والنبعين وبرج 45 وجبل النسر ونبع المر والتقدم نحو رأس البسيط كما سبق الذكر منذ بدء معركة الأنفال في 18 مارس الماضي، أي أن الواقع يشير إلي تقدم المعارضة إلي اللاذقية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد، علاوة علي تقدمهم ي مدينة حلب شمالًا وسيطروا في 14 إبريل على مراكز للقوات النظامية قرب مبنى الاستخبارات الجوية معقل القوات النظامية في الشمال، في وقت سيطرت القوات السورية في شكل شبه كامل على منطقة القلمون التي تربط دمشق بحمص والساحل غربًا، واستمر التوتر في السويداء معقل الدروز جنوب البلاد. وهو ما يعني أن المعارضة تتحرك وفقًا لخطة مدروسة ممنهجة وكل ما تحتاجيه لمواجهة النظام السورى المدعوم من إيران وميليشيات عراقية ومقاتلين حزب الله (وهذا ما أكده أحد قادة الحرس الثوري الإيراني، حيث نشرت وكالة فارس للأنباء الإيرانية أمس الثلاثاء، تصريحات أحد قادة الحرس الثوري الجنرال حسين همداني، القائد السابق للحرس الثوري، الذي أكد أمس الأول في اجتماع اللجنة الإدارية لمحافظة «همدان» بمركز إيران أن بشار الأسد يقاتل نيابة عن إيران، وكشف عن استعداد بلاده لإرسال 130 ألفا من عناصر قوات التعبئة «الباسيج» إلى سوريا وتحدث عن تشكيل «حزب الله سوريا»، ولكن سرعان ما حذفت الوكالة القريبة من الحرس الثوري والأجهزة الأمنية الإيرانية الخبر الذي كانت نشرته على صفحة «المحافظات الإيرانية» حسب موقع بي بي سي الناطق بالفارسية، وكان همداني وهو قائد سابق لـ»فيلق محمد رسول الله» أعرب عن رضاه إزاء الوضع في سوريا، زاعمًا أن حكومة بشار الأسد تعيش ظروفًا أفضل مقارنة بمعارضيه، هو أن يقوم الغرب وبعض القوى الأقليمية بتقديم مختلف أوجه الدعم اللوجيستي والمادي والعسكري لها، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة دافع للولايات المتحدة لتغيير وجهة نظرها المتحفظة من تسليح المعارضة، من هنا يبقى ترشح الأسد مسكونًا بهاجس الرحيل وطعمه لتبقى سوريا للسوريين، وطنًا وليست مهجرًا، ومواطنة وليست قتًلا وتمييزًا ولجوءًا في 17 دولة من دول العالم، وتبقى سوريا للسوريين لا مكان فيها لإرهابي أو قاتل. المزيد من الصور :

مشاركة :