مشكلة المتعصب أيديولوجيًا أنه لا يقرأ الواقع، وأحيانًا لا يراه عن سابق إصرار وتصميم. المتعصب أيديولوجيا غير معني كثيرًا بما يحدث على الأرض، لأنه يعتقد بأن الأيديولوجيا، التي يعتنقها غير قابلة للوقوع في الخطأ.. وهذا هو المأزق الذي يحول بين جميع المتعصبين وبين تحقيق النجاح على أرض الواقع، أو تحقيق الاستمرار لهذا النجاح في حال حدوثه. إنها حالة العمى الأيديولوجي التي يتوقف المصاب بها عن إدراك الواقع ويصبح غير قادر على التعامل معه أو ملاحقة مستجداته.. هي في علم النفس تُسمَّى حالة الإنكار، لكنها في السياسة تُسمَّى بحالة العمى الأيديولوجي حيث يتخذ اللا وعي قرارًا بإنكار الواقع وعدم الاعتراف بالحقائق، التي تحدث على الأرض مهما كانت نتائج ذلك كارثية.. وهو ما ينطبق بالضبط على مواقف تركيا الإخوانية من ثورة تصحيح المسار التي اقتلعت حكم جماعة الإخوان بعد أن جرّدته من شرعيته في شوارع وميادين مصر. الأتراك لم يكتفوا برد فعل واحد أو اثنين أو حتى ثلاثة على ما جرى، فالمتابع لماكينة التصريحات في أنقرة سيصطدم كل يوم بتصريح عدائي جديد ضد إرادة الشعب المصري، وضد قادة المرحلة الانتقالية الذين استجابوا لنداء الشعب، وتحمّلوا مسؤوليتهم أمام الله والشعب والتاريخ، لإنقاذ كيان الدولة ممن يريدون إدارتها وفق ما تمليه عليهم المنامات والرؤى والأشباح، التي لا يراها إلا خطباء منبر رابعة العدوية. الأتراك اتخذوا عدة مواقف على لسان رئيس وزرائهم رجب طيب أردوغان، الذي رفض التحدث هاتفيًا مع نائب رئيس الجمهورية المصري للشؤون الخارجية الدكتور محمد البرادعي. وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو أدلى هو الآخر بدلوه مرارًا، رافضًا الاعتراف بشرعية ما حدث في مصر، وكذلك الحال بالنسبة لوزير شؤون الاتحاد الأوروبي، الذي دعا إلى تدخل مجلس الأمن. حتى وزير المالية التركي لم يدع الفرصة تفوته، وصوّب سهام انتقاده للاتحاد الأوروبي نظرًا لما أسماه بالموقف المتخاذل مما يحدث في مصر. المؤشرات كلها تدل على أن تركيا الإخوانية فقدت صوابها نتيجة للخسائر المتعددة، التي منيت بها في دول ما يُسمَّى بالربيع العربي، والتي قفزت فيها جماعة الإخوان للحكم، فكانت بمثابة الوالي التركي على تلك البلاد. مسلسل إخوان السلطان انتهى في الوطن العربي.. وإلى الأبد. anaszahid@hotmail.com anaszahid@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :