الجزائر - يوصف بأنه أكبر قوة سياسية في الجزائر، ويوصف في بعض وسائل الإعلام بحزب الأغلبية الصامتة، يضم نصف عدد الذين يحق لهم الانتخاب في الجزائر (أكثر من 23 مليون ناخب)، والذين يرفضون التوجه إلى صناديق الاقتراع بينما تلجأ أقلية منهم للتصويت بأوراق بيضاء. وتعالت الأصوات في أثناء حملة الانتخابات البرلمانية المقررة في 4 مايو/ أيار القادم، لمطالبة الجزائريين بالمشاركة بقوة في هذا الموعد. وتتخوف الأحزاب الكبيرة والصغيرة من تأثير عزوف الجزائريين عن المشاركة في الانتخابات، على النتائج النهائية، بينما تعتبر السلطات الجزائرية أن نسب المشاركة في الانتخابات تعد معيارا لنجاحها، وتأكيدا على اقتناع الجزائريين بوجود ديمقراطية في بلادهم. وطالب كل من رئيس الوزراء عبد المالك سلال، ووزير الداخلية نور الدين بدوي، المواطنين بالمشاركة بقوة، في الانتخابات القادمة، كما دعت أحزاب سياسية منها حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، وشريكه في السلطة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، للمشاركة وسط دعوات للمقاطعة أطلقها حزب طلائع الحريات، الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، وحزب جيل جديد بقيادة جيلالي سفيان، بدعوى عدم وجود ضمانات لنزاهتها. وبينما تتخوف الأحزاب الصغيرة من تأثير ارتفاع نسبة العزوف على نتائجها في الانتخابات تتخوف السلطة من تراجع اهتمام الشعب بالمشاركة الديمقراطية. ويقول في هذا الصدد الدكتور عبد الحميد لواسن، المختص في العلوم السياسية من جامعة وهران (غرب) "تنطلق مخاوف السلطة من ارتفاع نسبة العزوف عن المشاركة في الانتخابات مما تعتبره السلطة استغلال بعض المعارضين لارتفاع نسب العزوف في حملات تهدف للتشكيك في العملية الديمقراطية في البلاد". وتابع "بينما تتخوف الأحزاب الصغيرة وأحزاب المعارضة وحتى المستقلين من تأثير العزوف على النتائج بسبب أن الأشخاص المقتنعين بسياسة حزبي السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، سيشاركون في الانتخابات بشكل جماعي ويحسمون النتائج في النهاية". ومن أصل 22 مليون و880 ألف شخص يحق له الانتخاب في الجزائر، لم يشارك في انتخابات الرئاسة الجزائرية في أبريل/نيسان 2014 سوى 51.7 بالمئة، من مجموع الناخبين، وفاز فيها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، بأكثر من 80 بالمئة من الأصوات. كما بلغت نسبة الأصوات الانتخابية المرفوضة أثناء الفرز بسبب وضع أوراق بيضاء في هذه الانتخابات، أكثر من 5 بالمئة من مجموع عدد الناخبين حيث وضع نحو مليون ناخب أوراق بيضاء في صناديق الاقتراع، وهذا العدد الكبير دفع بعض المعلقين للقول إن حزب المقاطعين هو الحزب الأكبر في الجزائر. وعلق الكاتب الصحفي الجزائري علي خالدي، في مدونته باللغة الفرنسية على الانتخابات الرئاسية لعام 2014 بالقول "نتائج الانتخابات تثبت فوز حزب الأغلبية الصامتة بالأغلبية الساحقة". وفي الانتخابات البرلمانية لعام 2012، تشير إحصاءات وزارة الداخلية إلى أن نسبة المشاركة لم تتعد 43 بالمئة، أي أن 57 بالمئة من الذين يحق لهم التصويت لم يشاركوا فيها. "الجميع يرغب في استمالتها" وفي هذا الشأن يقول النائب والقيادي السابق في حزب جبهة التحرير الوطني إسماعيل عبد الله، "هذه الأغلبية الصامتة هي التي تحرك الأحزاب السياسية المعارضة في الجزائر، الجميع يرغب في استمالتها ويعتقد أنها قادرة على تغيير موازين القوة السياسية في الجزائر". ويرى العضو القيادي في جبهة القوى الاشتراكية المعارضة مصباح حمو، أن "الأغلبية الصامتة يمكنها تغيير الموازين في الجزائر إلا أنها ترفض المشاركة في الانتخابات بسبب عدم وجود قناعة بنهج الديمقراطي الحالي". وأكبر حزب سياسي في الجزائر أو الأغلبية الصامتة التي لم تعبر عن رأيها السياسي منذ سنوات، باتت الهدف للحملات الانتخابية، حسب الصحفي الجزائري كريم سعد الله، من صحيفة الحياة العربية (خاصة). وقال سعد الله، "تعول بعض أحزاب المعارضة على هذه الأغلبية الصامتة من أجل كسر احتكار حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر للحياة السياسية". ويضيف الصحفي الجزائري "لا يوجد تفسير سليم ومقنع لسبب ارتفاع عدد المقاطعين، ولا يمكننا أن نفترض أن كل من لا يصوت يرفض المشاركة في الانتخابات بسبب قناعة، لأن لا أحد يعرف السبب". وأوضح سعد الله "في مواعيد انتخابية سابقة برر وزراء داخلية سابقون سبب عزوف المواطنين عن المشاركة بالأحوال الجوية أحيانا". ويضيف المتحدث "في 2003 قامت وزارة الداخلية بإجراء دراسة ميدانية حول سبب العزوف عن المشاركة في الانتخابات بعد تشريعيات 2002، إلا أن نتائج هذه الدراسة لم تعرف إلى اليوم". ويقدر خبراء عدد الأشخاص الرافضين للمشاركة في الانتخابات في الجزائر بما لا يقل عن 60 بالمئة من مجموع الناخبين، إلا أن انتخابات الرئاسة لعام 2009 شهدت نسبة مشاركة بلغت 74 بالمئة حسب الأرقام المعلنة رسميا. وفي هذا الخصوص يرى أستاذ الإعلام والصحافة في جامعة مستغانم (غرب) الدكتور محمد مراني: "يمكننا تقسيم ما يسمى بحزب الأغلبية الصامتة إلى صنفين رئيسيين". وأوضح مراني "الفئة الأولى هي التي تقاطع الانتخابات عن قناعة، أي أنها مقتنعة تماما بعدم جدوى الديمقراطية الحالية والانتخابات، أما الفئة الثانية فهي التي نسميها الفئة غير المسيسة". وأضاف "يعتقد بعض الخبراء، وأنا لست منهم، أن نسبة مهمة من المقاطعين هي تلك التي اختارت في الانتخابات البرلمانية لعام 1991 حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهو حزب محظور الآن في الجزائر (ونتائجها ألغيت من قبل الجيش)، وقد اختار أكثر من ثلاثة ملاين جزائري في ذلك الحين هذا الحزب إلا أنه وحسب قناعتي فإن هذا غير منطقي لأنه في تلك الانتخابات أيضا قاطع أربعة ملايين جزائري انتخابات 1991، وهو ما يعني وجود أغلبية صامتة في كل الانتخابات التي شهدتها الجزائر".
مشاركة :