يرى الكاتب الأميركي جاكوب شارب، أن روسيا تعاني من مشاكل اقتصادية جمة لن تقدر معها على تحدي الولايات المتحدة والغرب في مواجهة عسكرية، وأن روسيا تصطنع نفوذاً على الساحة العالمية بزيادة الإنفاق العسكري وتدخلها العسكري في الشرق الأوسط، وتبني سياسة خارجية تفوق مقدرتها.وأضاف الكاتب في مقال نُشر بمجلة نيوزويك الأميركية، أن نظرة على روسيا وأنشطتها العسكرية منذ 2014 تعطي للوهلة الأولى انطباعاً بأن موسكو تستعيد قوتها في النظام العالمي مجدداً، لكن عند التدقيق يتضح أنها ستواجه عدة مشكلات في المستقبل. وأوضح الكاتب أن روسيا تعاني من اضطراب ديموجرافي منذ الحرب العالمية الثانية، وتتسبب العقوبات الدولية وتقلب أسعار السلع بإعاقة الإنتاج الاقتصادي، فضلاً عن أن الإنفاق الدفاعي الحالي في روسيا يضر بشدة بالبيئة الاقتصادية. لكن الكاتب يقول إن على الناتو، ورغم الحالة الاقتصادية الصعبة لروسيا، أن يتخذ إجراءات دفاعية قوية ويزيد من وجوده العسكري في دول البلطيق، من أجل خلق قوة ردع تحمي حلفاء أميركا الضعفاء الذين يجارون دولة روسيا. ونفى الكاتب أن تكون روسيا تمثل تهديداً وجودياً لأوروبا كما كان الوضع إبان العهد السوفيتي، ودعا الغرب إلى عدم معاملة روسيا على أنها دولة عظمى قوية، لأن الوقت ليس في صالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي لن يستطيع تجاهل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في بلده لوقت طويل. وقال الكاتب إن بناء روسيا لغواصات وأسلحة نووية لن ينعش الاقتصاد، بل إنه سيوقف محاولات بوتن لإعادة إبراز روسيا على الساحة العالمية. إحدى أكبر المشكلات التي تواجه روسيا، كما يقول الكاتب، هي الضغوط السكانية التي تعد مشكلة يصعب إصلاحها: فالنمو السكاني المتوقع في روسيا يعاني ركوداً منذ تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، وهو العام الذي شهد تراجع نمو سكان روسيا سنوياً حتى عام 2013. وأشار الكاتب إلى أن مزيجاً من انخفاض مستوى معيشة الروس وتراجع أعداد النساء بين عمري الـ20 والـ30 وارتفاع معدلات الموت كلها عوامل تقضي على آمال النمو في روسيا، إذ قدرت وكالة إحصاء السكان في روسيا «روستات» بأن سكان البلد سيتضاءل عددهم بنسبة %20 على مدار الـ35 عاماً القادمة إذا ما استمرت التوجهات السكانية الحالية. وعن الاقتصاد، أوضح الكاتب أن الروس يمرون بأوقات صعبة، ففي عام 2016 خفضت ربع الشركات الروسية رواتب موظفيها، التي انخفضت بمقدار %20 على مدار العامين الماضيين، فضلاً عن العقوبات المفروضة التي أنهكت الاقتصاد، وأيضاً انخفاض سعر برميل النفط. وأشار الكاتب إلى أن ما يُفاقم الأزمة الاقتصادية هو الإنفاق الكبير لحكومة روسيا من أجل تحديث وتوسيع القدرات العسكرية، في ظل تضاؤل العوائد الاقتصادية وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي. وختم الكاتب بالقول إن روسيا تحت قيادة بوتن لن تسقط ضحية لحرب ما، لكنها مثل الاتحاد السوفيتي ستقع ضحية لسوء الإدارة والفشل الاقتصادي.;
مشاركة :