يُعدُّ الفراغُ من النّعم التي يُغبن فيها كثيرٌ من النَّاس، فقد جاء في الحديث عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونُ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصحَّةُ، والفَرَاغُ)، لذلك على الآباء مساعدة أبنائهم على استغلال أوقات فراغهم، بما يعود عليهم بالفائدة؛ حتَّى يكونوا جيلاً صالحًا، يسهم في ارتقاء بلده وأمته. أترككم مع بعض ما جاء في محاضرةٍ لأحد العلماء حول المخاطر الناجمة من عدم استغلال النشء لأوقات فراغهم، قال:لا تتركوا الشباب للفراغ؛ حتَّى وإن كانوا صغارًا جدًّا درِّبوهم، وإذا كانوا كبارًا بما يكفي فوظِّفوهم، وأجلسوهم في المكاتب، اجعلوهم يُصوِّرون الأوراق، أو يفعلون أيَّ شيءٍ آخرَ، اشغلوهم، أبقوا الشباب منشغلين، انهكوهم بالعمل، وإن لم يريدوا أن يعملوا، أشغلوهم بالرياضة. لا تتركوهم متفرِّغين. عندما يتفرَّغ الشبابُ الصغارُ تكون المشكلات، لا أقول ربما تقع المشكلات، بل سوف تقع المشكلات لا محالة.دعني أخبرك أيُّها الشَّابُّ بتأثير الوظيفة، هي مَن يجعلك رجلاً، فعندما يصرخ في وجهك رئيسك في العمل، وعندما لا تتقاضى ما تستحق مقابل عمل يكسر الظهر، عندها سوف تحترم المال، وسوف تحترم ما تكسبه، سوف يزداد احترامك لوالديك.لديَّ صديقٌ ثريٌّ، وعنده ابنٌ قد تخرَّج في المدرسة بتفوُّق، والتحق بالجامعة، وكان والده فخورًا به، واشترى له سيَّارة BMWحديثة، وما إن مرَّ شهران إلاَّ وقد حطَّمها. بعد مرور شهرين أقنع والده بأن يشتري له سيَّارة لكزس، وبعد ستة أشهر اصطدم بها.هاتفني والده وسألني قائلاً: «ما الذي عليَّ فعله؟» دَمَّرَ هذا الفتى سيارتين. كانت ردَّة فعلي، أنْ قلتُ له: إنَّك لا تجيد التَّعامل مع ابنك، قل لابنك: إنَّ عليه كسب ما يريد بنفسه، قل له اشترِ سيارتك بنفسك، عليك أن تجد وظيفتك بنفسك، وبعد أن وجد هذا الفتى وظيفة، ملأت تلك الوظيفة الفراغ لدى الشاب، شمَّر عن ساعديه، مع العلم أنَّ أجرَ الوظيفة قليل؛ إلاَّ أنَّه جمع بعض المال حتَّى استطاع شراء سيارة قديمة، صار ينظفها كل يوم، ويعتني بها، ولم يعمل بها حادثًا أبدًا، ولا يسرع بها فوق الحدِّ المسموح.السؤال: لماذا هو يقدِّر أسوأ سيَّارة امتلكها، على الرغم أنَّ والده أعطاه لكزس، وBMW؟. هو يُقدِّرها لأنَّها من عرق جبينه. علينا تعليم أبنائنا احترام المال، فعندما نواصل في عطائنا لهم لن يقدِّروا المال.والأمر ذاته ينطبق على الفتيات، يجب أن يجدن وظيفة، وإن لم يجدن فليتطوَّعْنَ في مستشفى، أو عيادة يساعدن الآخرين. فيجب عليهنَّ فعل شيء وإشغال أنفسهنَّ ليتجنَّبن الوقوع في المشكلات. أ.هـ.ما ذكره هذا العالم يُعَدُّ أنموذجًا في تربية الأبناء والبنات؛ حتَّى يتجنَّبوا الوقوع في المشكلات، ويصبحوا شبابًا صالحين.إنَّ احترام الوقت، وبذل الجهد في العمل أمرٌ يتأسَّس عليه تقدُّم الأمم وريادتها، إذا أحْسَنَتْ توجيه شبابها لاستغلال أوقات فراغهم بكلِّ ما يعود بالنفع والرخاء والتنمية.
مشاركة :