الموصل (العراق) (أ ف ب) - "الآن بتنا نعرف ما يجري في العالم"، يقول محمد تركي وهو يعمل على تركيب صحن لاقط على سطح أحد المنازل في حي القاهرة في شرق الموصل الذي كان لفترة طويلة خاضعا لتنظيم الدولة الاسلامية. واستعادت القوات العراقية السيطرة على شرق الموصل في كانون الثاني/يناير الماضي، وتخوض حاليا معارك لطرد الجهاديين من غرب المدينة. ويتهافت سكان المنطقة على شراء وتركيب الصحون اللاقطة التي كانت ممنوعة تحت الحكم الجهادي. ويقول تركي الذي يعمل في مجال تركيب الصحون اللاقطة "اليوم هنك إقبال كبير، ازدحام. لا يمكنهم تركيب الصحن اللاقط بمفردهم، يحتاجون إلى مهندس لتركيبه، والمنافسة شرسة". ويضيف "كان سكان الموصل معزولين عن العالم. لم نكن نعرف حتى ما يجري حولنا" خلال فترة سيطرة الجهاديين. أما اليوم، فالصحون اللاقطة تغزو الأرصفة في شرق المدينة، وعادت شاشات التلفزة لتربط سكان الموصل بالعالم. بعد عامين ونصف العام تحت حكم تنظيم الدولة الاسلامية الذي لم يعد يسيطر إلا على 6,8 في المئة من الأراضي العراقية، يروي الناس محاولاتهم للتملص من قيود الجهاديين، من اجل الحفاظ على صلاتهم بالعالم على الرغم من كل شيء. ويقول سرمد رعد (26 عاما)، وهو أحد سكان حي الشقق الخضراء في شرق الموصل، "في زمن داعش، كنا ننصب الصحون بالسر داخل البيوت، ونغطيها بشادر. إن ضبطوك، تتعرض للجلد". ويؤكد تاجر الصحون اللاقطة علاء ذلك بالقول إن "الجهاديين كانوا يجولون ويجبرون متاجر الهوائيات على الإغلاق. كانوا يفتشونها للتأكد من أنها لا تبيع الصحون اللاقطة، ويراقبون الناس ويجلدون أو يسجنون" من يمتلك تلك الصحون. وكان منع تركيب الهوائيات وسيلة ينتهجها تنظيم الدولة الإسلامية لعزل الناس عن محيطهم. وسبق لمقاتليه أن أقدموا أيضا على اقتحام مبنى قناة "الموصلية" العراقية المحلية وإحراقها. - "اخبار المناطق المحررة" - على الطرق الواصلة بين الأحياء الشرقية في الموصل، تبدو الصحون اللاقطة الصدئة التي انتزعها الجهاديون مكومة على جوانب الطرق. ويرغب معظم الساعين الى الحصول على صحن لاقط بمتابعة الاخبار، لا سيما أخبار الجانب الغربي من الموصل، ومواكبة تقدم القوات العراقية، "بما يتيح لنا معرفة الاحياء المحررة للاطمئنان على أقارب لنا فيها"، بحسب ما يقول أحد افراد عائلة سرمد. لكن دلال، شقيقة سرمد، تقول ان "التلفاز يسلي، لا سيما البرامج الفكاهية"، لكنها تأسف لاستمرار انقطاع التيار الكهربائي بكثرة، ما سيجعل من الصعب التمتع بساعات مشاهدة طويلة. في حي القاهرة، يحمل محمد تركي معداته ويتوجه إلى منزل عائلة عادت مؤخرا الى المكان بعدما نزحت إلى بغداد مع وصول الجهاديين في العام 2014. ويقول محمد (17 عاما)، ابن صاحب المنزل، "التلفاز وسيلة تواصل حرم منها الجميع. نحن لم نكن هنا، لكن الدواعش دخلوا منزلنا ونهبوا كل شيء فيه حتى التلفاز. فنحن نعيد تركيب كل شيء تقريبا". ويباشر تركي عملية التمديد مع تلفزيون على سطح المنزل للتأكد من توجيه الصحن على القمر الاصطناعي الصحيح، قبل تثبيته داخل المنزل. ويبتسم افراد العائلة ابتسامة عريضة حين يظهر على الشاشة شعار قناة "الموصلية" التي تبث حاليا من خارج الموصل. ويقول تركي إن كلفة عملية التركيب في متناول الجميع "نحو عشرة آلاف دينار عراقي (ثمانية دولارات). أقوم بخمس عمليات تركيب تقريبا يوميا". وهو العمل نفسه الذي يمارسه علي (16 عاما)، العامل في متجر لتركيب الصحون اللاقطة في حي الزهراء بشرق الموصل. ويقول علي وهو يقوم بتجهيز أحد الصحون "نأتي كل يوم صباحا الى المتجر ونجهز الصحن هنا، وحين ننتهي نحمل المعدات ونتوجه إلى منزل الشخص الذي يريد تركيبه... الناس يأتون إلينا بكثرة للشراء". لكن رغم ذلك، يرى علاء أن التجارة لم تبلغ بعد أوجها. ويوضح "اليوم، ورغم أن التجارة تزدهر، ألا أنها لم تتخط بعد نسبة العشرة في المئة مقارنة بما كانت عليه قبل دخول داعش. الوضع المادي والمعيشي للناس ما زال سيئا جدا".علي شقير © 2017 AFP
مشاركة :