فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفارق ضئيل في استفتاء وسَّع من صلاحيات الرئيس، بما قد يسمح له بالبقاء في منصبه حتى عام 2029 وفازت حملة «نعم» ب51.37 في المائة، بينما حصلت حملة «لا» على 48.63 في المائة من الأصوات، وأعلنت لجنة الانتخابات فوز حملة «نعم». وأعلن حزبا المعارضة الرئيسيان في تركيا عزمهما الطعن في نتائج التصويت. وطالب حزب الشعب الجمهوري بإعادة فرز 60 في المائة من الأصوات، وانتقد قرار قبول أوراق التصويت غير المختومة، باعتبارها صحيحة ما لم يثبت غير ذلك. الدستور الجديد يحول تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الجمهوري، الذي يتمتع فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة أشبه بالنظامين الأمريكي والفرنسي. وتشمل التعديلات الجديدة: إلغاء منصب رئيس الوزراء، الذي يشغله حالياً بن علي يلدرم ليصبح رئيس الجمهورية رئيس السلطة التنفيذية، وسيحتفظ بارتباطاته بحزبه السياسي وسيتولى الرئيس تعيين كبار المسؤولين بمن فيهم الوزراء، وإعداد الميزانية واختيار كبار القضاة، وسن قوانين معينة بمراسيم رئاسية وسيعين الرئيس نائباً له أو أكثر كما ستتم زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600. ولن يكون من حق البرلمان استجواب الوزراء أو المطالبة بتحقيقات في أدائهم، ولكن سيحتفظ بحقه في بدء إجراءات تنحية الرئيس أو التحقيق معه، بموجب تصويت أغلبية النواب. وستتطلب إحالة الرئيس إلى القضاء موافقة ثلثي النواب. وستجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية في نفس التاريخ كل 5 سنوات، وتحدد ولاية الرئيس بفترتين كحد أقصى كماسيكون من صلاحيات الرئيس فرض حالة الطوارئ. ويقول أردوغان إن التعديلات ضرورية، لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها تركيا، وذلك بعد نحو تسعة أشهر من محاولة الانقلاب الفاشلة، وكذلك لتجنب الحكومات الائتلافية الهشة التي شهدتها البلاد في الماضي. ويرى أردوغان أيضاً أن النظام الجديد سيشبه النظامين في كل من فرنسا والولايات المتحدة، وسيجلب الهدوء في وقت تملأ فيه البلاد الاضطرابات، وأبرزها تمرد مسلحي حزب العمال الكردستاني، والحرب الدائرة في سوريا، التي أدت إلى تدفق هائل للاجئين إلى تركيا. ويخشى منتقدو التعديلات من أن هذه الخطوة ستجعل صلاحيات الرئيس واسعة للغاية، معتبرين أنها ترقى إلى حكم الفرد، ولا تتضمن الضوابط والتوازنات الموجودة في الأنظمة الرئاسية، مثل تلك التي في فرنسا والولايات المتحدة. كما يقولون إن احتفاظ الرئيس بارتباطه بحزب سياسي، قد يجعل أردوغان يستعيد قيادة حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه، الأمر الذي سيقضي على أي فرصة للنزاهة السياسية. ويخشى كثير من الأتراك من اتجاه الحكم نحو الاستبداد في بلدهم، حيث اعتقل عشرات الآلاف من الأشخاص، وطرد نحو مائة ألف على الأقل من وظائفهم أو أوقفوا عن العمل، وذلك منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو. جاءت ردود فعل القادة الغربيين على نتائج الاستفتاء حذرة يشوبها بعض القلق، وحث الاتحاد الأوروبي الحكومة التركية على التوصل إلى توافق أوسع بعد فوز حملة أردوغان بفارق ضئيل في الاستفتاء على التغييرات الدستورية الشاملة التي تقول المعارضة إنها تهدد بإرساء حكم استبدادي. وقال بيان صادر عن رئيس المفوضية الأوروبية، يان كلود يونكر، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، ومفوض توسيع الاتحاد الأوروبى يوهانس هان: «نظراً للفارق الضئيل لنتيجة الاستفتاء، والتداعيات بعيدة المدى للتعديلات الدستورية، نطالب السلطات التركية بالسعي للتوصل إلى أوسع توافق وطني ممكن لتنفيذه». قال ثوربيورن جاغلاند، الأمين العام لمجلس أوروبا: «نظراً للفارق الضئيل للنتيجة، يجب على القيادة التركية أن تنظر في الخطوات المقبلة بعناية». وأضاف جاغلاند أنه من المهم للغاية أن يكون هناك ضمان لاستقلال القضاء بما يتماشى مع مبدأ سيادة القانون المنصوص عليه في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
مشاركة :