أم صطيف والخنساء حين يعيد التاريخ نفسه

  • 4/22/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قصص الحرب السورية يشيب لها الولدان، وفي كثير من الأحيان تبدو أنها قصة من الخيال، لكن من يعرف تفاصيل الحرب السورية يدرك أن هناك الكثير. أم صطيف ربة بيت لديها ثلاثة أولاد، وهؤلاء كلهم يقاتلون في فصائل متنوعة في مدينة حلب، وشارك الإخوة الثلاثة في القتال بعد مقتل والدهم بالصدفة خلال إحدى المظاهرات برصاص مجهول بينما كان انتهى من أداء صلاة الجمعة. حينها قرر الإخوة الانتقام على طريقتهم والالتحاق بالفصائل المسلحة. ومن بين الأبناء الثلاثة محمود كان يقاتل إلى جانب «جبهة النصرة»، وكان يردد في أحاديثه الجانبية أن والدته لا تريده أن يبقى في ساحات الحرب. مأساة إنسانية وفي أحد أيام الجمعة، بينما اجتمع الأولاد الثلاثة في بيت والدتهم التي حضّرت لهم ما يحبونه من الطعام، استهدفت قذيفة منزل أم صطيف وقتلت على الفور أحد أبنائها، وهمت على الفور بنجدة الجيران بنقل الثاني الذي كانت إصابته حرجة إلى المستشفى وهي لا تقوى على الحركة، إذ بين عينها فلذة كبدها مات. بينما تهرع إلى المستشفى لإنقاذ الثاني. أما الثالث فنجا والتحق بفصيله. ومن سوء حظ أم صطيف أنها فقدت الابن الثاني أيضاً بينما كان يتلقى العلاج. وفي اليوم ذاته بلغها أن الأخ الثالث أيضاً قتل في المعارك بين أطراف الصراع.. فقدت هذه الأم كل شيء في يوم جميل اجتمع الأولاد لتناول الطعام في يوم الجمعة. وما إن انتهت مراسم العزاء في اليوم الثالث، حتى اقتحم مسلحون ملثمون من ذوي الرايات السوداء منزل أم صطيف ليقتادوا هذه العجوز التي فقدت كل شيء إلى مركز اعتقال النساء في حلب الشرقية، وهي في أسوأ حالاتها. بقيت معصوبة العينين في سجون تحت الأرض ثلاثة أيام. وفي اليوم الرابع حضرت إلى السجن امرأة ترتدي الأسود وهي من فريق تحقيق جبهة النصرة وجلست أمام أم صطيف وقالت لها «من قتل محمود»؛ فردت الأم باللغة الحلبية «أولاد الحرام مين ما كانوا». . فردت المحققة انت من قتلت محمود وأخبرت قوات النظام أنه في البيت لتسقط القذيفة في البيت.. لم تحتمل أم محمود هذه الكلمات فصرخت في وجه المحققة وثارت عليها ثورة أسمعت كل السجن، لتتدخل كل النساء. عذاب الوحدة وحين هدأت الأمور واستكملت المحققة التحقيق فيما بعد، اتهمت مرة أخرى أم صطيف بالوشاية ضد ابنها، وبقيت في السجن أسبوعاً كاملاً، حتى علم وجهاء الحي وتدخلوا في الأمر ووبخوا فصيل جبهة النصرة لتخرج أم صطيف «بريئة» من قتل أولادها الثلاثة.. لتعيش وحيدة مكلومة ثكلى.. إنها أشبه بقصة الخنساء التي فقدت كل أولادها في الحرب.

مشاركة :