على وقع الجرْس الموسيقي لقصيدة أحمد مطر، عن الثور الذي فرّ من الحظيرة، كنت أسترجع ردة فعل كل من الأنظمة والشعوب العربية على ما أقدم عليه الرئيس المصري السابق أنور السادات في أواخر سبعينات القرن الماضي، وأخذني من أرّخ لهذه المرحلة لقرارات عدة اتخذتها الأمة العربية ضد مصر وقتها وهجمة شعبية عارمة ضد السادات، الذي لم يترحم على مقتله أحد وقتها! واسترجعت كيف كان حال هذه الأمة نفسها - أنظمة وشعوباً - بعد فترة ليست بالطويلة حين اقتفت أثر السادات في الهرولة نحو العدو «المفترض» وفعلت ما فعله لكن متأخراً! الحقيقة المرة أنه لم يتاجر العرب والمسلمون بقضية كما تاجروا بالقضية الفلسطينية، وحققوا من ورائها أرباحاً طائلة، مادية أحياناً وسياسية أحياناً أخرى، وعلى كل من أراد ركوب ظهر الشعوب أو السيطرة عليها أن يحمل لواء الدفاع عن فلسطين، لأنه الباب الأمثل لتحقيق الأهداف والأربح والأضمن والأسرع، والتاريخ يشهد أن كل مجرمي العرب ضد شعوبهم كانوا أبطالاً وهميين «للقضية»! عندما قرر السادات إبرام معاهدة السلام مع إسرائيل، قرر ما هو مقرر أصلاً ولم يأت بجديد أبداً، كان الشعار وقتها الذي يسوقه الثوار العرب حكومات وشعوباً هو شعار اللا سلم واللا حرب، كانت الأمة معترفة بأنها عاجزة عن حرب إسرائيل وهي في الوقت ذاته ترفض السلم معها على اعتبار أنه سيأتي من الأجيال المقبلة من يستطيع محاربة إسرائيل! على هذا الأمل كان المتاجرون بفلسطين يُحيون آلامه وتحيا تجاراتهم عليه أيضا! اليوم تغيّر كل الشخوص في هذه الحرب مع اسرائيل، تغير الموقف على الأرض إلى الأسوأ، تغير الموقف العربي أيضا نحو التساهل، الداخل الفلسطيني زادت خلافاته وانقساماته، المشاكل التي يعاني منها جسد الأمة العربية زادت كثيرا وتنوعت بين ثورات وحروب داخلية وجماعات إرهابية، ترتيب الخبر الفلسطيني تأخر كثيرا في نشرات الأخبار العربية هذا إن كان له ذكر أصلا، كل شيء تقريباً تغير، بقي شيء واحد لم يتغير هو تلك الشعارات التي تلوكها الأفواه العربية أثناء الخطب بقيت كما هي منذ سنين... هي الوحيدة التي لم تتغير! من القطعي المؤكد أننا كلنا مع الشعب الفلسطيني، وقضيته ومظلمته وكلنا بلا شك ضد الاحتلال الإسرائيلي... كنا وما زلنا ولم نزل... لكن هذا الـ«مع» والـ«ضد» لا يعني أبدا أن نكون سفهاء أو مجرد أبواق تردد أشعار الحماسة وأغاني الحرب لننتصر بعدها ونهزم اسرائيل، لمجرد أننا غاضبون أو نجيد كتابة الشعر ضدها وترديد الأغاني، إسرائيل لن تهزمها الأغاني والشعارات كما نتوهم دائما للأسف! والمنطقة اليوم تمر بمنعطف، من ضمن المنعطفات الكثيرة التي تعيشها مناطقنا دائما... علينا أن نعي الدروس من أخطائنا الماضية، علينا أن نلمس الطريق الصواب مسترشدين بأنوار تجاربنا لا بأوهام شعاراتنا... فالتاريخ لا يعيد نفسه بل نحن من نكرر أخطاءنا! @lawyermodalsbti
مشاركة :