اقحام المساجد في السياسة يثير انقسامات في الجزائر

  • 4/25/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تعليمات وزارة الشؤون الدينية الأخيرة مخالفة للدستور وهي بمثابة إقحام مباشر للمسجد والإمام في عملية سياسية انتخابية، وبين من رآها أمرا عاديا يدخل ضمن مهام وغايات مؤسسة المسجد. واتهم معارضون جزائريون ومقاطعون للانتخابات وزارة الشؤون الدينية بخرق قانون الانتخابات وإقحام المسجد في عملية سياسية مكتملة الأركان. المادة 148 ونشر المعارض الجزائري وأحد أبرز دعاة مقاطعة الانتخابات التشريعية سمير بن العربي على صفحته على بموقع فيسبوك نص المادة 184 من قانون الانتخابات الجزائري وعلق قائلا "خطب الجمعة تحث على التصويت وعبدالوهاب دربال (رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات) يقول إن الانتخابات نزيهة". وتنص المادة 184 من قانون الانتخابات الجزائري المعدل في سنة 2012 على أنه "يمنع استعمال أماكن العبادة والمؤسسات والإدارات العمومية ومؤسسات التربية والتعليم مهما كان نوعها وانتماؤها لأغراض الدعاية الانتخابية بأي شكل من الأشكال". كما نشر بن العربي صورة مانشيت لصحيفة الشروق (خاصة) جاء فيها أن أئمة وشيوخ زوايا يتحركون لرفع نسبة المشاركة في التشريعيات. وغرد قائلا "خطبة الجمعة... ستكون انتخابية بامتياز". والتهبت شبكات التواصل الاجتماعي بالمغردين يوم الجمعة الماضي حيث قام نشطاء بنقل ما تضمنته خطبة الجمعة في مساجد الأحياء التي يقطنون بها. واتضح من خلال بعض التغريدات أن هناك مساجد لم تلتزم بتعليمات الوزارة ولم يخصص أئمتها خطب الجمعة لموضوع حث المواطنين على المشاركة في التصويت، بينما ذكر آخرون أن مساجد امتثلت لتعليمات الوزارة. ونقلت مختلف وسائل الإعلام الحكومية الجزائرية من إذاعات وتلفزيونات خطبة الجمعة وحديث الأئمة عن ضرورة التصويت في اقتراع 4 مايو/أيار وحتى قنوات تلفزيونية خاصة قامت بنقل الخطبة من مساجد متفرقة بالعاصمة الجزائر. وقال جلول حجيمي الأمين العام للنقابة الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف (موالية) إن المسجد لا بد أن يقوم بجميع الأدوار الكبرى التي تمس مصلحة الأمة. وذكر حجيمي الذي يرأس نقابة الأئمة التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين (موالي) وهو أكبر تكتل نقابي بالجزائر أن النقابة قارنت بين المصلحة والمفسدة في هذه المسألة وقررت أن تكون في صالح دعوة الناس للتصويت. وقال "من حقنا كنقابة ذات تمثيل وطني أن نقول للمجتمع سواء بتعليمات أو توجيهات أو غيرها، رجاء توجهوا للانتخابات واختاروا من تريدون ولو بورقة بيضاء"، مضيفا "هذا أيضا ما قلته أنا للمصلين في خطبة الجمعة". وأشار إلى أن المسجد والأئمة لم يتكلموا لا عن قائمة ولا عن حزب أو تشكيلة سياسية معينة بل وجهوا دعوة للمواطنين للتصويت فقط. ونفى أن يكون قد تم توظيف خطبة الجمعة لصالح السلطة أو لصالح المعارضة "بل لصالح الوطن والمشاركة في التصويت وللمواطن حق الاختيار لمن يشاء". وأوضح أن دور المسجد في خطبة الجمعة اقتصر على الدور التحسيسي نظرا لأن عددا كبيرا من الجزائريين يعمرون المساجد. واعتبر أن تعليمات وزارة الشؤون الدينية لم تخرق قانون الانتخابات، مبررا ذلك بالقول إن المسجد لم يوظف خطبة الجمعة للدعاية لهذا المرشح أو ذاك. خرق للقانون لكن رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة (نقابة مستقلة) جمال غول رأى أن هذا الأمر يعتبر خرقا للقانون الجزائري. وأوضح أنه من الجانب الشرعي، "المسجد مكان عبادة يأتي إليه جميع المواطنين الذين يريدون تأدية العبادة ومن بين هؤلاء من هو مع المشاركة ومنهم من هو مع المقاطعة وهذا شأنهم ولا دخل لنا فيه ونحن لسنا ضد المشاركة ولا مع المقاطعة ولا ضدها". واعتبر أنه عندما يطلب من الأئمة تناول هذا الموضوع في إطار حث المواطنين على المشاركة، فإن ذلك يعني ترجيح كفة طرف على آخر وبالتالي سيقع الإمام في مشكل قد يؤدي إلى فتنة في المسجد وتفرقة. وتابع أن اقحام المساجد والأئمة في الشأن السياسي يعني دفع الإمام للخوض في الأمور السياسية، لأن السلطة إذا أرادت من الإمام أن يخوض في الشأن السياسي وجب أن يكون ذلك على مدار السنة وليس في المناسبات فقط. ودعا غول السلطات إلى رفع قانون تجريم الإمام حتى يتمكن من تقديم النصح لجميع المسؤولين في جميع المستويات بالآداب المعروفة. وقال "إذا لم يسمح له بذلك فلا يجب أيضا أن يتم إقحامه في الانتخابات والحملة الانتخابية". واعتبر أستاذ العلوم السياسة بجامعة الجزائر عبدالعالي رزاقي أن ما قامت به وزارة الشؤون الدينية والأوقاف يتناقض تماما مع نص قانون الانتخابات. وقال "هذه الخطوة تعتبر دعما للحكومة وهذا يتناقض مع حرية التعبير وهو بمثابة تغليب طرف على آخر". وحذر من أن ما قامت به الوزارة قد يدفع البلاد إلى أزمة خطيرة تعيد منطق تكفير أو تجريم مقاطعي الانتخابات وبالتالي خلق تيار معاد للوزارة، أي أن الوزارة كأنها تشجع الخطاب الديني على الخوض في السياسة وهذا يتناقض مع الواقع والقوانين. ورأى أنه ليس من مهام الإمام شرح جوانب سياسية للمواطن الذي له وعي كاف وأن مهمته تقتصر على الجانب الديني الشرعي فقط. ويقاطع حزب طلائع الحريات الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة 2014 علي بن فليس. كما يقاطعها حزب جيل جديد بزعامة سفيان جيلالي لعدم وجود ضمانات تكفل نزاهتها.

مشاركة :