محاصرة الفساد من الأعلى إلى الأسفل

  • 4/25/2017
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

< في حزمة القرارات الملكية الأخيرة توجّه واضح وصريح في الموقف الرسمي من الفاسدين في القطاع العام، فسياسة الصمت «وعفا الله عما سلف» وعدم التشهير ولّت إلى غير رجعة، وهذا ما كان يطالب به الجميع في محاسبة من اؤتمنوا وسلّموا الأمانة وأدوا القسم. لا شك في أن إعفاء أحد الوزراء في القرارات الملكية الأخيرة بسبب «شبهة» حققت فيها الهيئة العامة لمكافحة الفساد، وثبت لديها وقوع حالة الفساد واستغلال المنصب في عملية توظيف أحد أقارب الوزير، ومن ثم الرفع للمقام السامي بنتائج التحقيق، الذي أصدر القرار اللازم بإعفاء الوزير وإحالته إلى لجنة تحقيق، ليؤكد أن القيادة وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عرّاب رؤية المملكة 2030 لن يمنحوا «حصانة» للمسؤولين، ولن يتوقفوا عن محاسبتهم في حال قاموا بممارسات فاسدة بأي شكل من الأشكال، حتى وإن كانوا ممن يقومون بتنفيذ هذا البرنامج، لأن مثل هذه التصرفات تتعارض مع كل المعايير والأنظمة الرسمية التي تنص على معاقبة الفاسدين، وتتعارض مع كل القيم الأخلاقية والدينية في مجتمعنا. على الجانب الآخر، أعتقد أن التساهل مع الفساد بكل أشكاله من سرقة للمال العام وتوظيف الأقارب من دون وجه حق و«بخس» الآخرين حق تلك الوظائف وقد يكونون هم الأجدر بها، أو توظيف الأصدقاء وأبناء مناطقهم، لهو ضرر كبير على مشروع الرؤية نفسها، وأنا أتذكر حديث ولي ولي العهد في مؤتمره الصحافي وعلى قناة «العربية» لاحقاً حينما تطرق إلى أهمية محاربة الفساد والقضاء عليه، وأن الشعب هو من سيحاسب ويكشف عن أوجهه في القطاع العام، وهذا ما تحقق في هذه الحالة، وكلنا يعرف أن مواقع التواصل الاجتماعي و«تويتر» خصوصاً قد لعبت دوراً مهماً في توصيل رسالة واضحة للقيادة حول وجود شبهة فساد في هذه الحالة. إن عملية التشهير بالفاسدين مهما علا شأنهم كوزراء أو نافذين في المجتمع بعد هذا القرار الجريء والحازم، لهي رسالة واضحة أن لا أحد فوق القانون والأنظمة، وأن من يستغل سلطته بأي شكل لن تكون نهايته فقط الإعفاء، ولكن المحاكمة والتشهير به، كما تعودنا على نشر صور بعض «الغلابى» ممن يدفعون الرشاوى مثلاً، أما من هم في المناصب المفصلية فقد ترسخ في الذهنية المجتمعية أن آخر ما سيطولهم هو مغادرة المنصب، ومن ثم نشاهدهم يصبحون من أصحاب الملايين ولا أحد يسأل من أين لك هذا؟ هذه المرحلة «ولّت» إلى غير رجعة بعد هذا القرار، وهي رسالة واضحة للكل أن المعاقبة ستطال الجميع، فنحن كل يوم نسمع عن أراضٍ بملايين الأمتار تم الاستيلاء عليها مثلاً، وقد استطاعت الجهات الرسمية استرجاعها وهذه خطوة جيدة، ولكننا لم نسمع عن أسماء الأشخاص الذين حاولوا الاستيلاء على تلك الأراضي، لذا نجد عملية السطو على الأراضي الحكومية والرشاوى من بعض المسؤولين مستمرة، بل إن بعضهم يتهم الجن بأنهم «سحروه» للقيام بتلك الأعمال، وآخرهم مسؤول رسمي قَبِلَ رشوة بمليون ريال تبرع بجزء منها لترميم مسجد. نأمل، وأنا على قناعة تامة، أننا سنسمع بأسمائهم في حال ثبوت التهم الموجهة إليهم. نقطة أخيرة في هذا السياق، إن هذا القرار أتى بعد مباشرة هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) هذا الموضوع، مما يعيد الاعتبار لها في المجتمع، وأتمنى أن تواصل عملها الجاد في هذه الملفات، إضافة إلى إعطاء الهيئة صلاحيات أكثر في نظامها الحالي. فشكراً لقادتنا على هذه القرارات، ولولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خصوصاً في انحيازه للشعب بعد أن حققت بعض مشاريع رؤية المملكة 2030 بعض أهدافها وتوازنها للاقتصاد الوطني.   akalalakal@

مشاركة :