بعد أكثر من ستة أعوام على انطلاقة ثورات الربيع العربي.. يطرح الجميع وباستمرار مسألة فشلها كثورات عن تحقيق طموحات الشعوب العربية! قد يكون من المبكر جداً طرح أي تقييم موضوعي لهذه الثورات الآن.. فهي لا تزال في مرحلة الانفجار ولم يستقر غبارها بعد لنرى عن قرب ونلمس ما أحدثته من تحول وتغيير! المتشائمون يرون أن هذه الثورات قد أزاحت من المشهد العربي ديكتاتوريات وأتت بطغاة! قد يكون هذا صحيحاً بالنسبة لدول الربيع العربي.. فالسجون لا تزال مزدحمة بالأبرياء ومؤسسات الحكم، والسلطة لا تزال تستخدم مفهوم الأمن بشكل قمعي.. والحريات لا تزال محاربة! لكن ذلك ليس المشهد كله.. بل قشرته التي تحجب عنا، وبكل أسف، ما يحدث أسفل القشرة.. حيث الأحداث لا تزال متحركة.. والتظاهرات والاحتجاجات لا تزال متأججة.. ولهيب الوعي العربي الجديد لا يزال متقداً! فمن كان يصدق يوماً أن يتحدث سوري أو ليبي أو عراقي عن حقوقه بهذه العلانية.. ومن كان يتصور أن تخرج التظاهرات المنددة بفساد السلطة في دول كان الحديث عن ملابس «الزعيم» عقوبة تستدعي الإعدام! انزلوا إلى الأسفل.. إلى الشوارع العربية.. راقبوا وتابعوا ما يُطرح على «تويتر» وغيره من وسائل التواصل المذهلة.. ارصدوا كيف ارتفع سقف مطالب المواطن العربي الذي أصبح يتحدث في الدين والعقيدة والسياسة بكل حرية وشفافية.. تأملوا كيف أصبحت الأفكار المحظورة التي طرحها مفكرون مثل طه حسين، ونصر حامد أبو زيد، وفرج فودة، مادة يتناولها العامة في الشارع وفي منتديات الإنترنت! فمن كان يتصور مثلا أن يأتي يوماً يناقش فيه الناس مدى صحة بعض كتب التراث أو الفساد الإداري في مؤسسة عريقة كالأزهر في مصر، الذي أثاره الصحافي أحمد الخطيب! والمسألة هنا لا تتعلق بموقفك، معارضاً أو موافقاً، لما يطرح.. وإنما بحقك في الاطلاع على كل المواقف ومن ثم حق تحديد موقفك! العالم العربي، بشرقه وغربه، لم يتجرأ المواطن فيه عن التحدث في قضية المثلية الجنسية.. فهي كانت قضية حساسة وعيبا كبيرا في مجتمع تحكمه التقاليد والأعراف قبل القوانين! اليوم هذه قضية متداولة يتم طرحها كواقع في محاولات لاحتوائها قدر الإمكان! المثلية الجنسية ليست نتيجة للربيع العربي كما يحاول الإسلام السياسي أن يروّج، فهي موجودة خلف الجدران.. وكل ما فعله الربيع العربي أنه جعل منها قضية متداولة للنقاش بعد أن لامست حرية التعبير عنان السماء! الثورة هي تغيير في الوعي.. وهي تبدأ من الأسفل إلى الأعلى وليس العكس.. وعملية تبديل الكراسي في دول الربيع لم تنجح في التمويه، بدليل أن الشوارع في مرحلة انفجار.. وهو المهم والأهم هنا! سعاد فهد المعجلsuad.almojel@gmail.comsuadalmojel@
مشاركة :