على بعد كيلومترين من خط الجبهة في حي الموصل الجديدة، يتفحص الطبيب عزيز الجروح التي أصيب بها محمود في وجهه أثناء فراره من تنظيم «داعش» بعدما استعادت القوات العراقية السيطرة على شارع جديد في غرب الموصل.ووصل محمود إلى مركز طبي افتتح قبل أسبوع، وهو واحد من مراكز عدة مماثلة استحدثت في المناطق التي تم تحريرها من قبضة الإرهابيين، بحسب ما يقول سفيان باييز عليوي، المسؤول في «مدخل العراق الصحي»، المنظمة غير الحكومية المشرفة على المركز. ويقول محمود موسى (34 عاماً) «أنا من حي التنك. اليوم تقدم جهاز مكافحة الإرهاب... وحرّرنا. أثناء خروجي، أصبت بهذه الجروح». ويضيف «الحمد لله لم يصب أحد من أفراد أسرتي. هم في الخارج ينتظرونني كي ننتقل سوياً إلى المخيمات». وعن المعاناة في مناطق سيطرة تنظيم «داعش»، يروي محمود «نفد كل ما يمكن استهلاكه. لقد أكل الناس كل ما لديهم. المياه لم تعد متوفرة. لقد احتجزونا (الإرهابيون) دروعاً بشرية، ومن كان منا يخرج كانوا يقتلونه». ويقول المقدم المسؤول عن مستشفى ميداني عسكري متاخم لخط التماس في غربي الموصل «عدد الضحايا المدنيين يتزايد باطراد لأن «الدواعش» يستهدفون المدنيين، ويستخدمونهم دروعاً بشرية. هم لا يرحمون حتى الأطفال. هناك أطفال إصاباتهم تدمي القلوب. هناك حالات بتر أطراف لأطفال. اليوم بلغ عدد المصابين بين الأطفال حتى الساعة 12 طفلاً». ويضيف ««الدواعش» يستخدمون الأسلحة الكيماوية أيضاً. قبل ساعة فقط استخدموا غاز الكلور ضد القطعات العسكرية»، مشيراً بيده إلى خيمتين يجري نصبهما قبالة المركز الصحي من أجل استخدامهما كمركز «للتطهير من الأسلحة الكيماوية». ومع ارتفاع عدد الجرحى المدنيين، ازدادت الحاجة لإنشاء عيادات قريبة من جبهات القتال، كما يوضح الطبيب عزيز ميسّر. ويشير إلى أن المركز الصحي الذي أعيد تأهيله قبل افتتاحه منذ أسبوع، «هو الأقرب إلى خطوط التماس الأمامية»، مضيفاً «نحن نستقبل يومياً عشرات الإصابات». وفي غرفة المعاينة، يمكن مشاهدة رفوف بيضاء تكدست عليها الأمصال والأدوية. ويقول ميسّر إن منظمة «مدخل العراق الصحي استقدمت كادراً طبياً متكاملاً مكوناً من أطباء وممرضين وإداريين يناهز عددهم 40 شخصاً» إلى المكان. ومن هؤلاء الطبيب أحمد وائل الذي عاش في ظل حكم تنظيم «داعش» في شرق الموصل. ويقول الطبيب الشاب بردائه الأبيض وذقنه الحليق عن تلك الفترة، «كان الدوام إجبارياً وتحت التهديد. وكان كشف الأطباء الرجال على النساء محظوراً إلا في الحالات الطارئة، وتحت أعين شخص من الحسبة (الشرطة الدينية للتنظيم)، فإذا لم يكن موجوداً لا يمكننا التطبيب في صالة بداخلها نساء، سواء أكانت الحالة طارئة، أم غير طارئة». ويقول عليوي إن العاملين في المراكز الصحية «متطوعون من كل محافظات العراق ومناطقه». ويضيف «كلما تقدمت القطعات وحررت مناطق جديدة، ننشئ مراكز صحية في المناطق المحررة ونجهزها بكل الأقسام اللازمة من طوارئ وللأمراض المزمنة الخ، لاستقبال الجرحى والمرضى»، مشيراً إلى أن المراكز الصحية «تعمل لمدة ستة اشهر على الأقل بعد التحرير». وإضافة إلى المراكز الصحية، تحاول المنظمة غير الحكومية استحداث «مشاريع تمكين» لمساعدة سكان الموصل بعد خروج «داعش» من مناطقهم، ومنها مثلاً الأفران. (أ. ف. ب)
مشاركة :