قال تقرير "شيب آند بونكر" الدولي المعني بالشحن والمخزونات النفطية "إن ارتفاع المخزونات هذا الأسبوع حالة طارئة وإن التوقعات تتجه نحو التراجع في المخزونات ونمو ملموس في مستويات الطلب العالمي على النفط، وهو ما سيدفع سعر خام برنت إلى 59 دولارا بنهاية الربع الثاني خلال العام الحالي". وأضاف التقرير أن "تدفق الإنتاج الصخري الأمريكى تسبب في هبوط الأسعار هذا الأسبوع دون مستوى 50 دولارا، وذلك على الرغم من تأكيد بنك "جولدمان ساكس" أن أساسيات السوق جيدة وقوية وأن الانخفاضات الحادة غير مبررة لأن السوق بشكل عام تتجه إلى التحسن المستمر". وبحسب التقرير فإن أهم سؤال مطروح في السوق حاليا أنه في ضوء صدور مؤشرات عن إقدام منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" على تمديد خفض الإنتاج حتى نهاية 2017، فإن التساؤل الأبرز هو كيف ستتفاعل السوق مع هذا القرار؟ وهل سيكون مجديا في خطة استعادة التوازن في السوق؟ وأعرب التقرير عن قلقه من أن يبدد المنتجون الأمريكيون مرة أخرى جهود "أوبك" خاصة أنهم يعيشون حالة من التعافي بعد فترة كساد طويلة وسيركزون على زيادة الإمدادات حتى نهاية العام الحالي وهو ما قد تكون له آثار سلبية في السوق. ونقل التقرير عن بعض المحللين توقعهم احتمال أن تسجل الأسعار مستوى ما بين 45 و55 دولارا للبرميل خلال الأشهر الستة المقبلة وأن يظل الإنتاج الصخرى هو بؤرة الاهتمام في السوق خاصة أنه من المتوقع أن يحصد الحصيلة الأكبر من المكاسب. في سياق متصل، عاد النفط إلى تسجيل انخفاضات سعرية متأثرا ببيانات غير متوقعة عن ارتفاعات قياسية في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية إلى جانب استمرار تخمة الإمدادات ووفرة المعروض العالمي ما حال دون تعافي الأسعار وأدى إلى استمرار حالة التقلبات السعرية المتوالية. وسجلت الأسعار أدنى مستوى لها في شهر وسط حالة من الشكوك في السوق في مدى قدرة اتفاق خفض الإنتاج على معالجة الظروف الراهنة وتحقيق أهدافه في توازن واستقرار السوق في ضوء تسارع مقابل من قبل الإنتاج الأمريكي. وتتابع الأسواق زيارة المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إلى العاصمة الأذرية باكو خاصة تأكيداته وجود مشاورات سعودية روسية قريبا لتدارس موقف اتفاق خفض الإنتاج وسبل معالجة الوضع الراهن وآليات تعامل المنتجين مع تراجع الأسعار على الرغم من الالتزام بخفض الإنتاج وتأكيده ضرورة التوافق بين كل المنتجين عند اتخاذ خطوات مقبلة خاصة مد العمل باتفاق خفض الإنتاج. وفي هذا الاطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندرياس جيني مدير شركة "ماكسويل كوانت" للخدمات النفطية، أن المخزونات التجارية في الولايات المتحدة سجلت مستويات قياسية في الارتفاع وهو ما أدى بالتالى إلى الضغط مجددا على الأسعار، مشيرا إلى أن منظمة أوبك كانت محقة للغاية عندما اعتبرت أن مستوى المخزونات هو التحدي الأكبر والعقبة الأصعب التي تحول دون تعافي السوق، كما أن ارتفاع المخزونات يضعف تأثيرات خطط العمل المشتركة للمنتجين للحد من المعروض النفطي العالمي. وأضاف جيني أن "الشهر المقبل على الأرجح سيشهد كثافة في الاتصالات بين كبار المنتجين وقد بدأت الفعل مشاورات تقودها السعودية مع روسيا وأذربيجان"، مشيرا إلى أن هذه المشاورات هي بمنزلة تحضيرات جيدة قبل الاجتماع الوزاري لمنظمة "أوبك" في فيينا في 25 أيار (مايو) المقبل الذي سيشارك فيه أيضا المنتجون المستقلون أعضاء اتفاق خفض الإنتاج النفطي. وتوقع جيني أن تسفر هذه التحضيرات عن التوصل إلى آليات أقوى تأثيرا للتعامل مع فيضان الإنتاج الأمريكي الذي تسبب في ارتفاع المخزون وعودة تخمة المعروض، وقد يكون الحل هو مواجهة ذلك بتخفيضات أكبر وتوسيع الاتفاق والتوصل إلى تفاهمات ما مع المنتجين الأمريكيين لأن تراجع الأسعار سيؤثر فيهم سلبا أيضا في المستقبل القريب. من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن مستويات الطلب في آسيا ما زالت قوية وتعتمد بشكل رئيسي على المنتجين التقليديين على الرغم من محاولات الإنتاج الأمريكي المنافسة ولجوء بعض المصافي خاصة في الصين إلى تنويع وارداتها النفطية". وأشار كروج إلى أن السعودية وروسيا تتبادلان المركز الأول في قائمة أكبر موردي النفط الخام إلى سوق الصين الضخمة وهما تتمتعان بموثوقية وثقل واسع في السوق الصينية، منوها بأن الرؤية المستقبلية لنمو الطلب جيدة وتلبي طموحات المنتجين على الرغم من الصعوبات الواسعة والراهنة نتيجة تقلبات السوق وتذبذب الأسعار. وأوضح كروج أن بعض منتجي "أوبك" يواجهون صعوبات في السوق الآسيوية خاصة إيران التي ستسجل الشهر المقبل أدنى مستويات في صادراتها النفطية في 14 شهرا بعد إلغاء صفقات من الهند وهبوط الطلب في اليابان بنحو النصف. إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، الدكتور ليوناردو ماوتينو المحلل في مجموعة "أوكسيرا" للاستشارات المالية، "إن هناك رغبة جادة من أغلب منتجي النفط في العالم في تقليص المعروض العالمي للحفاظ على مستوى أسعار جيد وملائم للاستثمار وبما يعضد اقتصاديات الدول المنتجة والتى عانت كثيرا على مدار السنوات الثلاث الماضية خاصة بعدما سجلت أسعار النفط أدنى مستوى لها في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي". وأشار ماوتينو إلى أن الأسعار كانت قد حافظت على مستوى 50 دولارا فيما فوق بعد التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لكن الأسعار عادت وهبطت إلى أقل من مستوى 50 دولارا بعد خسائر تجاوزت 7 في المائة في الأسبوع الماضي وهو ما يتطلب تحركا أقوى من المنتجين وهو على الأرجح يتم الإعداد له حاليا لجذب الأسعار إلى الارتفاع مرة أخرى بفعل تخفيض أكبر في المعروض وتحفيز أفضل لمستويات الطلب. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، فقد واصلت أسعار النفط اتجاهها النزولي أمس حيث أظهرت بيانات زيادة مخزونات الخام الأمريكية مستوى قياسيا للإمدادات في بقية أنحاء العالم وهو ما ألقى بظلال من الشك على قدرة منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" على خفض الإمدادات وموازنة السوق. وبحسب "رويترز"، فقد انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 13 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 49.43 دولار للبرميل بعدما زادت 0.7 في المائة في الجلسة السابقة، وهبط الخام الأمريكي في سبع من الجلسات الثمانية الماضية. وقال تجار "إن خام غرب تكساس الوسيط تأثر بعد تقرير أصدره معهد البترول الأمريكي بشأن زيادة مخزونات الخام الأمريكية بواقع 897 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 21 نيسان (أبريل) إلى 532.5 مليون برميل، في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى انخفاض قدره 1.7 مليون برميل". وأوضح معهد البترول أن مخزونات النفط في نقطة تسليم العقود الآجلة في كاشينج في ولاية أوكلاهوما هبطت مليوني برميل، فيما قفزت مخزونات البنزين 4.4 مليون برميل الأسبوع الماضي مخالفة توقعات المحللين التي كانت تشير إلى انخفاض قدره مليون برميل. وتراجعت مخزونات المشتقات الوسيطة، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 36 ألف برميل في حين كان من المتوقع أن تهبط مليون برميل، وزادت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 384 ألف برميل يوميا لتصل إلى 8.2 مليون برميل يوميا. وانخفض خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 12 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 51.98 دولار للبرميل، ويقل برنت بنحو 8.5 في المائة عن الذروة التي بلغها في الشهر الجاري. وتعهدت "أوبك" ومنتجون مستقلون من بينهم روسيا، لكن باستثناء الولايات المتحدة، بخفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا خلال النصف الأول من العام الحالي بهدف السيطرة على تخمة المعروض المستمرة منذ أعوام ودعم الأسعار. غير أن الأسعار ظلت متدنية خلال العام الحالي حيث واصلت المخزونات الأمريكية الزيادة ووصلت إمدادات الوقود العالمية إلى مستويات قياسية جديدة على الرغم من التعهدات بخفض الإنتاج.Image: category: النفطAuthor: أسامة سليمان من فييناpublication date: الخميس, أبريل 27, 2017 - 03:00
مشاركة :