مع تسارع نسق الحملات المؤيدة للاستفتاء تجدد الجدل بشأن قانونية عرض التعديلات على الاستفتاء الشعبي بعد أن أسقطها مجلس الشيوخ.العرب [نُشر في 2017/04/27، العدد: 10615، ص(4)]الرئيس الموريتاني يتجه إلى فرض مشروعه نواكشوط – تعيش موريتانيا منذ نحو شهر على وقع سجال سياسي قانوني، وذلك على خلفية اختلاف في تأويل الفصل 38 من الدستور المتعلق بالاستفتاء والذي يستند إليه الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، لتنظيم استفتاء شعبي حول تعديلات دستورية مقترحة. ومع تسارع نسق الحملات المؤيدة للاستفتاء تجدد الجدل بشأن قانونية عرض التعديلات على الاستفتاء الشعبي بعد أن أسقطها مجلس الشيوخ في مارس الماضي، وذلك في ظل تباين وانقسامات أثارها تكييف المعنى القانوني والتشريعي لهذا البند. وتنص المادة 38 من الدستور الموريتاني، على أنه “لرئيس الجمهورية أن يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية”. واعتبر الخبيران الدستوريان محمد فاضل ولد الرايس، ومحمد سيدي ولد خباز، أن المادة تعطي لرئيس الجمهورية حقا مطلقا في تجاوز مجلسي النواب والشيوخ، وذلك انطلاقا من صلته المباشرة بالشعب، إلى جانب أن الرئيس هو المخول الوحيد بتفعيل آلية الاستفتاء، من أجل حل الخلاف بين الجمعية الوطنية (الغرفة البرلمانية الأولى) ومجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية) حول التعديلات الدستورية. وشدد الخبيران على كون هذا التفسير هو القراءة الصحيحة، انطلاقا من السوابق والأعراف القضائية. ولا تجد تأويلات المعسكر الداعم للرئيس قبولا بين تيارات وقوى المعارضة، التي عبرت عن رفضها لمشروع التعديلات، معتبرة أن لجوء الرئيس ولد عبدالعزيز إلى الاستفتاء، محاولة لتجاوز الرفض الذي قوبل به من جانب ممثلي الشعب. ويرى عضو مبادرة الدفاع عن المكتسبات الدستورية، محمد سيدي عبدالرحمن إبراهيم أن استناد الرئيس على المادة 38 تعسف في فهم النصوص، مشيرا إلى أن مسألة تعديل الدستور منظمة بمواد خاصة، وتشمل البنود 99، 100 و101 من الدستور والتي تربط طرح التعديل للاستفتاء بموافقة ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية وثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. ويؤيد أستاذ القانون الدستوري بجامعة نواكشوط، سيدي محمد ولد سيد أب هذا التفسير، مبينا أن المادة 38 من الدستور، تتحدث عن استشارة الشعب في القضايا السياسية والاستراتيجية والعامة، ولا تتعلق بتعديل الدستور. ودخل وزير العدل السابق عابدين ولد الخيار على خط السجال السياسي بشأن المادة 38 من الدستور، بعد نشره مقالا في الصحافة المحلية شدد فيه على أن “السلطة التشريعية مقيدة في اختصاصاتها حسب نص المادة 57 من الدستور، في حين أن سلطة رئيس السلطة التنفيذية في مجال التشريع غير مقيدة”. ورأى الوزير السابق أن تفسير نص المادة 38، يخضع للأعراف القضائية مستشهدا بسابقة قضائية تم اللجوء إليها في فرنسا، معتبرا أن “السوابق القضائية لها قيمة كمصدر من مصادر القانون في تفسير النصوص وتطبيقها”. ولفت ولد الخيار، إلى أن تعديل الدستور يعتبر مسألة عامة تهم الشعب ولا يجوز اقتصار تحديد القرار بشأنها في سياق السلطة التشريعية مقيدة السلطات. يشار إلى أن الحكومة الموريتانية حددت 15 يوليو القادم ، موعدا لإجراء الاستفتاء على التعديلات المقترحة. وتعتبر التعديلات نهائية إذا نالت الأغلبية البسيطة (50 بالمئة+1) من الأصوات، المعبر عنها في الاستفتاء.
مشاركة :