البابا يزور القاهرة مع تراجع عدد المسيحيين في الشرق الأوسط

  • 4/27/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

روما - يتوجه البابا فرنسيس الجمعة إلى القاهرة بعد أقل من شهر على سقوط 45 قتيلا في تفجيرين استهدفا كنيستين مصريتين في إطار حملة منسقة لإسلاميين متشددين تستهدف المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط. ومنذ عقود تتراجع أعداد المسيحيين في المنطقة التي يوجد بها بعض أقدم الكنائس لكن حروبا هذا القرن في العراق وسوريا وظهور تنظيم الدولة الإسلامية جعل مستقبلهم في مهب الريح. وقال البابا الثلاثاء إنه يأمل في أن تكون زيارته "تعزية وتشجيع لكل المسيحيين في الشرق الأوسط". ويريد أيضا تحسين الحوار مع المسلمين. وقالت نينا شيا رئيسة مركز الحريات الدينية التابع لمعهد هدسون للأبحاث ومقره واشنطن "يدرك البابا جيدا حقيقة أن الشرق الأوسط قد يفقد الوجود المسيحي فيه تماما" وأضافت "إنها مجتمعات قديمة تمتد جذورها إلى الكنيسة الأولى. ليست نبتة صناعية ولا نتيجة للتنصير الغربي. إنها فريدة وتندثر". وكان النزوح الأكبر في العراق حيث وجد المسيحيون أنفسهم محصورين وسط العنف الطائفي الذي اجتاح البلاد بعد الغزو الأميركي في 2003 ثم تعرضوا لاضطهاد شديد مع تنامي قوة الدولة الإسلامية منذ 2014. ولا توجد أرقام محددة، لكن شيا قالت إن أعداد المسيحيين تراجعت في العراق من 1.5 مليون في 2003 إلى ما يتراوح بين مئة ألف و200 ألف اليوم. وتقول أرقام أخرى إن ما يصل إلى 400 ألف آخرين ربما ما زالوا يعيشون هناك لكن الكثيرين منهم فقدوا منازلهم ونزحوا. ومع بدء سيطرة التنظيم المتشدد على بلدات ومدن في أنحاء متفرقة من العراق خيّر المتشددون المسيحيين الذين وقعوا في قبضتهم بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو القتل. وهرب المسيحيون الذين استطاعوا إلى ذلك سبيلا إلى الخارج أو إلى مناطق يسيطر عليها الأكراد في الشمال. وبدا أنهم عازفون كثيرا عن العودة إلى ديارهم القديمة حتى مع استعادة القوات العراقية السيطرة شيئا فشيئا على أراض كانت فقدتها بما في ذلك قطاعات كبيرة من مدينة الموصل. وقال خيرالله جميل وهو مسيحي كان يملك شركة للبناء وفر مع أسرته إلى مدينة أربيل الكردية بعد استيلاء الدولة الإسلامية على شركته "داعش أناس من الموصل. كانوا أصدقاء وأشخاص نعرفهم. أنا لا أعرف متى سنعود. تعرضنا لخيانة. الناس في الموصل يتعاونون مع داعش ويتبعون تفسيرها المتشدد للإسلام". انتهاء الوضع وانتشرت المسيحية في الشرق الأوسط خلال القرن الأول وحلت محل عقائد وثنية شرقية وتعايشت مع ديانات أقدم كاليهودية والزرادشتية. ورغم أن الإسلام اكتسب الهيمنة على المنطقة منذ القرن السابع الميلادي فإن الكثير من الحكام المسلمين كفلوا للمسيحيين حرية العبادة. وانتهى هذا الوضع الذي استمر قرونا بسقوط الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى. وكان المسيحيون آنذاك يمثلون نحو 15 بالمئة من سكان المنطقة، لكن عددهم انخفض الآن إلى أقل من أربعة بالمئة وفقا لمركز بيو للأبحاث. وتتفاوت الأعداد من دولة إلى أخرى ففي السعودية لا يوجد مواطنون مسيحيون في السجلات الرسمية فيما يمثل المسيحيون ما يصل إلى 40 بالمئة من السكان في لبنان وفقا لوكالة المخابرات المركزية الأميركية. وساعدت معدلات المواليد المنخفضة بين المسيحيين مقارنة بالمسلمين في خفض النسبة الإجمالية. كما لعبت الهجرة الاقتصادية دورا إذ كانت الدول الغربية بشكل تقليدي مستعدة لاستقبال المسيحيين أكثر من المسلمين. وتفيد بيانات فلسطينية بأن عدد مسيحيي القدس الذين يعيشون في أستراليا أكبر ممن بقي منهم في المدينة المقدسة إذ يقول الفلسطينيون إن الاحتلال الإسرائيلي دفع الكثير من المسيحيين في المدينة إلى الهجرة. وإذا كانت هجرة المسيحيين من الضفة الغربية المحتلة قطرات فإنها تحولت إلى سيل في سوريا المجاورة التي تعصف بها حرب أهلية منذ ست سنوات. وتقول جماعة إيه.دي.إف انترناشونال التي تدعم الحرية الدينية ومقرها فيينا إن عدد المسيحيين في سوريا انخفض من نحو 1.25 مليون في 2011 إلى أقل من 500 ألف اليوم. ومثلما هو الحال في العراق تتعرض الأقلية المسيحية في سوريا للاضطهاد من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الذي أعدم علنا مسيحيين وباع سبايا من المسيحيات. والمزاج السائد قاتم حتى في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت سوزانا طنوس وهي ربة منزل مسيحية من منطقة الغساني في دمشق التي لا تبعد سوى كيلومتر واحد عن حي جوبر الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة "ما عاد في نسبة هنا من المسيحيين.. أغلبية أقاربنا وأصدقاءنا الذين نعرفهم ربما 70 بالمئة منهم سافروا وهاجروا". وأضافت بينما كانت تتحدث في مقهى فيما تردد من بعيد صوت القذائف "هنا ما في مستقبل أبدا". ترويع وتتردد هذه النبرة في أرجاء المنطقة لكن الأعداد الهائلة التي ترغب في الخروج تؤدي إلى تكدس. وقال الأنبا مكاريوس الأسقف العام لمحافظة المنيا في صعيد مصر "مش سهل طبعا.. السفارات لن تأخذ كل الناس... مهما فتحت السفارات أبوابها للأقباط يهاجروا لو حصل يعني مش هياخدوا واحد على 500 مثلا". ويشكل الأقباط ما يصل إلى 10 بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة وهم إلى حد بعيد أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط، لكن رغم جذورهم التي تعود إلى العصر الروماني فإنهم يخشون من استهدافهم من قبل المتعصبين دينيا. وأعلنت الدولة الإسلامية التي تشن هجمات ارهابية تستهدف قوات الأمن المصرية، الحرب على الأقباط أملا في زعزعة استقرار أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان. وإلى جانب تفجيري أحد السعف، أعلن التنظيم المتشدد مسؤوليته عن تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة في ديسمبر/كانون الأول 2016 مما أسفر عن مقتل 28 شخصا كما يلاحق المسيحيين في شبه جزيرة سيناء باستخدام القتل والترويع. وجمد الأزهر أعلى سلطة إسلامية في مصر الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية في 2011 بعدما ندد البابا السابق بنديكت بما سماه "إستراتيجية عنف تستهدف المسيحيين". وعمل البابا فرنسيس جاهدا على تحسين العلاقات مع العالم الإسلامي، لكن شيا من معهد هدسون قالت إنه سيضطر للتطرق بشكل مباشر أثناء زيارته المرتقبة إلى مسألة الاضطهاد الديني. وأضافت قائلة "سياق هذه الزيارة هو الإبادة الجماعية الدينية الواسعة ضد المسيحيين في الشرق الأوسط إنها حقيقة واضحة تماما لا يمكن تجاهلها". لكن البابا استقبل في وقت سابق شيخ الأزهر في الفاتيكان وهي أول زيارة بعد قطيعة 2011، والتي أسست لعودة الحوار بين الأديان والتأكيد على التعايش السلمي بين الأقباط والمسلمين في مصر. ويستغل البعض المسيحيين المصريين في الخارج أي هجمات ارهابية تستهدف الأقباط لتأجيج التوتر والترويج لمزاعم اضطهاد الأقباط.

مشاركة :