أوضح رئيس «أرامكو السعودية» وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر، أن سوق الطاقة متجه نحو استعادة توازنه، ويجب ألا تطغى العوامل قصيرة المدى على الحاجة إلى الاستثمار بشكل طويل الأمد. وأشار الناصر، خلال الكلمة التي ألقاها ضمن أعمال القمة العالمية الـ 18 للنفط المنعقدة في العاصمة الفرنسية باريس، إلى أن النفط سيلعب دوراً رئيساً في تلبية الطلب المستقبلي العالمي على الطاقة على رغم سيناريوهات ذروة الطلب على النفط والموارد غير المُستغلة وهي سيناريوهات مستبعدة. وأوضح أن الزيادة المتوقعة في تعداد سكان العالم البالغة 2 بليون نسمة بحلول العام 2050، ستؤدي إلى ارتفاع معدلات الطلب الكلي على الطاقة بشكل أكبر بكثير مما هي عليه الآن، مشيراً إلى أنه لا يمكن تلبية هذا الطلب المرتفع إلا باستغلال وتسخير جميع مصادر الطاقة، حيث أنه وعلى رغم التقدم الحاصل فإن البدائل لا تزال تواجه العديد من التحديات التي تحتم على قطاع الطاقة والمستهلكين على حد سواء توقع عملية تحوُّل طويلة ومعقدة في قطاع الطاقة. وقال الناصر إن «المحصلة النهائية واضحة، سيواصل الطلب على النفط ارتفاعه، وبمستويات جيدة إلى حد ما في المستقبل المنظور، ولهذا السبب فإنني على قناعة تامة بأن ذروة الطلب على النفط لن تلوح في الأفق خلال العقود القليلة المقبلة على الأقل، وهو كذلك السبب نفسه الذي يدفعني إلى استبعاد فكرة الموارد غير المستغلة». وسلّط رئيس «أرامكو السعودية» الضوء على خمسة تحديات تسترعي جُل الاهتمام في إطار الجهود الرامية إلى بناء قدرة أكبر على الصمود والتأقلم، مبيناً أن أول هذه التحديات هو ضرورة استغلال مصادر الطاقة كافة لتلبية الطلب المرتفع، لاسيما النفط والغاز، لأن التقديرات تشير إلى حاجة العالم لتطوير طاقة إنتاجية للنفط تقدر بحوالى 30 مليون برميل يومياً على مدى السنوات الخمس المقبلة نظراً لارتفاع الطلب العالمي على النفط، والتراجع الطبيعي في معدلات الإنتاج من الحقول القديمة، والانخفاض الحاد في حجم الاستثمارات أخيراً». وحذّر من أن العوامل القصيرة الأجل والتقلبات، مقرونة بالتوقعات السابقة لأوانها حول التحوّل السريع في قطاع الطاقة، تؤجج الشكوك وتضلل الأسواق والمستثمرين على حد سواء, لذلك فإنه وعلى رغم أن السوق تشير إلى تحقيق فائض نفطي على المدى القصير، نجد أن الإمدادات اللازمة للسنوات المقبلة أقل بكثير من المعدلات المطلوبة بسبب عدم تنفيذ استثمارات ضخمة وطويلة الأجل في مصادر الطاقة المؤكدة والموثوقة، وهو ما يمثّل «تهديداً خطراً ومتزايداً لأمن الطاقة العالمي». وبيّن الناصر أن التحديين الثاني والثالث هما في الكلفة والتشكيك في طريقة عمل قطاع الطاقة، موضحاً بأنه في ظل هبوط مستويات الأسعار إلى نصف ما كانت عليه قبل موجة الانخفاض، لم تعد هياكل الكلفة القديمة مستدامة، لا سيما وأن الكلف بدأت في الارتفاع بالتزامن مع تزايد الأنشطة. وأشار إلى أن التحدي الرابع المتمثل في التغير المناخي يحظى كذلك بأهمية كبيرة، مؤكداً على أن «أرامكو السعودية» تضطلع بدور رئيس في دعم إسهامات المملكة بعد توقيعها على اتفاق باريس التاريخي العام الماضي، ذاكراً على سبيل المثال انضمام كبرى الشركات في قطاع الطاقة، مثل «أرامكو السعودية» و«توتال»، إلى مبادرة شركات النفط والغاز في شأن المناخ، تقوم باستثمارات بقيمة بليون دولار أميركي لتطوير تقنيات مبتكرة للحد من الانبعاثات خلال العقد المقبل، فيما يتجسد التحدي الخامس في تحقيق إنجازات تقنية حقيقية لتوفير طاقة نظيفة ومستدامة على المدى البعيد، تشمل تقنيات للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناجمة عن أعمال النفط والغاز. واختتم الناصر كلمته بالدعوة إلى العمل الدؤوب والجاد، مؤكداً بأنه بمقدورنا أن نتصدى لهذه التحديات بشكل مباشر، والظروف مهيأة ليظل النفط مكوناً أساسياً في مزيج الطاقة العالمي لفترة طويلة مقبلة.
مشاركة :