سما وهام: "غني لي" قصيدة حنين سينمائية إلى العراق

  • 4/28/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

سما وهام: غني لي قصيدة حنين سينمائية إلى العراقدفع الحنين إلى العراق المخرجة السينمائية العراقية سما وهام المقيمة في كندا إلى إنجاز فيلمها الوثائقي “غني لي”، الذي روت من خلاله الكثير من التفاصيل عن الفضاء التاريخي العراقي، بما يملكه من تلونات عرقية ودينية ومجتمعية، “العرب” التقت سما وهام في كندا أين تقيم، فكان هذا الحوار عن الفيلم ووطنها المشتهى.العرب  نضال قوشحة [نُشر في 2017/04/28، العدد: 10616، ص(16)]النهر يحكي تاريخه الحنين إلى الوطن، إلى بغداد، إلى مياه الأنهار فيه، وإلى صوت الجد المسجل على شريط سمعي قديم آت من العراق، وإلى رحلة في أطياف وذكريات وأسماء أشخاص كانوا هناك في الوطن، وما زالت تسكن في الذاكرة ملامح أنشطتهم وأفعالهم وربما أصواتهم، بالكثير من العناية وبسردية سينمائية مختلفة تَحبك المخرجة العراقية سما وهام عبر هذا الحنين مغامرتها السينمائية التي قادتها من كندا لتحط بها في جوانيات عميقة في أرض العراق الوطن المشتهى. الفيلم الوثائقي الطويل “غني لي” لم يقدم مادة جافة عن لون مجتمعي عراقي بعينه، بل تمسّك بطريقة شاعرية تمثلت في البوح الإنساني العميق الذي أدته مخرجة الفيلم بصوتها بصفتها راوية أحداث الفيلم باللغتين العربية والإنكليزية. عن الفيلم ورحلة الحنين الطويلة تقول مخرجته لـ”العرب”، “غنّي لي كان فعلا أقرب إلى رحلة بحث داخلي عن معنى الانتماء وتعريف للهوية، لمغترب لم يعش في وطن تقليدي، فاختلق وطنا من حنين وذكريات وأماكن لم يعد لها وجود إلا في القصص”. وحين بدأت وهام تشتغل على الفيلم كانت الخطة أن تذهب إلى العراق وتصور معظم المشاهد هناك، لكن حصلت أحداث الموصل في صيف 2014 وصارت الرحلة أصعب، فاضطرت المخرجة إلى البحث عن طريق آخر للتواصل مع العراق الذي كانت تبحث عنه، ولم تجد أصدق وأقرب من طريق الحنين الموروث لرسم صورة لبغداد وزيارتها شعريا وسينمائيا، باحثة عن إجابة شافية عن معنى الوطن. سما وهام: أبحث في الفيلم عن وطن لم أعش فيه، ولكني أنجرف إليه رغما عني والفيلم عبارة عن وثائقي تجريبي يعتمد على لغة سينمائية شعرية، يتناول قصة عائلة هاجرت واضطرت إلى ترك وطنها، ويتطرق إلى موضوع الهوية والغربة والشتات من وجهة نظر شخصية، كما يتحدث عن طائفة الصابئة المندائيين، ويقدم لمحة عن تاريخ العراق الحديث أيضا من زاوية شخصية وشعرية جدا. وتسترسل وهام قائلة “وجدتُ خلال عملي على هذا الفيلم شريط كاسيت مكتوبا عليه تسجيل الأهل -بغداد- 1979، وكان عليه تسجيل صوتي للمرحوم جدي موجّه إلى والدتي التي كانت قد تركت العراق بعد زواجها، فتحولت معالجة الفيلم إلى حوار افتراضي بيني وبين جدي، وقصيدة مرئية تسأل عن النهر، ومعنى الانتماء والحنين الموروث لشخص يبحث عن وطن لم يعش فيه، ولكنه ينجرف إليه رغما عنه”. وفي جوابها عن معنى الغنى في التلون الديني والعرقي والمجتمعي في العراق، وعن اعتبار ذلك من مقومات النجاح، قالت “هذا الأمر إيجابي بالتأكيد، رغم ما يحدث لأطياف العراق من تهجير واضطهاد وأذى، فهذه الأرض شهدت ولادة حضارات وأديان وملاحم غيرت الدنيا وأثرت الأدب والفكر. لعل للتاريخ دورات كل عدد من السنين، ولعل الكلمة الأخيرة تبقى للحرف والكلمة والفن وليس للسياسة والحرب”. وعن كون الفيلم قد حمل في طياته الهم العام والخاص، وعن كيفية استطاعتها ربط العام بالخاص، تقول سما وهام “أردت أن أتحدث عن لمحة من تاريخ العراق الحديث، وكذلك عن هذه الطائفة التي تواجه اليوم خطر الاندثار بسبب الحرب داخل العراق والشتات خارجه، واجهت في البداية صعوبة في تلخيص كلا الموضوعين بشكل يسمح لي بسرد القصة في فيلم واحد، وبدا كمشروع سيستغرق عدة أفلام وقصص، حتى قررت أن أرسم أحداث الفيلم من زاوية شخصية جدا، وأن أتحدث عن تاريخ العراق الذي أثّر فيّ وفي عائلتي وفي ملايين مثلنا هاجروا بسبب ظروف شبيهة بقصتنا، ويشبه حنينهم شكل الحنين الذي حاولت التعبير عنه في الفيلم”. وحاولت وهام أيضا تناول موضوع الطائفة المندائية، التي تعتبرها تستحق مجموعة من الأفلام لإعطائها حقها، ولدحض الكثير من المغالطات والمعلومات المتداولة عنها اليوم، كونها أولى الديانات السماوية الموحّدة في بلاد الرافدين وأقدمها. ومع ذلك، تقول وهام “قررت طرح الموضوع من وجهة نظر تجريبية وشخصية أيضا، لإعطائه شكلا خاصا للتعبير عنه بلغة أقرب إلى الروحانية والشعر منها إلى لغة الأفلام الوثائقية التقليدية، شعرت بأن القصة التي نتجت عن هذا الدمج كانت أصدق وأقرب إلي، وبأني حاورت خلال حديثي الافتراضي مع جدي وطنا بنهريه وتاريخه، من خلال بحثي عن كل هذه الطوائف والمراحل والأزمنة، لا أعرف إن كنت وجدت جوابا في النهاية عن معنى الوطن، ولكنها كانت بالتأكيد رحلة باتجاه سلام داخلي وقصيدة حب لبغداد، انتهت بأغنية في عمق معنى الوطن”.

مشاركة :