أقرّ مجلس النواب الألماني (بوندستاغ) قانوناً يفرض حظراً جزئياً على ارتداء النقاب، يطاول الموظفات في مرافق الدولة ومؤسساتها العامة، مثل البلديات والمدارس والجامعات والقضاء والشرطة والجيش. وسبقت التصويتَ على القانون مناقشاتٌ واسعة امتدت سنوات، داخل مجالس النواب المحلية للولايات الـ16 في البلاد، كما داخل الأحزاب الحاكمة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني. وكانت برلمانات محلية، مثل برلمان ولاية بافاريا، أقرّت قانوناً مشابهاً، يُطبّق في الولاية فقط. وانقسم المجتمع الألماني بداية، بين رافض ومؤيّد للقانون، لكن مداولات، تأثّرت أخيراً بمجيء عدد ضخم من اللاجئين المسلمين إلى البلد، وتنامي خطر أصولي فيه، أدت إلى توافق على التفريق بين الحياتين العامة والخاصة للمواطنين. والقانون الذي سيُحال على مجلس الولايات الألمانية (بوندسرات) الذي يضمّ ممثلي الحكومات الـ16، للمصادقة عليه، قبل أن يصبح نافذاً، يرغم كل الموظفات الحكوميات على كشف وجوههنّ، في سياق وظائفهنّ الرسمية فقط، لكنه لا يحظّر النقاب في الأماكن العامة. وينصّ القانون، بالنسبة الى النساء غير العاملات في الدولة، على أنه «حين يكون التعرّف إلى الهوية ضرورياً ومطلوباً»، يمكن السلطات المطالبة برفع النقاب من الوجه. ووَرَدَ في ديباجة القانون: «من واجب الدولة أن تقدّم نفسها على أنها محايدة عقائدياً ودينياً. وحجب الوجه، لدواع دينية أو عقائدية، أثناء ممارسة وظيفة عامة، يتعارض مع واجب الحياد». ويعتقد مراقبون بأن توقيت إقرار القانون، قبل الانتخابات النيابية المرتقبة في أيلول (سبتمبر) المقبل، لم يأتِ صدفة، إذ ستؤدي مسألة دمج المهاجرين المسلمين دوراً أساسياً، في حال قرّر الجزء الأكبر منهم البقاء في ألمانيا. وقال وزير الداخلية توماس دي ميزيار إن «الاندماج يعني أيضاً أن نعبّر بوضوح وننقل إلى ثقافات أخرى، قيمنا وحدود تسامحنا». وحظّرت دول في الاتحاد الأوروبي النقاب، كلياً أو جزئياً، أو باشرت آلية لتطبيق حظره. وكانت فرنسا أول دولة أوروبية تحظّره في الأماكن العامة، بموجب قانون بدأ تنفيذه عام 2011. وحذت بلجيكا حذوها في السنة ذاتها. وفي هولندا، يدرس مجلس الشيوخ الآن مشروع قانون أُقرّ عام 2016 وينصّ على حظر جزئي. كما أقرّ مجلس النواب الألماني تدابير لتعزيز الأمن في البلاد وملاحقة مشبوهين قد يشكّلون خطراً أمنياً ضخماً، مثل الإسلاميين المتطرفين. وصادق النواب أيضاً على إنشاء قاعدة بيانات مركزية مشتركة بين أجهزة الشرطة الفيديرالية والمحلية، ووافقوا على مذكرة أوروبية خاصة بتبادل بيانات المسافرين جواً، والرامية إلى مكافحة الإرهاب في شكل أكثر فاعلية. وكانت حكومة المستشارة أنغيلا مركل باشرت هذه التدابير إثر تنفيذ إرهابي هجوماً بشاحنة على سوق ميلادية في برلين أواخر العام الماضي، أوقع 12 قتيلاً و40 جريحاً.
مشاركة :