لن ينسى المدير الفني الحالي لنادي توتنهام هوتسبير الإنجليزي ماوريسيو بوكيتينو المباراة التي لعبها بقميص نادي إسبانيول أمام برشلونة في الدوري الإسباني الممتاز في التاسع من فبراير (شباط) عام 1997. لأنها كانت آخر مباراة ديربي تقام على الملعب الرئيسي لنادي إسبانيول «ملعب ساريا» الذي كان يخوض عليه الفريق مبارياته منذ عام 1923. وكان من المقرر أن يغادر النادي هذا الملعب في نهاية الموسم بعدما تم بيع الملعب لشركات تطوير عقاري بسبب الأزمة المالية التي كان يعاني منها النادي، وهو ما جعل الجمهور يشعر بالذهول. وبعد مرور عشرين عاما، يشعر بوكيتينو بأن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، إذ يستعد نادي توتنهام هوتسبير لمغادرة ملعبه «وايت هارت لين» في نهاية الموسم، أو على الأقل تظل هذه هي الخطة التي أعلن عنها النادي حتى الآن. وسوف يؤكد توتنهام هذا الأسبوع ما إذا كان سيلعب مبارياته الموسم المقبل على ملعب «ويمبلي» لحين الانتهاء من العمل في الملعب الجديد، الذي سيجري بناؤه على نفس موقع «وايت هارت لين» الحالي. ولا يتحدث الجميع عن عد تنازلي لرحيل توتنهام هوتسبير عن «وايت هارت لين»، الذي يلعب عليه الفريق مبارياته منذ عام 1899. بالشكل الذي حدث مع نادي وستهام يونايتد عندما رحل عن ملعب «أبتون بارك» الموسم الماضي، وربما يعود السبب في ذلك إلى حقيقة أن توتنهام لم يؤكد عند أي مرحلة أنه سيرحل عن الملعب بنهاية الموسم الجاري، علاوة على أن الفريق لن يرحل عن ملعبه بشكل دائم وأن المقر نفسه سيظل ثابتا ولن ينتقل إلى مكان جديد. ومع ذلك، تتأجج مشاعر الحزن بين جمهور توتنهام، الذي سيواجه آرسنال غدا في آخر ديربي لشمال لندن على ملعب «واين هارت لين»، كما سيستضيف مانشستر يونايتد على نفس الملعب يوم الأحد 14 مايو (أيار). وبالتأكيد، سوف تعيد هذه المباراة إلى ذاكرة بوكيتينو ما حدث خلال الديربي الأخير على ملعب «ساريا» عندما بدا أن فريق برشلونة بقيادة مديره الفني السير بوبي روبسون في طريقه لإلحاق هزيمة أخرى بإسبانيول، بعدما لم يخسر العملاق الكتالوني أمام إسبانيول على مدى عشر سنوات كاملة. وكان النادي الكتالوني يضم كوكبة من النجوم يأتي على رأسها الظاهرة البرازيلية رونالدو والبرتغالي لويس فيغو وجوسيب غوارديولا ولويس إنريكي، بالإضافة إلى أن المدير الفني الحالي لنادي مانشستر يونايتد جوزيه مورينيو كان يشغل منصب مساعد المدير الفني للفريق بوبي روبسون. ورغم ذلك، فاز إسبانيول بهدفين دون رد أحرزهما النجم الروماني فلورين رادوسيويو. وجاء الهدفان من ركلتي جزاء، احتسبت الأولى في وقت مبكر من المباراة عندما أبعد فرناندو كوتو الكرة من أمام بوكيتينو بيده، وكانت ركلة جزاء مثيرة للجدل احتج عليها لاعبو برشلونة بقوة ونتيجة لذلك حصل فيغو وغوارديولا على بطاقتين صفراويتين. وتعرض فيغو للطرد في منتصف الشوط الأول، وقبل نهاية المباراة ألقى جمهور إسبانيول شيئا على لاعب برشلونة البديل جيوفاني. ودخل إنريكي في مشادة مع أحد عشاق نادي إسبانيول أثناء خروجه من الملعب، وتدخل بوكيتينو بقوة على رونالدو، رغم أنه نجح في استخلاص الكرة منه في النهاية. ودائما ما كان جمهور إسبانيول متحمسا للغاية على ملعب «ساريا» خلال ذلك الموسم. ورغم أن الفريق أنهى الموسم في المركز الثاني عشر في جدول ترتيب الدوري الإسباني، فإنه لم يتفوق على إسبانيول سوى خمسة أندية فقط من حيث تحقيق الفوز على ملعبها. وانتاب بوكيتينو شعور مماثل هذا الموسم، حيث يحقق توتنهام هوتسبير نتائج رائعة على ملعبه، وسوف يدخل مباراته القادمة أمام آرسنال محققا الفوز في 15 مباراة متتالية على ملعب «وايت هارت لين» في جميع المسابقات. ويقول المدير الفني الأرجنتيني: «إنه موسم استثنائي بالنسبة لنا على ملعب وايت هارت لين، ونشعر جميعا بذلك. في كل مرة نلعب فيها على هذا الملعب يكون الأمر استثنائيا، فالجمهور يمثل دفعة كبيرة للفريق الذي يكون أكثر تركيزا ويعمل جاهدا على إسعاد هذا الجمهور. إنها لحظة تجعلنا نشعر بالراحة الكبيرة في هذا الملعب، وهي اللحظة التي نفتقدها حتى قبل أن نرحل عن الملعب. وفي كل مرة نكون فيها هناك، نشعر بالحنين لهذا الملعب». وما زال بوكيتينو يتذكر تماما ما حدث في آخر مباراة لإسبانيول على ملعب «ساريا» والتي حقق فيها الفوز بثلاثة أهداف مقابل هدفين على نادي فالنسيا، وهي المباراة التي شهدت أيضا اقتحام جمهور إسبانيول لملعب واقتلاع بعضهم لقطع من أرضية الملعب للاحتفاظ بها في المنزل! ولم يتمكن جمهور إسبانيول من توديع هذا الملعب وشعروا بأنهم قد خُذلوا من جانب ملاك النادي ومن الحكومة المحلية التي يرون أنها كانت تساعد برشلونة بصورة أكبر. وبعد ذلك، انتقل إسبانيول إلى الملعب الأوليمبي ولعب عليه لمدة 12 عاما حقق خلالها نجاحات كبيرة، من بينها الفوز بكأس ملك إسبانيا مرتين. ورغم ذلك، كان الجمهور يرغب في الرحيل عن ذلك الملعب، وبالفعل انتقل النادي عام 2009 إلى ملعبه الجديد «كورنيلا - إل برات». يقول بوكيتينو: «كان الموسم الأخير على ملعب ساريا يفيض بالمشاعر الجياشة، وكان هناك تاريخ كبير. كلاعب آنذاك، شعرت كيف كان الأمر عاطفيا للغاية، وهو ما ظهر جليا في بكاء الجمهور بشكل قوي خلال المباراة الأخيرة أمام فالنسيا وخلال هدم المدرجات. كان الأمر عاطفيا للغاية، وهو ما يتكرر الآن في ملعب وايت هارت لين. وبعد مرور سنوات كثيرة، أعيش نفس الشيء وأشعر بنفس المشاعر». ودائما ما كانت الأجواء تتسم بالإثارة الشديدة عندما يحل آرسنال ضيفا على توتنهام هوتسبير، لكن الأمر يتجاوز ذلك بكثير هذه المرة. ومن شأن التأكيد المتوقع لهدم الملعب في وقت وشيك أن يعطي هذه المباراة أهمية أكبر بكثير. وفجأة، يبدو أن توتنهام سيقول وداعا لملعب «وايت هارت لين»، تماما كما فعل إسبانيول مع ملعب «ساريا»، بينما سيكون بوكيتينو هو القاسم المشترك فيما حدث للناديين.
مشاركة :