استفزني تصريح أحد المسؤولين السياحيين الذي يستبعد تأثير فيروس كورونا على السياحة الداخلية، بخاصة في المدن التي شهدت خروجه بكثافة، مثل جدة والرياض، مبينًا أن الغالبية بشكلٍ عام ليست لديهم فوبيا تجاه هذا الفيروس أو الفيروسات التي ظهرت في أوقات سابقة. الغريب أن مسؤولًا آخر صرح في نفس اليوم بأن نسبة كبيرة من مفضلي السياحة الخارجية في إجازة الصيف التي تبدأ في أول أسبوع من الشهر القادم سواء من الأسر أو الأفراد حسمت أمورها مبكرًا، وأنهت حجوزاتها نتيجة لأمور عدة في مقدمتها طول فترة الحصول على التأشيرات لبعض الدول والتي تتراوح ما بين 20 و45 يومًا إضافة إلى التمتع بمزايا الحجز المبكر المخفضة وعروض الوكالات. والسؤال: لماذا تُفضِّل الأسر السعودية السياحة الخارجية بالرغم من تكلفتها الباهظة عن السياحة الداخلية؟! الإجابة ببساطة خوف الأسر من عدوى كورونا، والدليل على ذلك ما شهدته مستشفى ثريبان بمحافظة العرضيات التابع للشؤون الصحية بالقنفذة من انخفاض ملحوظ في أعداد المراجعين يقدر بنحو 50% إثر اشتباه بإصابة فتاة في العقد الثالث من العمر بفيروس كورونا. الغريب أن البعض يؤمن بنظرية اخترعتها النعامة، وهي أنها عندما يأتي الخطر نحوها فإنها تضع رأسها أسفل الرمال على أساس أن الخطر لن يراها عندما تتعامى هي عنه، وهذا ما يعرف بنظرية "وضع الرؤوس تحت الرمال". وأرقام وزارة الصحة لا تكذب، فقد أعلنت الأسبوع الماضي ارتفاع عدد وفيات «كورونا» إلى 126 حالة، أضيفت لها 3 حالات يوم الأحد الماضي ليكون المجموع 129 حالة وفاة نتيجة للمرض اللعين، إذن فمتى يكون المرض خطير في وجهة نظر البعض عندما يصل عدد الوفيات 129 ألفًا -لا قدر الله-، حياة الإنسان هي أثمن شيء في الوجود، وهذا ما أكد عليه وزير الصحة المكلف المهندس عادل فقيه عندما حث جميع القيادات والعاملين في المنشآت الصحية بالمملكة على التعامل بشفافية تامة مع الجمهور ووسائل الإعلام بما يضمن إيصال الصورة الحقيقية عن فيروس كورونا والجهود المبذولة للتخلص منه. هذا الرجل المهندس عادل فقيه سيصنع بإذن الله فرقًا واضحًا بوزارة الصحة المسؤولة عن مواجهة المرض وذلك لأن الرجل لا يؤمن بنظرية "وضع الرؤوس تحت الرمال"، ولا يوجد في قاموسه ما يُعرف بمصطلح "البيروقراطية".. ومن أكبر جهوده أنه أحال وزارة العمل إلى مؤسسة قطاع خاص من دون أن يصطدم بالبيروقراطية المعتادة عند بعض الجهات الخدمية والتي لا تؤدي إلى نتيجة إيجابية على الإطلاق. ومن مناقب فقيه أنه أبقى على فريق العمل الحكومي بوزارة العمل دون مساس بوظائفهم، لكنه استثمر صلاحياته الوزارية في إنشاء فريق متحرك نشط وترك للبيروقراطيين فرصة الخيار، إما الحركة والعمل معه، أو السكون والبقاء بالوزارة مجرد موظفين. ورأيناه عندما استلم مهام عمله بوزارة الصحة أنه بدأ العمل فورًا بجولات مكوكية بين محافظات المملكة، حيث زار أكثر من مستشفى يتم علاج مرض الكورونا فيه، حتى أنه أشيع أنه أصيب بالمرض من كثرة مخالطته المرضى، وهذا ما نفاه المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني. وختامًا.. دعوني استقي من كلمات المهندس عادل فقيه عددًا من توجيهاته إلى المسؤولين بوزارة الصحة: يجب على المسؤولين التعامل مع تأثير انتشار مرض الكورونا على مناحي الحياة المختلفة بالمملكة بشفافية تامة وخاصة مع الجمهور ووسائل الإعلام بما يضمن وصول الصورة الحقيقية للشعب السعودي دون زيف أو تلوين للحقيقة. والله الموفق.
مشاركة :