خلف أسوار المدرسة يوجد ما لم نعرفه، ما لم ننتبه إليه أيضا، فالأمر يتخطي حدود الورقة والقلم، فالغوص في عقول الطلبة، ومتابعة تصرفاتهم يكشف العديد من الجوانب الخفية عن حياتهم. بعض المعلمين كشفوا بعض مما نبحث عنه، مما لا نعرفه، وروي بعضهم القصص الإنسانية التي كانوا هم أبطالها مع طلابهم، وقد غيرت بعضها حياتهم، وأصابتهم آخري بنكسات نفسية، وفقا لـ «الحياة». المعلم فاضل جاسم قال إن أحد طلاب الصف الثالث الابتدائي أزعجه بالاستئذان المتكرر إذ يخرج من الصف ليعود بعد دقائق، مما جعله يشك في أمره، وذات يوم رفض خروجه فألح عليه بشكل غريب وبدأ يتوسل إليه أن أسمح له بالخروج لدقيقتين فقط، فسمحت له وخرج يتبعه من دون أن يشعر ليستطلع أمر خروجه المتكرر. وأوضح أن خلف الفصول كان ينتظره طالب آخر بعيد عن الأعين، وحين وقف أمامهم وجده يخلع حذاءه الرياضي ليعطيه ذلك الطالب ويأخذ منه حذاءه المهتري، وحين سألهم عن السبب التزما الصمت ولم يجيبا، وبعد إلحاح على الطالبين بأن يطلعانه على سر ما رأى، فقال له طالبه: «إن هذا أخي ولا نملك إلا حذاء رياضياً واحداً، ونحن نتبادل ارتداءه بين الوقت والآخر إذا كان لدى أحدنا حصة رياضة». وعبّر المعلم عن الحزن والألم الذي أصابه في تلك اللحظة، قائلا «على الفور شكرت الطالب وأعدته للصف، وتوجهت لمدير المدرسة وقصصت عليه الحكاية واتفقنا على خطة بأن ننشأ صندوقاً لدعم الطلاب المحتاجين، وفي اليوم التالي اشتريت حذاءً رياضياً وملابس رياضية أيضاً ودخلت الفصل وقلت للطلاب بأنني سأمنح هذه الجائزة للطالب الهادئ في نهاية الحصة». وقال المعلم «وضعت اسم طالب الحذاء الرياضي في جميع الأوراق التي سيتم سحبها، وما إن جرى السحب واستلم الطالب هديته حتى اقترب من المعلم وابتسم وقال لي شكراً لك يا أستاذ». المعلم «محمد عبدالله» روي قصة آخري «كنت منزعجاً من تكرار معانقة طالب في الصف الثاني لي بسبب ومن دون سبب، وكنت أتحدث مع أحد المعلمين عن هذا الانزعاج فما كان منه إلا أن أطرق برأسه متأثراً وسرد لي حكاية هذا الطفل، الذي لم أكن أعلم بحكايته لأنني حديث عهد بالمدرسة، لأصاب بصدمة قوية جعلتني أغير تعاملي معه على الفور» وأوضح المعلم أن زميله بيّن له أن الطالب فقد أبوه قبل أشهر إثر حادثة مرورية، لتلحق به أمه بعد شهر فقط، ويبقى الطفل يتيم الأب والأم، وكان عناقه المتكرر له بسبب اشتياقه لوالديه. فيما روى المعلم «سعد محمد»، أنه كان مناوباً في الفسحة ويتجول بين الطلاب حتى سمع صراخاً ورأي شجاراً بين طالبين وعلى الفور وصل للطالبين وأخذهما لغرفة وكيل المدرسة، وبعد حل مشكلة الشجار ومصالحتهما قرر أن يتحدث منفرداً مع الطالب الذي بدأ الشجار وكان عصبياً بشكل مفرط، وبعد إلحاح علم أن الطالب رفع ثوبه قليلا. ووبسؤاله عن كل هذا الانفعال فالموقف لا يستدعي كل هذا الغضب فأطرق برأسه وسكت وحين ألحي عليه بأن يجيبنه رفع ثوبه فكانت الصدمة حيث كان يرتدي ملابس داخليه تخص أخته، وبسؤاله عن السبب قال الطالب «نحن فقراء وأبي مسجون وليس لديَّ ملابس داخلية إلا قليلة وكانت متسخة، وخفت أن يرى الطلاب ملابس أختي فيضحكون عليَّ».
مشاركة :