كثرة الطباخين في ملف قانون الانتخابات «شوشطت» الطبخة وحاصرت آمال اللبنانيين بولادة قانون جديد وإعادة حقهم المسلوب بالممارسة الديموقراطية. فحركة الاتصالات غير المسبوقة التي شهدتها البلاد في اليومين الماضيين قبيل استحقاق 15 مايو سجلت اخفاقاً جديداً قد يضع البلاد ومعها العهد الجديد أمام منزلق خطير، مع استمرار الدوران في الحلقة المفرغة دون أي بوادر للتوافق في المدى المنظور، بينما يستمر كل طرف برمي كرة التعطيل في ملعب خصومه. وفي السياق، ستستمر عجلة الاتصالات واللقاءات في الدوران وبزخم إضافي خلال الأيام المقبلة لمحاولة تقريب وجهات النظر الانتخابية قبيل الجلسة التشريعية المحددة في 15 مايو للتمديد، التي قد تصبح في مهب الريح، إذا كانت ستخصص فقط للتمديد، في ضوء موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الرافض السير بخيار لا يُرضي الأطراف المسيحية الكبرى في البلاد. وتقول مصادر إن شدَّ حبالٍ يحصل بين صيغتين: الأولى، وهي الطرح «التأهيلي» الذي تقدم به رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، والثانية تتمثل في مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري القائم على انتخاب المجلس بنسبية كاملة على أن يتزامن ذلك مع اتفاق على إنشاء مجلس للشيوخ يمثل العائلات الطائفية كلها. المصادر توضح أن اقتراح عين التينة منذ توزيعه على القوى السياسية لم يحظَ إلا بموافقة مبدئية من الحزب التقدمي الاشتراكي ومن «تيار المستقبل» الذي يعتمد سياسية الانفتاح على كل الافكار. أما القوى الأخرى، وأبرزها التيار الوطني، فأبلغت رئيس المجلس سلسلة ملاحظات عليه وذلك منذ لحظة تسلّمها إياه أي ليل الخميس. وانطلاقاً من هنا، تعتبر أن محاولات الإيحاء بأن طرح بري كان حقّق «اجماعاً» أو تقدماً على سواه، يفتقد إلى الدقة. والواقع، وفق المصادر عينها أن القانون «التأهيلي» لا يزال حياً ويلتفّ حوله عدد لا بأس به من القوى السياسية: التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وتيار المستقبل، وحزب الله أيضاً على ذمة الوزير باسيل. وتلفت المصادر إلى أن مداولات اجتماع قصر بسترس الجمعة، الذي قاطعته حركة أمل احتجاجاً على موقف باسيل من النسبية، شكّلت تجسيداً للاصطفاف المذكور «انتخابياً». أما إذا رابض كل فريق على «قانونه» ولم يتحقق أي خرق قبل منتصف الشهر المقبل، تخشى المصادر ألا يبقى في الميدان إلا «الستين». فبعد الإجماع على رفض الفراغ والتمديد، وفي ظل تلاشي الفيتوهات التي كانت رُفعت بوجه «قانون الدوحة»، تلفت المصادر إلى أن انتهاء ولاية مجلس النواب سيضع الجميع أمام حتمية العودة إليه، كون الدستور يقول إن مفاعيله تبقى سارية إلى أن يتم وضع بديل منه. وتدعو المصادر إلى رصد المواقف التي سيطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر الثلاثاء المقبل لمناسبة «يوم الجريح المقاوم». والسؤال المطروح: «هل يمضي قدماً في دعم النسبية الكاملة، فيبتعد عن حليفه «العوني»؟ أم يعلن دعمه لـ«تأهيلي» باسيل على حساب اقتراح بري؟». ومن هذا المنطلق يبدو الكباش على أشده بين التيار والحركة وإن لم تكن النيران المتبادلة بينهما، مباشَرة حتى الساعة. فباسيل قال: «اكتشفنا أمراضاً في سياسيي البلد منها «ألزهايمر السياسي» عندما يتحدث أحد عن شيء بالأمس ويناقضه اليوم». أما عين التينة، فتبدو مصرة على عدم الاستسلام في المواجهة الدائرة، إذ أشار عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي إلى «أننا أصبحنا أمام خيارين: إما النسبية بدوائر مرنة وإما تطبيق المادة الـ22 من الدستور، لأن سائر الاقتراحات سقطت وضاقت الخيارات». وقال عبر تويتر: «من يمارس سياسة حافة الهاوية نحن لها وهواتها»، داعياً إلى «التواضع والمسؤولية». (بيروت- المركزية)
مشاركة :