بريطانيون يبحثون عن «شريك» لحلو الحياة ومرّها

  • 5/15/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كانت كاثرين بدأت تيأس من يوم تجد فيه شخصاً يقبل الارتباط بها جدياً، وليس فقط من أجل إقامة علاقة عابرة. فهي أقامت علاقات كثيرة من النوع الأخير لكنها لم تتطور إلى أكثر من ذلك. لكن كاثرين كانت تعرف أن الوقت «يدهمها». فقد بلغت هذه الشقراء اللندنية الأربعين من عمرها وبدأت تجد صعوبة حتى في إيجاد شخص ما يقبل بمجرّد أن يجرّب حظه معها، على رغم أنها ليست قبيحة وإن كانت أيضاً ليست جميلة. وبعدما استنفدت جهود رفيقاتها اللواتي جربن مساعدتها في إيجاد رجل تتعرف عليه، لجأت إلى شبكة الإنترنت. تسجلت في مواقع متخصصة بتسهيل التعارف بين الباحثين عن حب أو زواج. وبعد لقاءات تعارف عدة لم تتطور إلى علاقة ثابتة، وجدت كاثرين أخيراً «ضالتها»: بيتر رجل في مطلع الستينات من عمره، يعيش وحيداً بعدما هجرته زوجته، ولديه منها صبي وفتاة في مطلع سن المراهقة. بعد فترة تواعد قصيرة، لم تمنحه كاثرين فرصة «الفرار»: فقد حملت منه وأنجبت طفلة، وانتقلت للعيش معه كعائلة تحت سقف واحد، على رغم أن العلاقة ليست زواجاً بل على أساس المشاركة.   قضية ملايين قصة كاثرين يعيشها ملايين البريطانيين الباحثين عن شخص يتشارك معهم حياتهم، مرّها وحلوها. غالبية هؤلاء، بطبيعة الحال، ليست ممن هم في مطلع شبابهم، إذ تتمكن هذه الفئة بسهولة من إيجاد صديق أو صديقة في الكلية أو الجامعة، أو الحي أو مقر العمل. وإذا تعذّر ذلك فيمكنهم الذهاب إلى نادٍ ليلي أو حانة حيث يمكن بسهولة التعرّف على عشرات الراغبين في مصادقة شخص من الجنس الآخر. وإذا كانت فئة الشباب هذه لا تجد مشكلة في مجال الحب والعلاقات، فإن بريطانيا تعاني من أزمة حقيقية عندما يتعلق الأمر بالنساء والرجال الذين بلغوا الأربعين من عمرهم وما فوق، أو الذين لديهم أبناء وبنات وهجرهم شريك حياتهم بعد سنوات من العيش معاً. وهؤلاء هم الزبائن الفعليون لمواقع التعارف الاجتماعي الذين يدفعون اشتراكات شهرية لقاء تزويدهم بمعلومات وصور عن الباحثين، مثلهم، عن حب، زواج، أو مجرّد علاقة صداقة يمكن أن تتطور إلى ما هو أكثر من ذلك. وليست هناك إحصاءات فعلية تكشف نسبة النجاح الحقيقية الناتجة من حالات التعارف التي تتم عبر المواقع المتخصصة، وإن كانت هذه المواقع تروّج باستمرار لقصص نجاحها في ربط شخصين ببعضهما بعضاً بعدما كانا «تعيسين» يقضيان حياة وحيدة مملة في المنزل بعد نهار عمل طويل. وتركّز مواقع التعارف على هذه الفئة تحديداً من الناس الذين يمضون معظم أوقاتهم في مقر العمل ثم يعودون وحيدين إلى منزلهم الفارغ في المساء. في مقصورات قطار الأنفاق في لندن، وضعت شركة متخصصة في التعارف إعلانات في كل مقصورة ظهر فيها وجه رجل وسيم وبالقرب منه فتاة شقراء جميلة ترمقه بنظرة من بعيد وكأنها تتمنى أن يقترب للتحدّث إليها. وبجانبهما كُتب على الإعلان بالخط العريض: «كل المقاعد في هذه المقصورة محجوز للعزاب الحلوين مثلكم»، كي يتعرفوا على بعض. المقاعد بالطبع ليست محجوزة لهؤلاء، كما أن المقصورة فيها المتزوجون كما فيها العازبون. لكن الإعلان، في الواقع، كان صادقاً، ولكن فقط لمن يمعن النظر. إذ كتب بخط صغير يكاد لا يُقرأ: «تخيلوا لو أن» كل هذه المقاعد في المقصورة كان فعلاً محجوزاً للعازبين «الحلوين» الباحثين عن حبيب أو حبيبة.   حذار الاستغلال وعلى رغم أن الغالبية العظمى من المسجلين في مواقع التعارف يبحثون حقاً عن شريك أو شريكة لإنهاء الوحدة في حياتهم، إلا أن هناك بالتأكيد من يستخدم هذه المواقع كطريقة للاحتيال على العازبات، خصوصاً اللواتي تجاوزن الأربعين، أو المطلقات، وهن الشريحة الأكثر استهدافاً بالاستغلال نتيجة توقهن للعثور على رجال. إذ يتسجل متخصصون في النصب في مواقع معينة بوصفهم باحثين تحديداً عن هذه الفئة العمرية من النساء، وبعد التعرّف إليهن يتم استغلالهن وإقناعهن بتقديم ما يملكن من أموال لمساعدة الرجل المفترض أنهن سيقضين ما تبقى من حياتهن معه ... فيأخذ أموالهن ويختفي. ويقدّم اختصاصيون اجتماعيون نصائح مسبقة لمن يفكّر في البحث عن شريك حياته - أو حياتها - من خلال التسجل في مواقع التعارف. ولعل النصيحة الأولى التي يمكن تقديمها تشدد على ضرورة أن الشخص المتسجّل يجب أن يكون فعلاً قد أنهى العلاقة السابقة في حياته وبات مستعداً لفتح صفحة جديدة. فإذا كان الشخص لا يزال متعلقاً بحبيبه أو حبيبته السابقة فإن علاقاته الجديدة قد لا تكون ناجحة تماماً. كما ينصح الاختصاصيون بضرورة الاعتناء اعتناء كبيراً بطريقة صوغ «البروفايل» والصورة للمتسجّل كي لا يبدو وكأنه يبحث فقط عن علاقة عابرة أو كأنه «يائس» من الحياة ومستعد للتعلّق بأي قشة يراها خشية الغرق. كما ينصح بعضهم باختيار موقع للتعارف يلائم ما يريده الباحث عن حب أو علاقة، وليس بالضرورة الموقع الذي يتباهى بأن لديه قاعدة البيانات الأكبر للباحثين عمن يشاركهم حياتهم. ولعل النصيحة الأهم في هذا المجال تشدد على أن يقول الباحث عن علاقة حب، «الحقيقة»، إذ إن الكذب في شأن عمره أو طوله أو وزنه سيعني بداية خاطئة لأي مشروع مستقبلي جدي. وموقع التعارف الأبرز في بريطانيا هو ماتش (Match.com) وشعاره «الحب معقّد ولكن ايجاد شخصين يتوافقان مع بعضهما سهل». ويُعتبر من أفضل مواقع التعارف عالمياً. ولديه ملايين المشتركين والمشتركات، ما يسهّل للمتسجّل العثور على ضالته نتيجة «كثافة المعروض». وبما أن الموقع من أقدم مواقع التعارف فقد اكتسب خبرة أكثر من غيره، ما يساعده في تقديم خدمة أفضل لزبائنه. ويأتي بعده في الترتيب موقع «إي هارموني» (eHarmony) وهو موقع لقاء بدل مالي ويفخر بأنه لا يسجّل أياً كان في عضويته وبأن النساء المتسجلات يتمتعن بـ «سلوك حسن»، ما يسهّل الطريق أمام شريحة من الباحثين الجديين عن شريكة لحياتهم تنطبق عليها مثل هذه المواصفات. ومن المواقع الأخرى البارزة التي تتباهى بنجاحها موقع «Lovestruck.com» الذي لديه 40 ألف مشترك على الإنترنت، ويقول كثر إنهم عثروا على شريك أو شريكة حياتهم من خلاله. وإذا كان التسجيل فيه مجاني، فإن التعارف من خلاله مكلف. ويزور موقع «Plenty of Fish» المسجّل في فانكوفر (كندا) ملايين المتصفّحين، ما يجعل منه موقعاً جاذباً لمن يبحث عن حبيب أو حبيبة من دون تكلفة كونه مجانياً. ولأنه مجاني، فإن التعارف من خلاله يكون على مسؤولية الشخص.

مشاركة :