في حواري أحياء فقيرة وأزقتها على أطراف المدن الأردنية، خصوصاً الشمالية منها بالقرب من الحدود مع سورية، حيث العائلات السورية التي فرّت بمن تبقى منها من البنات بعد أن لقي شبابها حتفهم، يعمد أثرياء عرب كثر إلى ارتيادها لـ «اصطياد» فتيات قاصرات وغير قاصرات فائقات الجمال للزواج الموقت بهن بقصد المتعة (العرفي). ولا ينتظر «الزائر» وقتاً كبيراً بحثاً عن مراده، فالسماسرة الأردنيون والسوريون كثر يصطادونهم في الشوارع، وسرعان ما يلبون طلبهم من خلال شبكات من «الخاطبة»، للحصول على حفنة من الدولارات لا يدفعون منها إلا النزر اليسير لأسر فتيات لا تجد ما يسد رمقها أحياناً، في بلد اشتعلت فيه الأسعار في شكل جنوني بسبب حجم اللجوء المرتفع، واتساع شهية ضعاف النفوس من التجار. «أحصل على 70 دولاراً يومياً من عمل لا يأخذ من وقتي أكثر من ساعتين امضيهما في شرب القهوة والشاي»، بهذه الكلمات تبرر أم وصفي (40 سنة) عملها، عندما «أبدينا استغرابنا مما تكسبه في مقابل ارتكابها جريمة بحق فتيات لا يزلن في عمر الورود». وتضيف أم وصفي: «أشعر بالخجل من عملي كخاطبة، لكنني لا أجد حرجاً فيه، فمن أين لي أن أسدّ رمق أطفالي الخمسة بعد مقتل زوجي في قصف طاول مقر عمله في دمشق. كما أن هذا العمل الذي أحصّل منه ربحاً سريعاً في وقت بسيط يجعلني لا أغيب طويلاً عن أطفالي». وتشرح أم وصفي سبب ارتفاع دخلها: «رقم هاتفي بحوزة أكثر من 10 سماسرة في المدينة يحضرون أثرياء عرباً يريدون الزواج»، مضيفة أن «خمسة اتصالات من هؤلاء كفيلة بأن تحقق لها هذا الدخل يومياً»، خصوصاً أن لديها عناوين أسر الفتيات الراغبات بالزواج وصورهن. وتتابع شرح مهنتها: «لا أشعر بأنني أرتكب جريمة في جمع رأسين بالحلال، فالفتاة على رغم صغر سنّها راغبة بالزواج، وغير ذلك لا يعنيني». وتوضح: «عادة تتراوح أعمار الرجال ممن يسعون الى الزواج من سوريات بين الـ50 و80 سنة، وينشدون الاقتران بصغيرات لا تزيد أعمارهن عن 16 سنة». تحصل أم وصفي على 15 دولاراً في مقابل كل زيارة تنظّمها لأسرة فتاة، وأحياناً على مئات الدولارات إذا تمت الزيجة، فهناك رجال «كريمون ولطفاء». وتزيد: «أما إذا ما وقع الطلاق، فذلك ليس من شأني، فأنا مجرد خاطبة، ووفق علمي، فإن ذلك لا يعد بغاء؛ حيث إن هناك عقداً مبرماً بين الزوجين». وتتساءل أم وصفي: «كيف لنا أن نعيش على تلك الإعانات القليلة التي تقدّمها لنا المنظمات غير الحكومية؟ كيف سندفع إيجاراتنا؟ فنحن لا نتلقى المساعدة الكافية لنحيا حياة كريمة». لا حرج في المقابل، لا تجد أم لؤي حرجاً في تزويج ابنتها التي لم تتجاوز الـ 16 سنة لثري عربي، خصوصاً أنها حين تزوجت في سورية لم تكن قد أكملت عامها الـ15. وتضيف أن زواج ابنتها ربما سينشلهم من الواقع المأسوي الذي تعيشه مع أطفالها في غرفة واحدة من بيت تستأجره مع ثلاث عائلات سورية أخرى. إلى ذلك، تجاوز عدد حالات الزواج التي لم توثّق في المحاكم الشرعية الأردنية «الزواج العرفي»، لنساء سوريات في الأردن الـ 3 آلاف حالة في العام الماضي، وفق مصدر في دائرة قاضي القضاة الأردنية. وأشار المصدر إلى أن مثل هذا الزواج لا يدوم عادة، إذ انتهت غالبية هذه الزيجات إما بالطلاق أو فرار الزوجة. وفي السياق عينه، كشفت دراسة لدائرة قاضي القضاة أن عدد الأردنيين الذين تزوجوا من سوريات بلغ 1174 حالة. كما أشارت الدراسة إلى حصول 2936 حالة زواج لرجال يحملون جنسيات مختلفة، من نساء سوريات خلال العام الماضي، أي بزيادة نحو 4 أضعاف مقارنة بعام 2012. كما تضاعف خمس مرات عدد المتزوجات ممن هن دون الـ 18 سنة، عام 2012 ليصل إلى 735 حالة. وسجل عدد حالات الزواج من سوريات للأعمار بين 18 إلى 20 سنة، 734 حالة مقارنة مع 274 حالة في عام 2012، فيما سجلت حالات الزواج لسوريات من أعمار 21 إلى 25 سنة أعلى نسبة، فوصلت إلى 828 حالة، أي 35 في المئة من مجمل العقود. وسجلت الفئة العمرية من 26 إلى 29 سنة 296 حالة، ومن 30 إلى 40 سنة 280، بينما سجلت الفئة العمرية التي تزيد عن 40 سنة 63 حالة. وسجلت حالات الزواج لغير الأردنيين، التي كانت أعلاها لسوريين وسوريات وعددها 1585 حالة، تلتها الجنسية السعودية 55 حالة، ثم الفلسطينية 36، العراقية 14، المصرية 13، الأميركية 9، الإماراتية 8، الليبية 6، كل من البحرينية والفنزويلية والبريطانية 4، كل من اللبنانية والألمانية والقطرية 3، الكندية والهولندية والسويدية والتونسية 2 لكل منها، النمسوية والقبرصية والأسترالية والإيطالية والتركية والكويتية واليمنية حالة واحدة لكل منها. ويستضيف الأردن، وفق التصريحات الرسمية، حوالى 1,3 مليون لاجئ سوري، منهم 650 ألفاً يقيمون في مخيمات للاجئين، والبقية يعيشون بين الأردنيين في مختلف مناطق البلاد.
مشاركة :