مشاكل البث المباشر على الـ «سوشيل ميديا»: القتل والإباحية وحقوق الملكية

  • 5/1/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تشغل تطبيقات البث المباشر حيزاً لا بأس به من الحياة اليومية المعاصرة، إذ يتم استخدامها من جانب ملايين المستخدمين بصورة يومية لإيصال رسائل معينة أو لأهداف ترفيهية. إلا أن هذه المنصات، وتالياً المؤسسات التي أطلقتها، وقعت في مشاكل كبيرة من الصعب التعامل معها، إذ تواجه أخطاراً تُهدد «ثقافة» مستخدميها وسلامتهم من جانب بعض المستخدمين الذين يستخدمون خدمات البث المباشر لغايات أخرى. ولعل أبرز المشاكل التي تواجه تطبيقات البث المباشر يُمكن تصنيفها في ثلاثة محاور أســاسية، وإن لم تكن محصورة فيها، العنف، الإباحية وحقوق الملكية. وتعمل الشركات في شكل متواصل على إيجاد حلول لهذه المشاكل، خصوصاً أنها تعود إلى الظهور وفي شكل قوي بين فترة وأخرى. وتحاول هذه الشركات وعلى رأسها «فايسبوك» و «تويتر» التي تملك تطبيق «بيريسكوب» للبث المباشر، إضافة إلى الشركات الأخرى على جعل «المجتمع» الخاص بها أكثر أماناً من هذه المشاكل، ولو كان زخم هذا العمل يتفاوت من شركة إلى أخرى. ولعل الحادثة الأخيرة التي حصلت في ولاية كليفلاند الأميركية، خير دليل على هذه المعاناة، إذ قام ستيف ستيفنز بتصوير نفسه أثناء إطلاق النار على أحد الكبار في السن، ليعود ويعترف من خلال البث المباشر الخاص بـ «فايسبوك» بارتكابه الجريمة. وأتت هذه الحادثة قبل يومين فقط من المؤتمر السنوي الذي يُنظمه «فايسبوك» لعرض أحدث منتجاته (F8). هذه ليست الجريمة الأولى التي تحصل مباشرة على «فايسبوك»، إذ لا تزال قضية «عنف الشرطة» مطروحة بقوة في المجتمع الأميركي، خصوصاً بعد أن قامت صديقة فيلاندو كاستيل ببث اللحظات الأخيرة من حياته بعد أن أطلق عليه النار أحد أفراد الشرطة في مينيسوتا. وزادت نسبة الغضب في شكل كبير، بعد أن قامت «فايسبوك» بحذف الفيديو «الذي يُمكن أن يكون دليلاً على وحشية الشرطة» في التعامل وفق ما قالت حملات عدة، بسبب احتوائه على «مشاهد عنف». ولم تقتصر هذه الحوادث على «فايسبوك»، إذ كان لـ «بيريسكوب» نصيبه أيضاً. ففي تشرين الأول (نوفمبر) 2016، قام دينيس مورافيوف وصديقته كاتيا ويبلغان 15 عاماً فقط، ببث مقطع فيديو يظهرهما خلال إطلاق النار على سيارات الشرطة التي كانت حاصرت المنزل الموجودان فيه. وأظهرت اللقطات أيضاً كاتيا وهي تُوجه السلاح إلى رأس صديقها. وأشارت الشرطة لاحقاً إلى أنهما قتلا نفسيهما. كل ما سبق غيض من فيض ما يحدث يومياً على وسائل التواصل، خصوصاً البث المباشر، إذ غالباً ما تتصدر أخبار انتحار أحد الأشخاص على الهواء مباشرة عناوين نشرات الأخبار. ولهذه الغاية، تكافح الشركات وبقوة لمحاولة التعتيم على هذه الظاهرة، إذ أضافت تطبيقات البث المباشر كلها تنبيهات للمشاهدين تُمكنهم من إرسال تحذيرات للمحرر في حال وجود شخص يحاول الانتحار أو إيذاء أحد الأشخاص، ما يدفع المحرر إلى إلغاء حساب الشخص فوراً علّ رغبة الانتحار تخبو مع اختفاء المشاهدين. وأعلن مارك زوكربيرغ في المؤتمر السنوي الأخير عن عزمه على محاربة العنف وعمــليات القتل في موقــعه، وقال: «لا يزال لدينا الكثير من العمل لنقوم به، وسنستمر بالقـــيام بكل ما نستطيع القيام به للحؤول دون حدوث مأساة كهذه» في إشارة إلى حادثة إطلاق النار على المسن. وأضاف أن الموقع يعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي للمساعدة في الكشف عن هذه المحتويات وإلغائها. إلا أن سياسات الموقع لا تزال «بطيئة» في التعامل مع التقارير المتعلقة بحالات كهذه، إذ بقي فيديو بُث على «فايسبوك» لشخص في تايلاند يُدعى وتيسان وونغتالاي قتل طفلته قبل أن يقتل نفسه، نحو 24 ساعة قبل أن يتم إزالته. ولا تقتصر المشكلة عند هذا الحد، إذ تُشكل الإباحية في البث المباشر مصدر إزعاج للكثير من التطبيقات، إلا أن سياسة التعامل معها تختلف من موقع إلى آخر. وتُعتبر «فايسبوك» الأكثر تشدداً في التعامل مع هذه الظاهرة، إذ سرعان ما يتم إلغاء الحساب في حال تم الإبلاغ عن أيّ محتوى إباحي يتم بثه مباشرة، في حين أن تطبيق «بيريسكوب» يُعتبر أقل تشدداً على رغم وجود سياسة منع الإباحية ضمن شروط الاستخدام. ووصلت الحال ببعض المستخدمين، إلى بث جرائم الاغتصاب عبر هذه التطبيقات، إذ تعرضـــت فـــتاة في الخــامسة عشرة من عـــمرها لعـــملية اغتصاب جماعية في شيــكاغو بُثت مـــباشرة، في حين حكمت محكمة سويدية على ثلاثة رجال بالسجن بعد أن بثوا اغتصاب امرأة مباشرة عبر «فايسبوك» في استوكهولم. أما في ما خص حقوق الملكية، فتلك مسالة أخرى، إذ سبق لكلّ من «فايسبوك» و «تويتر» وحتى «غوغل» أن أضافت أدوات تُساعد الناشر وصاحب الحق على استعادة حقه من خلال الإبلاغ عن حالة سرقة فكرية، ولكن مع انتشار البث المباشر أصبحت الأمور أصعب قليلاً. وأصبحت الحفلات الموسيقية والندوات وكل ما يمكن أن يتم تصويره بصورة حصرية، عُرضة للتسريب من خلال هذه التقنية. وعلى سبيل المثل لا الحصر، انسحبت الفنانة اللبنانية نجوى كرم من مهرجان صفاقس التونسي بسبب قيام أحد الصحافيين ببثه على مواقع التواصل الاجتماعي مستخدماً تقنية البث المباشر. وسبق لآديل أن قطعت حفلتها لتنبيه إحدى المعجبات من استخدام الهاتف وتصويرها، في حين كانت آليسيا كاي أكثر عنفاً في التعامل مع هواتف المعجبين، إذ عمدت إلى إجبار من سيحضر الحفلة على وضع هاتفه داخل كيس صغير لا يُمكن فتحه إلا بأداة موجودة مع الأمن خارج المكان، الأمر الذي يؤدي إلى منعه من استعمال هاتفه طيلة فترة الحفلة. والحال، أن هذه المشاكل وغيرها، تستلزم القيام بخطوات جادة لمحاربتها نظراً إلى ما تُلحقه من ضرر بصري وثقافي على المجتمعات، فهذه المنصات لديها ما يفوق البليوني مستخدم، ما يعني أن أيّاً من هذه الحوادث عرضة للانتشار في العالم أجمع. وعلى رغم أن تقنية الذكاء الاصطناعي، لاقت بعض التطور في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال غير كافية لاكتشاف هذا النوع من الفيديوات، ما يضع الشركات في موقف محرج يُلزمها مراقبة المحتوى، ما يعني أن الخصوصية والأمن الإلكتروني عموماً أصبحا في مهب الريح. وحتى الساعة، لا تزال الطريقة الأسلم للحد من انتشار هذه الفيديوات هي بتحويل المستخدم إلى «أداة قمع»، فهو المتضرر الأول والأخير نظراً إلى أنه المتلقي المباشر، ما يعني أنه المخول الحكم على محتوى هذا الفيديو، وهو الأمر الذي تعتمد عليه اليوم في شكل رئيسي معظم هذه الشركات. ويبقى السؤال المحوري، هل ستتمكن هذه الشركات من مراجعة كل البلاغات المقدمة في فترة تضمن عدم انتشار الفيديو، أو عدم تنفيذ الجريمة، أو تمنع على طالب الانتحار متعة «المشاهدين»؟ الجواب الأرجح هو لا، ولهذا لا تزال هذه الفيديوات تنتشر.

مشاركة :