قبل أسبوع من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية، كثفت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن أمس الأحد (30 أبريل/ نيسان 2017) هجماتها العنيفة على منافسها مرشح الوسط إيمانويل ماكرون، في محاولة لكسب بعض النقاط على أمل الانتصار عليه الأحد المقبل. وبعد زيارة مفاجئة هذا الأسبوع إلى موظفي مصنع مهدد بالإغلاق فيما كان خصمها يقابل نقاباتهم، وضعت لوبن إكليلاً من الزهور في مرسيليا (جنوب) على نصب لليهود المرحلين في فترة الحرب العالمية الثانية، من دون إبلاغ الصحافة، قبيل تكريم مماثل مقرر لماكرون. وأكدت لوبن على قناة «بي إف إم تي في»، «أنا لا أتاجر بمناسبات إحياء الذكرى. هذه ليست فعاليات إنتخابية»، فيما نددت قريبتها النائبة ماريون ماريشال لوبن «بانتهازية» ماكرون. في باريس زار ماكرون نصبي ذكرى المحرقة النازية وشهداء ترحيل اليهود بمناسبة اليوم الوطني لذكرى ضحايا ترحيل اليهود. وقال في كلمة له بهذه المناسبة «أمامنا اليوم واجب مزدوج، واجب حفظ الذاكرة، وواجب العمل ألا يتكرر ذلك أبداً، عبر رفض أي تخاذل على المستوى الأخلاقي يمكن أن يغري البعض، وعبر رفض الإنكار الذي يلجأ إليه البعض الآخر». وتابع ماكرون «التكريم الذي أحمله اليوم هو لكل ضحايا الوحشية والتطرف». وبدا أن ماكرون يهاجم بشكل شبه مباشر حزب الجبهة الوطنية الذي أجبر رئيسه بالوكالة جان فرنسوا على الاستقالة قبل تيتك، بعد التركيز على كلام قديم له تضمن إنكاراً للمحرقة، الأمر الذي ينفيه هو. وقامت لوبن بزيارة غير مقررة إلى غاردان (جنوب) تركزت على الشئون البيئية حيث دافعت عن رؤيتها لـ «حركة بيئية حقيقية»، من أجل تكذيب استطلاعات الرأي التي تتوقع لها الهزيمة في 7 مايو/ أيار. إلا أن النائب المدافع عن البيئة في مدينة غاردان فرنسوا ميشال لامبار قال عن هذه الزيارة «جاءت لتوهمنا أنها تحولت للتو إلى مدافع عن البيئة». أما ماكرون (39 عاماً) المؤيد لأوروبا فهو عازم على الخوض في ميدان «القيم» الذي يسعى إلى تجسيدها في مواجهة حزب لوبن، الجبهة الوطنية، المناهض للهجرة ولأوروبا. إضاعة البوصلة مع اقتراب الدورة الثانية، تقلص الفارق قليلاً بين المرشحين حيث يحظى ماكرون بـ59 في المئة من نوايا الأصوات مقابل 41 في المئة لمنافسته. غير أن التحالف غير المسبوق الذي أقامته رئيسة حزب الجبهة الوطنية السبت مع نيكولا دوبون إينيان رئيس حزب «إنهضي يا فرنسا» السيادي الصغير، قد يعزز موقعها. وأعلنت لوبن أنها ستعين دوبون إينيان الذي حصل على 4,7 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى، رئيساً للوزراء في حال فوزها في الانتخابات. واعتبر داعم ماكرون، فرنسوا بايرو (وسط)، تحالف لوبن ودوبون إينيان «مؤشراً خطيراً جداً» بشأن بلد «أضاع البوصلة». ونفت المرشحة الأحد وجود أي «تناقض» في موقفها من اليورو، بعدما أكدت السبت في مشروع اتفاقها مع دوبون إينيان أن الخروج من منظومة اليورو الذي شكل أحد أبرز خططها في السنوات الأخيرة «ليس شرطاً مسبقاً لأي سياسة اقتصادية». وأوضحت في مقابلة مع صحيفة «لوباريزيان» أن البلد ستكون لديه «عملة وطنية» للاستخدام اليومي، فيما يبقى اليورو سارياً للتبادلات الدولية. وأبقت المرشحة الغموض بشأن مهلة هذا الانتقال النقدي، فيما تسعى إلى الطمأنة في إجراء يثير انقسام الرأي العام. في المقابل، ترد دعوات متزايدة من كل الجهات الفرنسية لحض الناخبين على التصويت لماكرون من أجل «حماية قيم الجمهورية». ورأى السكرتير السابق لجان مولان، أحد أبرز وجوه المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي، دانيال كوردييه في مقابلة أجرتها صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» أن انتخاب مارين لوبن سيكون أمراً «فظيعا». وقال كوردييه (96 عاماً) إن «لوبن في الحياة السياسية الفرنسية تمثل إنكاراً لكل ما قاتلنا من أجله». وتوجهت حوالى ستين جمعية ومنظمة غير حكومية إلى الفرنسيين الذين يعتزمون الامتناع عن التصويت، وخصوصاً أنصار المحافظ فرنسوا فيون وممثل اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، فدعتهم إلى التعبئة «في وجه كل الذين يدعون إلى رفض الآخر والانطواء على النفس». أما البابا فرنسيس فرفض توجيه أي نصيحة انتخابية ووصف لوبن السبت بأنها ممثلة «اليمين القوي» مضيفاً أنه لا يدري «من أين يأتي» ماكرون.
مشاركة :