لاقت جمعيات متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم انتقادات «لاذعة»، بعد إقامتها حفلات لتكريم حفظة كتاب الله في فنادق «فاخرة»، في خروج عن المألوف بإقامتها في المساجد التي تحتضن حلقات التحفيظ. ووضع المنتقدون هذه الخطوة في إطار «المباهاة»، وطالبوا بإعادة النظر في حفلات تخريج حفظة القرآن التي أصبحت تضاهي حفلات «المترفين»، ولم تعد مقتصرة على إجازة أئمة ومشايخ المساجد لحفظة القرآن، بحضور أولياء أمورهم والدعاء لهم بـ «الثبات والصلاح». الأمر الذي يعتبرونه «أكثر أجراً وفضيلة»، إلى عمل حفلات يتخللها إلقاء قصائد ترحيبية لا تمت بصلة لموضوع الاحتفال. واستحوذ الإعلان عن أسماء مسؤولين وداعمين رسميين لحفلات تخريج الحفظة على حيز من الانتقادات، وبخاصة عبارة أن «الحفلة تقام على شرف فلان»، وتعليق لافتات بأسماء الداعمين لهذه الحفلات. وقال أحد المنتقدين: «إن الناس يُشرَّفون بالقرآن، ولا يُشرَّّف بهم، وحافِظ القرآن إن كان حفظه لوجه الله فهو غنيّ عن التكريم»، موضحاً أنه «لو تم الترخيص بإقامة حفلات التكريم لحفظة القرآن، جاز إقامة حفلات مماثلة للذاكرين والمحافظين على الصلوات في المساجد». وأوضحت الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الدمام، أن حفلات تكريم الخريجين من حفظة القرآن «مقتصرة على الحفلة السنوية التي يتم فيها تكريم الحفطة». وأكّد المدير العام للجمعية محمد السويدان لـ «الحياة» أن هذه الحفلة غالباً ما تكون تحت رعاية أمير المنطقة. ولفت إلى أن حفلات تكريم حفظة القرآن في المساجد «تعتبر خاصة، إذ يحضرها روّاد المساجد وأعضاء الجمعية، ويتم التكريم للطلاب عامة، مؤكداً أن «حفلات الفنادق لا تزال موجودة»، إذ إن معظمها تكون على شرف الأمير، أو أحد المشايخ أو أحد الشخصيات المسؤولة في الجمعية أو وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. بدوره، قال أستاذ الفقه المشارك في جامعة أم القرى صالح الشملاني: «إن حفلات التحفيظ تدرجت من المساجد إلى الفنادق، وأصبحت إقامتها على شرف شخصيةٍ ما ليتم تسليط الضوء عليها، كما تتخللها القصائد لتضاهي حفلات المترفين». وأضاف في تغريدة عبر حسابه في «تويتر»: «وددت أن يُعاد النظر في حفلات حفظة القرآن»، مؤكداً على «صيانة كتاب الله عن هذه الأغراض الأرضية»، مطالباً بـ «الاكتفاء بإجازتهم والدعاء لهم». ولفت الشملاني إلى أن «حفاظ الصحابة لم يرد أنه تم تكريمهم بشيء سوى الإجازة والدعاء، إضافة إلى أنه لا ينبغي الإعلان عن إقامة حفلة لتكريم حفاظ القرآن على شرف فلان من الناس. لأن الناس يُشرّفون بالقرآن ولا يُشرّف بهم»، مضيفاً أن «حافظ القرآن إن كان يحفظه لوجه الله فهو غنيّ عن التكريم، وسيبارك الله له فيه، ويُوضع له القبول في الأرض، وإن كان لغير الله فهو أهون من التكريم». وأبدى أستاذ الفقه المشارك تفهّمه «لقول بعض الفضلاء بأن حفلات التكريم تُشجّع على حفظ القرآن»، موضحاً أن ذلك «قد يكون، لكن لو تم السماح بإقامة حفلات التكريم لحفاظ القرآن، فسيُفتح باب آخر، لإقامة حفلات مماثلة للذاكرين والصوّام، والملتزمين بالصلاة في المساجد، إذ إن التنافس يكون في طلب الآخرة، وليس في أمر من أمور الدنيا، وذلك الأمر الذي يُخشى حدوثه». هوساوي: لا إشكال في إقامة الحفلات خارج المساجد < رفض أستاذ علوم القرآن الدكتور عبدالرحمن هوساوي المطالبات، بإعادة النظر في إقامة حفلات تكريم خريجي حفظة القرآن الكريم، لأنها «داعمة ومحفزة». وقال: «من باب أولى إبراز القرآن، في بلد تُحترم فيه الشريعة والقرآن، وتقام فيها أعظم مسابقة على مستوى العالم لحفظ القرآن، وذلك يعتبر رافداً من روافد المسابقات، إضافة إلى أنها تجربة ويجب الاستمرار عليها». وقال هوساوي لـ «الحياة»: «إن البرنامج إذا كان في أصله ومقصده جيّداً، وتم إلقاء بعض القصائد التي لا علاقة لها بالموضوع، فيتم تنبيه القائمين على الحفلة، لتقديم قصائد ذات طابع ديني، ومحفّز ولها علاقة بالنشاط، مؤكداً أنه «لا يليق بالقرآن أن نأتي له بقصائد لا علاقة لها به». ولفت إلى أن إقامة مثل هذه الأنشطة في غير المساجد «لا إشكال فيه»، مشيراً إلى أنه حين إقامتها في صالات غير مبالغ فيها، ومن دون كلفة رُبما يجلب روّاداً غير روّاد المساجد يستفيد منهم، ويَفتح لهم مجالاً لحفظ القرآن أسوة بالخريجين، إضافة إلى دعم رجال الأعمال وكبار الشخصيات لمثل هذه الأنشطة مادياً ومعنوياً، لأن المشاركين في المساجد محصورون». تحفيظ القرآن الكريم حفاظ القرآنفنادق فاخرةالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن
مشاركة :