صندوق النقد الدولي : تراجع العجز المالي في دول مجلس التعاون

  • 5/3/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: عبير أبو شمالة قال جهاد أزعور، مدير منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا لدى صندوق النقد الدولي، إن الارتفاع في أسعار النفط العالمية، بعد اتفاق أوبك الأخير يسهم في تراجع مستويات العجز في الموازنات العامة للإمارات والدول المصدرة للنفط في المنطقة من متوسط 10% من إجمالي الناتج المحلي في 2015 و2016، إلى 4.25% في 2017.أضاف أزعور في مؤتمر صحفي في مركز دبي المالي العالمي أمس، إن هناك حاجة لمواصلة جهود الإصلاح في الدولة، والدول المنتجة للنفط في المنطقة، لافتاً إلى أن تحسّن أسعار النفط العالمية، الذي أسهم في تراجع العجز في ميزانيات الدول المصدرة للنفط في المنطقة، يجب ألا تؤثّر على جهود الإصلاح، متوقعاً أن يستقر سعر النفط العالمي عند 55 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط، أي لمدة من سنة إلى 3 سنوات. بلدان الصراع وقال التقرير إن موقف المالية العامة الأساسي، الذي يُقاس بالرصيد الأولي غير النفطي ويستبعد منه أثر تحركات أسعار النفط، شهد بالفعل تحسناً كبيراً في عام 2016، حيث انخفضت مستويات العجز الأولي غير النفطي بمقدار 5.25 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي في مجلس التعاون الخليجي وبمقدار 11 نقطة مئوية في الجزائر. وتحقق هذا التحسن نتيجة إصلاحات أسعار الطاقة وتخفيضات الإنفاق، فضلاً عن الزيادات في الإيرادات غير النفطية في بعض البلدان مثل الجزائر وعُمان والسعودية وإيران، حيث تم تيسير الموقف المالي قليلاً لدعم النمو غير النفطي، بينما تم تشديده في بلدان الصراع ككل.وتشير توقعات خبراء الصندوق إلى احتمالية انخفاض مستويات عجز المالية العامة في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى أقل من 1% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2022 وهو تحسن كبير مقارنة بعام 2016، شريطة استمرار تنفيذ الإصلاحات المالية الطموحة. تصحيح تدريجي وحول البلدان ذات الاحتياطيات المالية الكبيرة، مثل الإمارات والكويت وقطر، ذكر التقرير أنه يمكنها تصحيح أوضاعها بشكل تدريجي أكبر للحد من الآثار السلبية على النشاط غير النفطي؛ أما البلدان ذات الاحتياطيات الأصغر يلزم عليها التحرك بخطى أسرع، وأنه عند اختيار مسار محدد لضبط الأوضاع، ينبغي أن تعطي البلدان أولوية للتدابير المواتية للنمو مثل إجراء مزيد من الإصلاحات في أسعار الطاقة؛ والتخفيضات الإضافية في الإنفاق الجاري؛ والتدابير الرامية إلى زيادة الإيرادات، بما في ذلك تحسين الإدارة الضريبية.وتشير التقديرات إلى انخفاض عجز الموازنة الكلي التراكمي للسنوات الخمس بين عامي 2016 و2021 إلى 375 مليار دولار، مقارنة بمبلغ 565 مليار دولار وفقاً لما ورد في عدد أكتوبر/‏ تشرين الأول 2016 من تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي. ويتوقف هذا التحسن الكبير على الاستمرار في تنفيذ هذه الخطط المالية العامة الطموحة، وبدعم من الاتجاهات العامة المتوقعة لأسعار النفط. ومع التسليم بالحاجة إلى تحقيق التوازن بين السحب من الأصول وإصدار سندات الدين، تزايد لجوء بلدان المنطقة إلى استخدام الديون لتمويل العجز، وهو ما يتوقع استمراره في عام 2017. حيث بلغت إصدارات سندات الديون السيادية الخارجية 50 مليار دولار في عام 2016، بزيادة تجاوزت 5 أضعاف قيمتها في عام 2015، الأمر الذي ساهم بدور رئيسي في تمويل العجز الخارجي. تغيرات طارئة ولا تزال أوضاع الأسواق العالمية مواتية للبلدان المصدرة للنفط القادرة على النفاذ إلى الأسواق، ما سيشجع على الأرجح الاستمرار في إصدار سندات الدين الدولية، وعلى سبيل المثال، ارتفعت عوائد سندات مجلس التعاون الخليجي السيادية المحررة بالدولار الأمريكي بنحو 10 نقاط أساس بين 1 نوفمبر/‏تشرين الثاني 2016 و24 مارس/‏ آذار 2017، أي أقل بكثير من الزيادة البالغة 60 نقطة أساس في سندات الخزانة الأمريكية المعيارية لمدة 10 سنوات، غير أن الاعتماد على التمويل الخارجي عُرضة للتغيرات المفاجئة في العزوف عن المخاطر على مستوى العالم، لذا يتعين إدارة المخاطر ذات الصلة بصورة فعالة.ومن شأن إصدار سندات الدين المحلي أن يحد من المخاطر المتعلقة بالتمويل الخارجي، وأن يساعد على تطوير الأسواق المالية المحلية. ومع ذلك، يجب النظر بعناية في أي إصدارات محلية لتجنب مزاحمة القطاع الخاص في الحصول على الائتمان، وخاصة إذا كانت أوضاع السيولة ضيقة بالفعل.وشدد أزعور على أهمية العمل على تطوير أسواق رساميل إقليمية بصورة أكبر في المرحلة المقبلة. زيادة النمو من جهة أخرى يتوقع التقرير أن يتباطأ النمو في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان في 2017 بسبب تخفيضات إنتاج النفط المتفق عليها بموجب شروط اتفاق أوبك الأخير، وفي المقابل، رغم تفاوت الآفاق بين مختلف البلدان، من المتوقع أن يتسارع النمو الكلي في القطاع غير النفطي في عام 2017 مع تراجع وتيرة الضبط المالي.وتوقع زيادة النمو غير النفطي في بلدان مجلس التعاون الخليجي من 2% تقريباً في 2016 إلى 3% في عام 2017، في حين يتوقع تسارع وتيرة النمو غير النفطي في إيران من 0.75% في عام 2016 إلى نحو 3.5% في عام 2017. وفي المقابل، من المتوقع استمرار تباطؤ النمو غير النفطي في الجزائر.وفي البلدان المتأثرة بالصراعات، لا تزال التوقعات محاطة بقدر كبير من عدم اليقين؛ حيث يحركها الوضع الأمني وأثره على الإنتاج النفطي، كما أن نقص البيانات الموثوقة يتعذر معه تقدير وضع الاقتصاد غير النفطي. فقد زادت ليبيا من إنتاجها النفطي بشكل ملحوظ في نهاية عام 2016، مما عزز من توقعات النمو لعام 2017. وفاق إنتاج النفط في العراق التوقعات في عام 2016، ولكن ضيق الحيز المالي المتاح للاستثمارات المرتبطة بالنفط يعني ضعف الاحتمالات لزيادة النمو في إنتاج النفط على المدى القريب. تحديات خارجية وتوقع التقرير أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط وتصحيح أوضاع المالية العامة إلى إعادة الحساب الجاري الكلي للبلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى وضع قريب من التوازن هذا العام، غير أن التحديات الخارجية لا تزال قائمة، وسيسهم في تخفيفها؛ ذلك التصحيح المالي المتوقع الذي سبق تناوله بالنقاش، ففي بلدان مجلس التعاون الخليجي، نظراً لاعتمادها أسعار صرف ثابتة، ارتفعت أسعار الصرف الحقيقية بفضل تزايد قوة الدولار الأمريكي مؤخراً، مما أدى إلى خفض القدرة التنافسية وزيادة الطلب على الواردات. كذلك شهدت الجزائر ارتفاع أسعار الصرف الفعلية الاسمية والحقيقية في الأشهر الأخيرة. وفي إيران، لا تزال الاستعدادات جارية لتوحيد سعر الصرف. وقد تسبب الصراع الدائر في اليمن وليبيا في انخفاضات حادة في قيمة العملة في أسواق الصرف الموازية، مما يعكس المخاوف الأمنية ونقص العملات الأجنبية.وأوضح التقرير إن البنوك في المنطقة لا تزال تتمتع بمستوى جيد من الرسملة بوجه عام، غير أن مستوى الربحية آخذ في التراجع، واتسمت أوضاع السيولة بالضيق في معظم البلدان، لافتاً إلى تحسن وتيسير لافت في السيولة في الإمارات والسعودية في الأشهر الأخيرة.وقال التقرير إن أسواق الائتمان كانت بمأمن في البداية من تباطؤ نمو الودائع من جراء انخفاض أسعار النفط، بينما زادت البنوك التمويل الأجنبي بالجملة، واستعانت البلدان بأصولها الأجنبية فقد تباطأ نمو الائتمان بشكل كبير في عام 2016، وبالنسبة لما بعد عام 2016، قد تتراجع وتيرة الطلب على الائتمان نظراً لانعكاس ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على أسعار الإقراض، وتوقع أن تدعم استضافة «إكسبو 2020» الطلب على الائتمان في الإمارات. تعاف ٍ هش بحسب التقرير واستناداً إلى الإصلاحات السابقة، وتحسن الثقة، وتزايد الطلب الخارجي، فإن نمو الناتج آخذ في التعافي تدريجياً في معظم البلدان المستوردة للنفط في المنطقة. ولكن البطالة لا تزال مرتفعة بشدة، ولا سيما بين الشباب؛ وسوف تظل الصراعات وضغوط اللاجئين تلقي بظلالها على الآفاق الإقليمية؛ وستبقى المخاطر عالية. ولزيادة قدرة البلدان المستوردة للنفط على الصمود أمام الصدمات وتعزيز النمو الاحتوائي، يتعين على تلك البلدان مواصلة جهودها الرامية إلى تصحيح أوضاع المالية العامة مع حماية الإنفاق الاجتماعي والاستثمار العام اللذان يمثلان ضرورة ملحة. وسوف يقتضي النمو واسع النطاق والغني بفرص العمل أيضاً تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الإنتاجية. أزعور: خفض التضخم ضروري لإصلاحات مصر قال جهاد أزعور: إن خفض معدل التضخم في مصر الذي ارتفع لأعلى مستوياته في 3 عقود ضروري لإبقاء برنامج الإصلاح الاقتصادي بالبلاد على المسار الصحيح وتقليص عجز الموازنة.وأضاف: «نحن بحاجة لمعالجة التضخم، لأن عدم معالجته سيكون له أثر اجتماعي كبير، سيزيد ذلك أيضاً من صعوبة ضبط الموازنة بسبب الأثر السلبي على الدعم، إضافة إلى أمور أخرى، ما سيؤثر سلبا في قدرة الحكومة على المضي قدماً في برنامج الإصلاح، في ظل خطر نشوب موجة ثانية من التضخم.وتابع أزعور: «المراجعة التي يجريها صندوق النقد الدولي حالياً بالقاهرة فرصة للنظر في جميع السياسات التي تطبقها الحكومة»، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن تكتمل مراجعة خلال الشهرين القادمين، بما يتماشى تقريباً مع توقعات القاهرة.وقال عمرو الجارحي، وزير المالية المصري، في منتصف مارس/ آذار: إنه من المنتظر أن تحصل بلاده على الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي في مايو/ أيار أو يونيو/ حزيران. تحسن تدريجي في معدلات النمو اتسمت الفترة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية، والربيع العربي بصعوبتها بالنسبة للبلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، ورغم أن انخفاض أسعار النفط أتاح فرصة لالتقاط الأنفاس على مدار العامين الماضيين، فإن المخاوف الأمنية والصراعات الإقليمية لا تزال تؤثر في الثقة والنشاط، ما أدى إلى معدلات نمو تعذر عليها معالجة ارتفاع البطالة أو تحسين مستويات المعيشة، ومع ذلك، تشير المؤشرات الأخيرة إلى بدء حدوث تعافٍ تدريجي.

مشاركة :