تحليل: تتار القرم منقسمون بين مقاوم للحكم الروسي ومتعاون معه

  • 5/16/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد مرور 70 عاما على ترحيل أسرهم بشكل جماعي في عهد الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين يجد تتار القرم أنفسهم في مأزق محير: أيتعاونون مع السلطات الروسية الجديدة في منطقتهم أم يقاومونها؟ يخشى بعض التتار -المسلمين السنة أو المنحدرين من أصول أوروآسيوية- عودة القمع الاستاليني رغم الوعود الرسمية باحترام حقوقهم وحرياتهم بينما يرى آخرون أن التعامل مع روسيا هو أفضل السبل لضمان تحسن أوضاعهم. ويحتدم التوتر في المنطقة بعد أقل من شهرين على عودة حكم موسكو وقبل أن تحل يوم الأحد القادم الذكرى السنوية لترحيل تتار القرم في قطارات المواشي في عملية بدأت في 18 مايو أيار 1944. قالت ناريمان جيليالوف نائبة رئيس (المجلس) وهو الكيان الرسمي الذي يمثل تتار القرم "إما الحرب وإما التوصل لحل وسط. تلك هي لب المشكلة التي نواجهها. وإذا لم نتخذ موقفا موحدا فسنواجه خطر الانقسام والتهميش." يشكل التتار أكثر من 12 في المئة من سكان القرم الذين ينحدر أغلبهم من أصل روسي والبالغ عددهم نحو مليوني نسمة وهم من أشد منتقدي القرار الذي أعلنته روسيا في مارس آذار الماضي بضم المنطقة التي كانت خاضعة من قبل لحكم أوكرانيا. وترى روسيا أن قرار الضم ما هو إلا تصحيح لخطأ تاريخي وتصفه بأنه "إعادة وحدة" مع منطقة لم يسلمها الزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف لأوكرانيا إلا في عام 1954. لكن التتار -الذين تقع عاصمتهم التاريخية باختشيساراي على مسافة قريبة من مركز المنطقة الحديث سيمفروبول- يعيدون تذكير موسكو بأنهم حكموا أجزاء كبيرة من القرم لقرون قبل أن تغزو الإمبراطورة كاترين الثانية امبراطورة روسيا شبه الجزيرة المطل على البحر الأسود في أواخر القرن الثامن عشر. اتهم ستالين التتار بالتعاطف مع ألمانيا النازية وهلك كثيرون من بين ما يقدر بنحو 200 ألف شخص تم ترحيلهم في رحلة الذهاب للمنفى في وسط آسيا وشرق روسيا. وفي السنوات الأخيرة فقط من عمر الاتحاد السوفيتي بدأ بعض التتار يعودون إلى القرم في الثمانينات. وقاطع كثير من التتار الاستفتاء الذي أجري في 16 مارس آذار وتقول السلطات المحلية إن 97 في المئة من المشاركين فيه أيدوا الانضمام لروسيا. وسخرت أوكرانيا والدول الغربية من الاستفتاء ووصفته بأنه غير مشروع. ولا يزال التتار يرفعون علم أوكرانيا على مجلسهم رغم أن وحدات "دفاع عن النفس" مؤيدة لروسيا ترددت عليه ورغم تهديدات المدعي العام في المنطقة بإغلاق المجلس. وقالت جيليالوف "اعتدنا الصراع الدائم. نحن لا نثق في السلطات الروسية. ولماذا ينبغي علينا أن نثق بها؟ هي تعارض تتار القرم دائما." ويقول مصطفى جميلييف زعيم المجلس السابق والذي كان من رموز المعارضة خلال العهد السوفيتي إنه ممنوع عليه أن تطأ قدمه تراب القرم. جماعات سعيدة بالتخلص من كييف المجلس هو أكبر تنظيم لتتار القرم لكن هناك جماعات أصغر سعيدة بأن موسكو ضمت المنطقة تحت لوائها. إحدى هذه الجماعات جماعة (ملي فرقة) التي قالت إن أوكرانيا لم تفعل الكثير لتسوية أوضاع تتار القرم خلال السنوات الثلاث والعشرين التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي. وقال وصفي عبد الرحيموف رئيس الجماعة "خلال أقل من شهرين فعلت روسيا لتتار القرم ما هو أكثر بكثير مما فعلته أوكرانيا على الإطلاق. كييف حتى لم تتذكر أننا موجودون إلا بعد أن أصبحت القرم جزءا من روسيا." ومنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الآونة الأخيرة عبد الرحميوف وسام "الخدمات أمام الوطن الأم" من الدرجة الثانية لدعمه الانضمام. ومن بين الأسباب التي قال عبد الرحيموف إنها دفعته لدعم الإدارة الروسية إدراكه أن القرم ستكون تحت حماية "قوة ذات بأس واحترام" وكذلك مرسوم رئاسي يجعل لغة تتار القرم إحدى ثلاث لغات رسمية في شبه الجزيرة إلى جانب الروسية والأوكرانية. وتقول جماعة (ملي فرقة) إن المجلس ما هو إلا مشروع غربي الهدف منه إدماج تتار القرم في أوروبا وليس في الاتحاد الأوراسي الذي يعتزم بوتين إنشاءه ليضم الجمهوريات السوفيتية السابقة. قال عبد الرحيموف "نعتقد أن من الأفضل لنا أن ننظر شرقا إلى أوراسيا خاصة وأن مركز التنمية الاقتصادية العالمية يتحول تدريجيا إلى دول مثل الصين والهند." وتقول جيليالوف إن المجلس وجماعة ملي فرقة لديهما نفس الأهداف التي تتمثل في النهوض بشعب تتار القرم واحترام حقه في حرية التعبير والتعلم بلغته وحقوق الملكية والتمثيل الحقيقي في الحكومة لكن الطرق التي ينتهجها كل منهما مختلفة. رفع العلم قال رستم تميرجالييف نائب رئيس وزراء القرم لرويترز إن روسيا تعامل التتار الآن "بأسلوب منفتح وديمقراطي تماما" وإنهم حصلوا على مناصب وزارية في الحكومة الأخيرة. وقال "روسيا تضمن أن كل حقوق تتار القرم وحرياتهم ستحترم." ويعبر المجلس عن أمله في أن يتلقى قريبا إذنا رسميا للقيام بمسيرة تجوب شوارع وسط سيمفروبول بمناسبة ذكرى الترحيل يوم الأحد لكن الحكومة تصر على ألا يرفع التتار علم أوكرانيا وألا ينتقدوا الضم. وبعد المسيرة السنوية يتبنى المجلس عادة قرارا يتضمن مطالبه للسلطات المحلية. قالت جيليالوف "ماذا سنقول هذا العام؟ البعض يريد إحضار قوة حفظ سلام لحمايتنا بينما هناك من هم أكثر قلقا بشأن المشاكل اليومية مثل الإسكان." وخلال زيارة إلى باختشيساراي في الآونة الأخيرة عزف كثيرون عن التعبير عن وجهات نظرهم قائلين إنهم يخشون الاضطهاد إن هم عبروا عنها. وقال رجل في منتصف العمر مكتفيا بذكر اسمه الأول آدم "لا فهم للديمقراطية في روسيا بينما كان بمقدورنا في أوكرانيا الدفاع عن مصالحنا. الروس يرفضون الاعتراف بأننا الشعب الأصلي هنا .. نحن وليس هم." وقال آدم إن السلطات الجديدة تحاول عن عمد شق صف التتار مضيفا "بدأ الناس الآن يسألونني إن كنت أؤيد جميلييف أم زعيم المجلس الحالي أم أي جماعة أخرى." ومن أمام مسجد في سيمفروبول قال أكيم وهو من أرباب المعاشات إن الشكوك المحيطة بكيفية سير الحياة في ظل الحكام الجدد هي أكثر ما يقلق التتار. وقال إن الحياة لم تكن سهلة خلال حكم أوكرانيا مضيفا "لم يبنوا طوال 20 عاما مدرسة ولم ينشئوا نظام صرف صحي في منطقتنا. هذا لأن من المعروف أن هذه منطقة التتار." وطلب أيضا الاكتفاء بذكر اسمه الأول. وتابع حديثه "لكن علاقتنا مع الروس أسوأ. نحن نعرف يقينا من الذي قام بترحيل أسرنا في عربات المواشي ولا نعرف ما سيحدث هذه المرة."

مشاركة :